أريدك أن تكون شجاعا وتقول بصراحة لماذا ترفض الحرب على العراق ؟ |
|
السؤال:
أستميحك عذرا ، ولكني أريدك أن تكون شجاعا وتقول بصراحة : لماذا ترفض الحرب الامريكية على العراق ، وهل صحيح أن من أهداف الغزو الامريكي للعراق الاجهاض على انتشار موجة التدين فيه ، بعض الناس يقولون إن الاستعمار الامريكي لايعارض الاسلام ، فلماذ تخافون من استعمار أمريكي على العراق ، ونلاحظ تخبطات كثيرة في مواقف الاسلاميين في الكويت ، فما هوالسبب في رأيك ؟
**********************
جواب الشيخ:
بالتأكيد ، هذا جزء من أهداف هذه الحملة على العراق ، وإنهاحقيقة مؤكدة لا مجال للشك فيها إن الجيش الامريكي والبريطاني ليس سوى أداة لتنفيذ مخطط يهودي خبيث ، وأن أثر هذا المخطط أطول مدى ، وأشد ضررا ، وأعظم فسادا على الامة من بقاء نظام صدام الذي كان يتآكل تحت حصار ومراقبة دولية ، وقد انتشر الالتزام والتدين في العراق بشكل لم يحصل من قبل ، حتى قال كثير من أبناء الحركة الاسلامية هناك : إن فترة التسعينات في العراق هي الفترة الذهبية بالنسبة لرجوع الناس إلى الاسلام ، وهذا بلاريب بسبب الموجة العامة للصحوة الاسلامية في البلاد الاسلامية وليس في العراق فحسب ، فلاينسب هذا الفضل للحزب الحاكم في العراق ، بل هي موجة عارمة تجتاح العالم الاسلامي .
ثم قد ظهر الجهاد الإسلامي الكردستاني في العراق وانتشر الحجاب ، والنقاب ، وعمرت المساجد بأهل الصلاة ، هذا مؤكد ، وسيكون جزء مهم من الأهداف الامريكية البريطانية الصهيونية تشتيت هذا الاتجاه إلى الإسلام ، والقضاء عليه ، ولو على المدى البعيد ، في ظل الهيمنة الامريكية بعد تغيير النظام في بغداد .
ــــــــــــــ
ومن المعلوم أنه لاشك ولاريب أن إزالة الوضع الحالي في العراق ، وجعل مكانه حكومة عميلة ستحقق كل مخططات اليهود وتكون في خدمة أهداف الكيان الصهيوني في المنطقة ، أن ضرر ذلك أعظم بكثير جدا ، من بقاء النظام العراقي على ماهو عليه.
ــــــــــــ
وإنه لمن المؤسف أن تطغى غريزة الانتقام العمياء على بعض الكويتيين ، فينسون أنهم الآن يفرحون بما قد يبكون بسببه دمــا في المستقبل ، حسرة على دين الأمة الذي هو أغلى ما تملكه ، ولكنهم لايشعرون ، مع أننا نسأل الله تعالى أن يخيب ظن المخططين لهذه الحروب المدمرة من أعداء الامة ، وينقلب تدبيرهم تدميرا عليهم آمين .
ــــــــــــــ
وأما من زعم أن الوجود الامريكي لايقضي على الاتجاه إلى الإسلام بالضرورة في البلاد التي يسيطر عليها ، فهذا ضرب من الغفلة ، بل يحصل ذلك : إما بحكومات مستبدة أحيانا ، ونحن نرى كثيرا من الحكومات المستبدة التي ترعاها أمريكا ، وترضى عنها ، تحارب التوجه الاسلامي أشد المحاربة ، كالجيش التركي على سبيل المثال ، والامثلة كثيرة لاتخفى .
