ماردك على نصراني يزعم أن القرآن أخطأ لانه ليس كل اليهود يقولون عزير ابن الله ؟

 

السؤال:

ما ردك على نصراني يقول إن القرآن أخطأ لانه ليس كل اليهود يقولون عزير ابن الله مع ذلك قال القرآن ( وقالت اليهود عزير ابن الله ) ومع أن القرآن في كثير من الاحيان ينسب القول إلى الجزء ، في دقة ، ولكن هنا نسب إلى كل اليهود هذا القول ، فما ردكم ؟

****************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :ـ

عامة المفسرين على أن المقصود بعض اليهود ، وهذا ـ عزير ابن الله ـ قاله طائفة من اليهود وهو معروف عن شخص يقال له فنحاص بن عازورا وأتباعه قال أبو محمد بن حزم والصدوقية طائفة من اليهود نسبوا إلى رجل يقال له صدوق وهم يقولون من بين سائر اليهود إن العزير بن الله وكانوا بجهة اليمن .

ومن المعلوم أن القرآن مليء بتفاصيل أقوال اليهود ، وديانتهم المحرفة ، وأحوالهم ،وفيه من التحدي لهم ، ودعوتهم إلى أن يجدوا فيه تناقضا ، أو عيبا ، أو ذكرا لشيء فيهم على خلاف ما هو فيهم ، فيه كثير من الآيات ، ومع ذلك لم يقع أن أحدا منهم ، استطاع أن يعيب القرآن بأنه قال فيهم ماليس فيهم ، فدل على أنهم قالوا هذه المقالة .

كما أنه من المعلوم أنه من الممتنع أن القرآن يتحدث بكل هذه التفاصيل عن اليهود ، ثم يغلط في مسألة هي في غاية الوضوح ، وهذا دليل واضح على أن المعنى هو كما في اللغة العربية : العموم الذي يراد به الخصوص ، وهذا كثيـــــر في لغة العرب ، كقوله تعالى ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ) ، ومعلوم أنه لم يجمع لهم كل الناس على وجه البسيطة ، ولم يقل لهم كل الناس هذا القول ، وإنما المعنى المفهوم أن هذا وقع ممن هم ناس من الناس ، يخوّفون من ناس من الناس .

ومعلوم في لغة العرب أن قائل : اليهود احتلوا فلسطين ، واليهود دنسوا المسجد الحرام ، ونحو ذلك ، لايقصد كل اليهود على كل الارض ، بل يقصد جنسهم وأنه وقع من بعضهم ، ولايزعم أن القائل مخطىء لانه ليس كل اليهود احتلوا فلسطين ، لايزعم هذا الزعم إلا غبي .

وذلك كما يأتي الرجل إلى قومه مثلا فيقال له : من آذاك ، فيقول اليهود ، لايعني كل اليهود في كل التاريخ على الأرض ، بل يقصد جنس اليهود ، والواقع منهم الأذى بعضهم ، وهذا معروف في لغة العرب ، لكن ماذا تصنع بأعاجم لايفقهون لغة العرب ، ويعترضون على القرآن بجهلهم .

فإن قيل فالقرآن أحيانا ، ينسب القول إلى الجزء ، وأحيانا ينسب إلى الجنس ، فيقال : نعم لأن هذا جائز ، وهذا جائز ، وهذا صحيح في اللغة ، وهذا صحيح ، فأي شيء في هذا ؟!

ومن المعلوم ـ من منطق الأشياء كما يقال ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش مع اليهود في المدينة ، والتقى بهم ، وحاورهم ، واطلع على شأنهم كله ، وعرف تفاصيل ما يدينون به ، ولم يكن ينقصه الذكاء بدرجة كافية حتى يتأكد من قولهم قبل أن ينسب إليهم في القرآن ماليس من قولهم ، حتى لايعترضوا عليه ، وهو يعلم أن كتابه الذي قال إنه آية نبوه ، معروض على أقوام هم في أشد الحرص أن يجدوا فيه عيبا ، ومع ذلك فقد تلا قوله تعالى ( وقالت اليهود عزير بن الله ) ، فهذا دليل على أنه ما كان ليخطئ هذا الخطأ القاتل بهذه البساطة ، لأن آحاد الناس ممن لم يؤتوا مؤهلات القيادة التي كان عليها صلى الله عليه وسلم ، لن يخطئوا هذا الخطأ في العادة المطردة ، فكيف به صلى الله عليه وسلم ، فدل على أن قــد قال فيهم ما كان فيهم حقا وصدقا ، كما بيننا أنه قول طائفة منهم ، ونسب إليهم من باب العموم الذي يراد به الخصوص والله أعلم .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006