كيف ترد على من يقول اعملوا في البنوك الربوية والقضاء غير الشرعي لئلا ينفرد به المفسدون؟

 

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم العمل في كل من البنوك الربوية و القضاء الذي يحكم بغير ما انزل الله؟
ارجوا منكم الاجابة بالادلة المفصلة حيث انني من مصر التي قد ابتلينا فيها بغالبية من الائمة-و لا اقول العلماء-المضلين الذين يستحلون هذه الامور او غيرهم من الجاهلين الذين يفتنون الشباب و يقولون لهم نعم ان هذه الامور محرمة و لكن التواجد في هذه الاماكن واجب على الشباب حتي لا يتركوها لغيرهم من العلمانيين و المنحرفين و النصارى و اننا لا ينبغي ان نتركها لهم!!


و جزاكم الله خيرا

*********************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

أما العمل في البنوك الربوية فمحرم ، لانه من التعاون على الاثم والعدوان وقد قال تعالى ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )ـ وفي الحديث الصحيح ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه )رواه مسلم ، والعامل في البنوك الربوية لايخلو من أحد هذه الامور .

وأما العمل في القضاء فإن كان يقضي بغير الشرع ، فهو أشد حرمة من أكل الربا ، لان الله تعالى لم يجمع صفات الذم كما جمعها في جريمة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ، فقال ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال بعدهـــا ( فأولئك هم الظالمون ) وقال بعدها ( فأولئك هم الفاسقون ). وفي الحديث الصحيح : ( قاضيان في النار ، وقاض في الجنة ، قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة ، وقاض عرف الحق فجار متعمّدا ، أو قضى بغير علم فهما في النار ) رواه الحاكم من حديث بريده رضي الله عنها . هذا في الحاكمين بالشرع ، أما الحاكمون بغير الشرع ، فكلهم متوعّدون بالنار ـ إلا من تاب ـ لأن كل من حكم بغير ما أنزل الله تعالى فقد قضى بغير علم ، وقد جار في الحكم ، لأنــه قضى حينئذ بالجاهلية ، كما قال تعالى بعدما ذكر الأمر بالحكم بما أنزل سبحانه من الشريعة المطهرة الهادية ( أفحكم الجاهلية يبغون ، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) . ـــــــــــــــ
وأما قول القائل يجوز دخولها لئلا يتركها الشباب لغيرهم من العلمانيين والمنحرفين والنصارى ، فهذه لعلهــا أعجب فتوى طرقت سمع السامعين !! وهي مثل قول القائل : اعملوا في الخمارات حتى لاتتركوها للمفسدين , واعملوا في الدعارة حتى لاينفرد بها المخربون ، وهو بمعنى : اكسبوا الآثام ولا تتركوا غيركم يكسبها ، واقترفوا الجريمة ، حتى لايقترفها سواكم !! كأنه يقول : أدخلوا جهنم حتى لايكون فيها المجرمون فحسب ، وتخلو من المصلحين .. سبحانك اللهم !!!
ــــــــــ
ولكن لعل بعض الناس يشتبه عليه هذا ، بمن أفتى من العلماء أن المتولي على الناس ولاية تحت غيره ، فإذا كان يمكنه أن يخفف الظلم عن الناس ، ويدرء الضرر ، مع وقوع بعض الظلم والضرر الذي لايمكنه دفعه بسبب أنه يُفرض ممن هو أعلى منه ، ولكن إذا ترك الولاية ، يعود للناس الظلم والضرر الذي كان يدفع عنهم بهذا المحسن ، أنه يجوز له البقاء في ولايته درءا لأعظم المفسدتين ، باحتمال أدناهما .

فهذا الحال يختلف عما ورد في السؤال ، فإن آكل الربا ، والحاكم بغير الشرع ، لايصنعان شيئا سوى إشاعة الفساد في الارض ، وإحراق أنفسهما في أعظم الآثام والمعاصي والعياذ بالله تعالى .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006