كيف يقال للنبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة عن الصحابة إنه ارتدوا القهقرى؟ |
|
السؤال:
ما معنى هذا الحديث : قال صلى الله عليه وآله: بينا أنا على الحوض عرضه ما بين بصرى إلى العدن إذ يجاء بقوم من أصحابي فيجلسون دوني ، فأقول : يا رب أصحابي . فيقال : لا تدري ما أحدثوا بعدك ، . إنهم لا يزالوا على أعقابهم القهقرى. و كيف يكونوا من صحابة الرسول و يرجعون القهقرى و من هم؟
********************
جواب الشيخ:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحديث رواه البخاري : عن ابن عباس قال : قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال إنكم محشورون حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده الآية وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح ، وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلى قوله الحكيم ، قال : فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم ) . والحديث يخبر عن كلام النبي صلى الله عليه في الاخرة ، فهو يقول في الاخرة عندمايراهـــــــم : ( أصحابي ) ، ومعلوم أن الاخرة ينقطع فيها الوحي ، بل نقطع الإيمان بكل الغيب ، ويصبح الايمان كله شهادة لاغيبا ، فهي دار حساب ، لاتكليف .
والمقصود أنـه يكون إخبار النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت ، إخبارا عن ظنه ، ليس إخبارا عن وحي معصوم ، أي ظن أنهم أصحابه ، لانه رآهم في الدنيا مسلمين ، ولكنهم يكونون من الذين ارتدوا بعده ، فليسوا من أصحابه في الحقيقة ، ولهذا يقال له إنهم ارتدوا بعدك القهقرى أي : فهم ليسوا أصحابك كما ظننت ، أنهم المرتدون بعدك ، ومعلوم أن كثيرا من قبائل العرب ارتدت بعد موته صلى الله عليه وسلم ومنهم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ارتد ومات في حروب الردة .
--------
ومعلوم أن الصحابي لايقال له صحابي إلا إذا مات على الإسلام ، والصحابة المعروفون الذين رووا عنه الحديث ، وعرفوا بصحبته ، ونقلوا سنته ، وتشرفوا برؤيته مؤمنين به ، مناصرين له ، كلهم ماتوا على الاسلام، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين نالوا شرف الصحبة ، أما الذين ارتدوا وماتوا على الردة فليسوا من الصحابة ، ولاينطبق عليهم تعريف الصحابة ، وهم هؤلاء الذي ذكروا في هذا الحديث ، وفي بعض الاحاديث أنه صلى الله عليه وسلم يعرفهم ثم يردون عنه صلى الله عليه وسلم فهؤلاء هم الذين ارتدوا عن الاسلام .والله أعلم
------------
وننقل فيما يلي بعض ما قاله ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري :
( قال الفربري ذكر عن أبي عبد الله البخاري عن قبيصة قال : هم الذين ارتدوا على عهد أبي بكر فقاتلهم أبو بكر يعني حتى قتلوا وماتوا على الكفر .
وقد وصله الإسماعيلي من وجه آخر عن قبيصة .
وقال الخطابي : لم يرتد من الصحابة أحد وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب ممن لا نصرة له في الدين وذلك لا يوجب قدحا في الصحابة المشهورين .
ويدل قوله " أصيحابي " بالتصغير على قلة عددهم .
وقال غيره : قيل هو على ظاهره من الكفر والمراد بأمتي أمة الدعوة لا أمة الإجابة ، ورجح بقوله في حديث أبي هريرة " فأقول بعدا لهم وسحقا.
ثم قال : ( وقال النووي , قيل هم المنافقون والمرتدون فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل لكونهم من جملة الأمة فيناديهم من أجل السيما التي عليهم فيقال إنهم بدلوا بعدك أي لم يموتوا على ظاهر ما فارقتهم عليه .
قال عياض وغيره : وعلى هذا فيذهب عنهم الغرة والتحجيل ويطفأ نورهم .
وقيل لا يلزم أن تكون عليهم السيما بل يناديهم لما كان يعرف من إسلامهم .
ثم قال : ( ورجح عياض والباجي وغيرهما ما قال قبيصة راوي الخبر إنهم من ارتد بعده صلى الله عليه وسلم ولا يلزم من معرفته لهم أن يكون عليهم السيما لأنها كرامة يظهر بها عمل المسلم ، والمرتد قد حبط عمله فقد يكون عرفهم بأعيانهم لا بصفتهم باعتبار ما كانوا عليه قبل ارتدادهم ولا يبعد أن يدخل في ذلك أيضا من كان في زمنه من المنافقين وسيأتي في حديث الشفاعة " وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها " فدل على أنهم يحشرون مع المؤمنين فيعرف أعيانهم ولو لم يكن لهم تلك السيما فمن عرف صورته ناداه مستصحبا لحاله التي فارقه عليها في الدنيا) .
والله أعلم
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006