هل صحيح ما ساذكره ؟ وما الرد عليه ؟ وهل يوافق عليه الشرع ؟ قول قائل : (( يجب أن نراعي عمر الطالب والقيم التي يحتاجها بشكل يتناسب مع عمره، فيجب ألا يتم تعليم الأطفال في الروضة والمرحلة الابتدائية العقائد والغيبيات لأنها لا تتناسب مع عمره..)) ؟؟

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
 
هذا الكلام لايقوله مسلم ، ومن قال :  لايصح تعليم الأطفال الممّيزين الإيمان بالله تعالى ، وعقائد الإسلام ، يستتاب فإنْ تاب وإلاّ حُكم عليه بالردّة ، بانت منه زوجته ، وجرت عليه سائر أحكام الردة ، بإتفاق العلماء ، فالإيمان بالله تعالى  أول واجب ، وفرضٌ بإتفاق العلماء تعليمه للأولاد .
 
 وكذا الإيمان بسائر أركان الإسلام من الإيمان بملائكه الله ورسله ، واليوم الآخر ، وقدره ، وهي أركان الإيمان، وهذا التعليم إنما هو تأكيد وترسيخ لما هو مركوز في فطرة الإنسان من الإيمان أصـلا  ، كما في الحديث ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه ) .
 
 فالإيمان بالله تعالى ، وهو أعظم الإيمان بالغيب الحق ، مفطورٌ عليه العبد أصلا ، وقـد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم الأولاد الصلاة لسبع ، وهـي ، وكلّ مافيها ،  وكلّ العبادات في الإسلام ، وكلّ الدين ، قائم على الإيمان بالغيــب كما قال تعالى ( ألم ، ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين ، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون )
 
وليس ثمة أمر أنفع،  ولا أعظم بركة ،  ولا أزكى ثمرة ، ولا أجلّ تأثيرا على نفس الطفل من تعليمه الإيمان بالله تعالى ، وأركان الإيمان ، وأن يكون أوّل ما يُغرس في قلبه هذا الإيمان العظيم الذي به تزكو نفسه ، ويطهر قلبه ، وينشرح صدره ،  وتتنوّر بصيرته ، ويصلح عمله ،  وأخلاقه .
 
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلّي بأصحابه فيقرأ فيهم القرآن ، وفيه الإيمان بالغيب ، ويصلّي وراءه الكبار والصغار ، ويخطب في أصحابه ويسمعه الكبار و الصغار ، فيتعلمون منه العقائد وغيرها ، ومنهم من سمع منه صغيرا ، وبلّغ كبيرا ، وكان من أشهر رواه الحديث ، كابن عباس رضي الله عنهما ، وغيره ،
ومن المشهور تعليمه ابن عباس رضي الله عنهم هذه الكلمات :  ( ياغلام إني أعلمك كلمات ، احفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فأسأل الله ، وإذا استعنت بإستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك ، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) .
 
وكان أصحابه من بعده كذلك يعلمون الأولاد دين الإسلام عقائد وأحكاما ،
 
 ولم يزل المسلمون جيلا إثر جيل يربّون أولادهم على مفاهيم دينهم ، ورأسها الإيمان بالعقائد الإسلامية ، فإنبعثت منهم خير امة أخرجت للناس ، واستنار بشعاع حضارتهم الراقية كل العالمين ، واشرقت بشمس معارفهم كلّ الدنيا ، فعم خيرهم وبركاتهم البشرية جمعاء .
 
حتى نبتت في الإسلام نابتة سوء ،  من الزنادقة الذين ملأت قلوبهم زبالات أفكار الغربيين الملحدين ليسوا على الهدى في كثير ولا قليل، وإغترت عقولهم بخرافات عقول فلاسفة أوربّا الذين ضلوا سواء السبيل ، يرددون كالببغاوات شعارات وما هي إلا الضلالات ،
 
والعجيب من أمرهم ، والغريب في شأنهم ، أنّهــم يعلمون أن الأطفال يطّلعون في وسائل الإعلام المنحرفة ، ويرون في أفلام السينما المفسدة وغيرها ، وفي الصور المتحركة التي تصدرها الشركات الغربية المنحلّة ، من العقائد الخرافية الكافرة ، والمؤثرات الخبيثة المبنية على الخيال الملحد ، من الكذب والإفتراء المبني على إيمان بغيب لاحقيقة له ،
 
ومع ذلك فإنّه لايصدر منهم أي نقد لهذا كله ، ولا يوجّهون جهودهم لحربها ، ولا يحركون ساكنا لقطع دابرها ، مع أنها أفسد شيء لعقول الناشئة في بلادنا ، وأتلف شيء لأخلاقهم ، حتى أنتجت فيهم عبدة الشيطان !!
 
فإذا جاء الإيمان بالغيب الحق ،  الذي يدعو إليه القرآن الحق ، ونطق به لسان المبعوث بالصدق ، وبه تنـزاح تلك العقائد الكافرة التي يتلقفها الأطفال من وسائل الإعلام في زمن ثورته ، وبـه تصلح عقولهم ،  رفعوا عقيرتهم الآثمة بالكذب والإفتراء على دين المرسلين ، وحاربوا منهج الموحدين المصلحين !
 
فهؤلاء كما وصفهم الله تعالى ( ألا أنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون ) ، وليس العقائد الإسلامية إلا الصلاح والفلاح والخير والسعادة
 
وقد وصف الله تعالى ما جاءه به الرسول صلى الله عليه وسلم ، بأنه النور ، والهدى ، والشفاء ، والموعظة لما في الصدور ، والخير ، والصلاح ، والفلاح ، وكل ذلك يكون تأثيره النافع في النفس البشرية في حال تشكّلها الأول عظيما جدا .
 
وقد قال الحق سبحانه ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم ، بالمؤمنين رؤوف رحيم).
 
وقال ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) .
 
وقال ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه )
 
وقال (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ).
 
وقال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ) .
 
هذا وننبه هنا إلى هذا لايعني أن لايراعى سن الطفل في تعليم العقائد ، بل الواجب تبسيطها له حتى يفهمها عقله الصغير ، بأسلوب سهل مناسب لعمره ، إما إنكار تعليمها للأطفال مطلقا فقد بينا حكمه والله أعلم .
 
 

الكاتب: معلم
التاريخ: 20/01/2007