الدليل على إيجاب الدم في الحج ، والانابة في الرمي ، ومنع الرمي قبل الزوال؟ |
|
السؤال:
لدي بعض المسائل التي أود من شيخنا الأجابة عليها حفظه الله ،وهي كالتالي :
أولا : أثر ابن عباس في وجوب الدم على من ترك واجبا من واجبات الحج لم يثبت عنه
،وقد قال في ذلك الصنعاني رحمه الله تعالى : " إيجاب الدم لم ينهض دليله " وقال
" اعلم أن إيجاب الدم في هذه الأفعال والتروك في الحج لم يأت به نص نبوي ،وإنما
روي عن ابن عباس ،ولم يثبت عنه : أن من قدم شيئا على شيئ فعليه دم ،وبه قال
سعيد بن جبير والحسن والنخعي وأصحاب الرأي " ،وقال أيضا " والعجب إطباق
المفرعين على إيجاب الدم في محلات كثيرة ،والدليل كلام ابن عباس ،وعلى أنه لم
يثبت عنه " ولو ثبت عنه أفيكون له حكم المرفوع ؟ إذا نظرنا إلى أن النبي صلى
الله عليه وسلم في حجته كانت أول حجة في الإسلام ،وهي التشريعية ،ومعه فيها
أكثر من مئة ألف حاج لايعلمون عن تشريعه في المناسك شيئا من قبل ،ولهذا قال : "
خذوا عني مناسككم " فستكثر الأخطاء بلا شك ،ولم يأت عنه تنبيههم لهذا الأمر ،بل
سكت عنه ،أفلا يسعنا إذن ألا نوجب على الناس مالم يوجبه عليهم عليه الصلاة
والسلام ،إلا ماجاء به نص خاص في حلاقة الرأس مثلا ،فما قول فضيلتكم في ذلك ؟
ثانيا : الفقهاء مجمعون على عدم جواز الاستنابة في الوقوف بعرفة ولابمزدلفة
ولافي المبت بمنى ولا الحلق والتقصير ،لعدم مايدل على مشروعيتها ،فكيف يقولون
بالنيابة في رمي الجمار ،من أين اتى دليل التخصيص ؟ بل إن سقوط الرمي متوجه
أكثر مما هم متفقون عليه ؛لأن له أصلا ثابتا عنه عليه عليه الصلاة والسلام من
إذنه للعباس أن يبيت بمكة من أجل سقايته ،وفي حديث عاصم بن عدي الترخيص للرعاة
،من غير أن يأمرهم بالاستنابة في المبيت ،والرمي هو شقيق المبيت في الوجوب
،وهما يفعلان بعد التحلل من أعمال الحج ،ومن المعلوم أن عذر هؤلاء الضعفة الذين
يوجب جمهور الفقهاء عليهم أن ينيبوا غيرهم في الرمي أشد من عذر الرعاة والسقاة
،فكانوا بالرخصة في ترك الرمي أحق ،هذا إذا قلنا أنه لم يأمر العباس ولا الرعاة
بالقدوم إلى منى للرمي ،ومن المعلوم أن الرعي يكون في النهار والمبيت يكون في
الليل فمتى يرمون ؟ ولو أمرهم لنقل ،فضلا عن أن نعلم حال هؤلاء الرعاة والسقاة
من العلم لو استند إلى أن هذا معلوم لديهم سابقا ،وتأخير البيان عن وقت الحاجة
لايجوز خاصة من معصوم ،فما حل هذا الإشكال ؟
ثالثا : من المعلوم أيضا أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم لاتدل على الوجوب في الأصل إلا إذا حفت بها قرينة كأن يقارنها أمر بالاتباع العام في مثل الحج حيث قال : " خذوا عني مناسككم " ودلالة هذا اللفظ على أفراده دلالة ظنية كما هو مقرر في أصول الفقه ،وعلى كل فإن الثابت عنه عليثه الصلاة والسلام أنه كان يخرج ليصلي الظهر بمسجد الخيف ثم يرمي جمرة العقبة ،فكيف يجعل هذا دليل يمنع به من الرمي قبل الزوال ،لأنه من الأفعال المقارنة لعلة فيبطل الاستدلال بعموم القول السابق ،فهذا الفعل لم يتابعه نهي عن الرمي قبل الزوال ،إذا أدركنا أن حال الناس في ذلك اليوم قد جاء كثير منهم من أنحاء الجزيرة ،بل بعضهم لايعرف النبي صلى الله عليه وسلم ،( كما جاء في حديث : من أنتم قالوا من أنت قال رسول الله قالوا نحن المسلمون ) وقد يتصور الرمي من بعضهم قبل الزوال ،فلم يأت عنه نهي ولا عن أحد من أصحابه ممن معه ،فكيف يستدل بذلك علة منع الرمي قبل الزوال ؟ أفتونا مأجورين ِ
رابعا : مادليل من ذهب إلى جواز جمع الرمي في يوم واحد ؟ ( جمع رمي اليوم الأول مع الثاني وهكذا )
( طرحت بعضها على الشيخ من أيام ولم أر جوابا ،مع العلم بأن الموسم يفوت وقته )
***************************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
أما أثر ابن عباس فهو صحيح رواه مالك عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما ـ
وأي إسناد لعمري أصح من هذا الاسناد
ومازال علماء الاسلام وفقهاء الامصار خلفا عن سلف يأخذون فتياه ، ألايسعنا ماوسعهم ؟!!!ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اما الرمي عمن لايقدر عليه ، فالاصل فيه عمل الصحابة ، قال ابن المنذر كل من حفظت عنه من أهل العلم يرى الرمي عن الصبي الذي لايقدر على الرمي ، كان ابن عمر يفعل ذلك ، وبه قال عطاء والزهري ومالك والشافعي وإسحاق ، وروى ابن ماجة في سننه عن جابر فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم ، ورواه الترمذي ، وعليه جرى عمل الفقهاء في كل من يعجز عن الرمي أن ينيب والله أعلم
ـــــــــــــــــ
وأما العباس والرعاة والسقاة فإنما رخص لهم في ترك المبيت وليس في ترك الرمي ، ورخص لهم في أن يجمعوا رمي يومين في يوم ، لا أن يتركوا الرمي ، ولا أعلم أحدا من المتقدمين رخص في أن يترك الحاج الرمي ، من غير إنابة
ـــــــــــــــــــــ
وأما الرمي قبل الزوال فدليل منعه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في منى وكان الرمي قبل الزوال أيسر ومع ذلك تركه
ولم يرم إلا بعد الزوال ، فدل على أن الرمي قبله ممنوع لانه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثما
وعلى أية حال فقد ذهب اسحاق وأصحاب الرأي إلى جواز الرمي يوم النفر خاصة قبل الزوال ، ولاينفر إلا بعد الزوال ، وعن أحمد مثله ، ورخص عكرمة في ذلك أيضا ، قال طاووس يرمي قبل الزوال وينفر قبله ، والقول الاول أرجح لما ذكر من الدليل والله اعلم
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006