كلما تبت عدت إلى الذنب فماذا أفعل

 

السؤال:

سائلة تقول في قصة طويلة عن حياتها حاصلها أن كلما تابت من الذنوب عادت إليها ، وأن لها ذنوبا في ماضيها كبيرة ، ويوسوس لها الشيطان ان الله تعالى لن يقبل توبتها ، وأن زوجها الصالح الذي لايعلم عن ماضيها شيئا لايصلح لها ، وان عليها التطليق منه ، لانها منافقة ، وتطلب النصيحة

******************

جواب الشيخ:


الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد
أما التوبة فإن الله تعالى يقبل توبة العبد مهما بلغت ذنوبه ، وقد صح في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالي يقول ( من عمل حسنة فله عشر أمثالها وأزيد ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو أغفر ومن عمل قراب الارض خطيئة ثم لقيني لايشرك به شيئا جعلت له مثلها مغفرة ومن تقترب إلى شبرا تقتربت إليه ذراعا ومن تقترب إلى ذراعا تقتربت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هروله ) رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه
ــــــــــــــــــــــ
والحديث يدل على أن مغفرة الله تعالى أوسع من ذنوب العباد مهما بلغت ، وأن كل ذنب يغفره الله تعالى إذا تاب العبد منه ، وقد كان قوم النبي لوط عليه السلام أشد الناس جرما فلم يمنعه ذلك من دعوتهم إلى التوبة ، وفي الحديث الصحيح التائب من الذنب كمن لاذنب له
وكما قال الشاعر
تعاظمني ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربي كان عفوك اعظما
ـــــــــــــــــ
والناس في التوبة ثلاثة أقسام
قسم يتوبون من الذنوب ثم لايعودون إليها ويستمرون في الثبات إلى الممات فهؤلاء في أعلى درجات التائبين
ـــــــــــــــــــ
والقسم الثاني يعودون إلى الذنوب ولكنهم يتوبون من الذنب كلما وقعوا فيه فهؤلاء في صراع مع الشيطان تارة يغلبهم وتارة يغلبونه والحسنة لهم والسيئة عليهم خلطوا عملا صالحا وأخر سيئا ، وخير لهم أن يصارعوا الشيطان وشهوات أنفسهم من أن يستسلموا وييأسوا من مغفرة الله تعالى ورحمته ويتركوا التوبة وينتكسوا في المعاصي .
وعليهم أن يتوبوا كلما أذنبوا ذلك أن باب التوبة مفتوح مالم يعاين العبد الموت ويتقينه أو تخرج الشمس من مغربها ، وعليهم أن يلجأوا إلى الله تعالى دائما ليعصمهم من كيد الشيطان ويقويهم على أنفسهم
ــــــــــــــــــ
القسم الثالث يتوبون ثم يعودون إلى المعاصي ثم يبلغ بهم اليأس مبلغا أن يبقوا في انتكاستهم وشراك الشيطان ويتركوا تجديد التوبة وهؤلاء هم الخاسرون الذين خسروا المعركة مع الشيطان والنفس الامارة بالسوء وجعلوا أنفسهم أسرى لشهواتهم وسجناء للشيطان والعياذ بالله تعالى ، فالحذر الحذر من أن يجعل العبد نفسه في هذا القسم الثالث ومن فعل ذلك فقد حكم على نفسه بالخسران المبين
ــــــــــــــــــــــ
وأنصح السائلة أن تبقى في جهادها فكلما أذنبت تابت ، ولاتعطي الشيطان فرصة أن ينقلها إلى القسم الثالث ، وذلك بأن يوسوس لها بانها لاتستحق مغفرة الله وأنها منافقة وأنها لاتستحق زوجها وأنها لن يغفر الله لها وأنها قد أكثرت على الله تعالى بالوقوع بالذنب والتوبة ، فهذا كله جزء لايتجزء من حيل الشيطان لانزالها من القسم الثاني إلى القسم الثالث الخاسر ، فالحذر الحذر من الانخداع بهذه الخدعة الشيطانية ، فهذه همسات أبليسية ونفثات خبيثة هدفها أيقاع العبد في اليأس .
ــــــــــــــــــــ
والواجب على السائلة أن تتطلع إلى الترقي إلى القسم الاول ، وأن تجعل ذلك أمنيتها وهدفها النهائي ، وتسعى إليه بكل سبيل ، بتقوية الايمان والاقبال على القرآن وكثرة النوافل وصحبة الصالحات وكثرة الاستغفار وإحياء آخر الليل بالدعاء والصلاة واللهج بذكر الله تعالى دائما ، وستصل إن شاء الله تعالى يوما من الايام إلى أعلى الدرجات ، ومن صبر وصابر بلغ مراده بتوفيق الله تعالى مهما طال الزمن ، المهم قطع سبيل اليأس من رحمة الله تعالى ، وشحذ الهمة دائما إلى العودة إلى الله تعالى كلما ابتعد المذنب بذنبه عن ربه ، فالله تعالى لايمل حتى يمل العبد ، ولا يبخل بالمغفرة لمن أقبل عليه مهما كثرت ذنوبة قال تعالى ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) والله أعلم
ـــــــــــــــــــ




الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006