وإما بتغريب تدريجي يسلخ المجتمعات من دينها ، وانتماءها الإسلامي شيئا فشيئا ، ببث التخريب الاعلامي والثقافي والفساد الاخلاقي ، وتمييع حدود الاسلام ، وإزالة معالم الولاء و البراء ، حتى إذا ذهب الجيل الذي كان يعتز بهويته الاسلامية ، ويلتزم ـ ولو نوعا ما ـ بالإسلام ، جاء بعد ذلك ـ في ظل الهيمنة الامريكية ـ جيل ممسوخ ثقافيا وأخلاقيا وروحيا ، يحمل بذور الثقافة الامريكية المهترئة التائهة المدمرة لروح الانسان وعقله . ويجب أن نعلم أن هذه السياسات يظهر أثرها في قياس الاجيال ، ومن الواضح أن المصاب بقصر النظر لن يرى هذه الحقيقة البتة . وكثيرا ما توظف السياسة الامريكية المخربة للمجتمعات التي تهيمن عليها ، إسلاما أمريكيا مشوها خانعا ، أقرب إلى العلمنة التي تفصل الدين عن الحياة منه إلى الاسلام الحقيقي الذي نزل به القرآن ، حتى يصلوا في النهاية إلى صيغة للاسلام لاتخرج عن عبادة المسجد والعلاقة الروحية الشخصية بين الانسان وما يعتقد . أما على الصعيد السياسي فلا تسأل عن تسخير شامل يحصل بالتدريج لسياسة المجتمع الذي تهيمن عليه أمريكا لصالح الكيان الصهيوني .
ـــــــــــــ
ومن المهم هنا أننا يجب أن نلحظ الفرق بين حرب الخليج الثانية ، حيث حرص بوش الاب أن تكون تحت مظلة الامم المتحدة ، وباسمها ، فاضطرت أن يكون هدفها المعلن إعادة ماكان قبل الثاني من آب 1990 فقط .
وبين هذه الحرب التي جاءت ناقضة للنظام الدولي ـ غير مأسوف عليه ـ وقد تورطت فيها الكويت على الصعيد السياسي في المشاركة في شن حرب على دولة أخرى مخالفة لميثاق الامم المتحدة ، وميثاق جامعة الدول العربية ، وقرارات القمة العربية !! ـ نقول هذا على صعيد ذكر واقع الحال فحسب ـ وستأتي هذه الحرب بحكومة جديدة مصنوعة في واشنطن ، تضمن تحقيق أهداف جديدة ، تناسب المرحلة الامبريالية الجديدة التي ستوضع في خدمة الاهداف الصهيونية بالكامل في المرحلة القادمة.
ثمة فرق كبير بين عودة ما كان إلى ما كان في الحرب السابقة ـ رغم أن أمريكا قد حققت وتحقق كثيرا من المكاسب لقيادتها التحالف الدولي في حرب الخليج الثانية ـ وبين صنع وضع جديد في العراق ، وضع أمريكي خالص ، قياساته أمريكية صهيونية خالصة ، ويأتي بعد مأزق الكيان الصهيوني بسبب الانتفاضة لإنقاذه ، وفي ظل تصريحات أمريكية كثيرة ، تصرح بانها عازمة على إحداث تغييرات في المنطقة كلها لصالح سياساتها المرتبطة تماما بسياسة الكيان الصهيوني ، وسوف نرى كيف ان سوريا ، وإيران ، ثم السعودية ستواجه كلها هذه الخطـط ، وسيقول الجميع حينئذ ( أكلت يوم أكل الثور الابيض ) !!!.
وإن ثمة خلطا كبيرا في الاوراق في بعض الاوساط الكويتية ، حتى الاسلامية ، وتداخلا وارتباكا بين معطيات الحرب السابقة والحالية ، يصاحب ذلك طغيان عاطفة الانتقام العمياء ، وعمى عن رؤية المستقبل ، أدى ذلك كله إلى هذا التخبط التي تراه في المواقف ، وقد نصحت الجميع بقراءة الدراسة التي وضعها الاستاذ محمد أحمد الراشد بعنوان دراسة شرعية وسياسية للقضية العراقية ، ونشرتها في موقعي في ركن تحت المجهر ، فإنها موضحة تماما لما يجري من رؤية شخصية إسلامية عراقية تتمتع بإحاطة واسعة بالشأن العراقي ، فارجع إليها أيضا ، وأخيرا فلانملك إلا أن نقول ، ونحن نرى هذا التخبط في الاوساط الثقافية الاسلامية في الكويت ، وظهور قصر النظر ، واضطراب الولاء ، وإيثار المصالح الحزبية والشخصية على المصلحة العامة للأمة الاسلامية : إنا لله وإنا إليه راجعون .
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006