ما حكم العلماء المجتهدين الذين اشترطوا الاستحلال لتكفير الحاكم بغير ما انزل الله؟ |
|
السؤال:
ما حكم العلماء المجتهدين الذين اشترطوا الاستحلال لتكفير الحاكم بغير ما انزل الله ، امثال الشيخ ابن باز و ابن عثيمين و الالبابي رحمهم الله , ام ان هذا الخلاف اقرب الى الخلاف اللفظي اذا انزلناه على الواقع؟
********************
جواب الشيخ:
العثيمين رحمه صرح أنه يكفر وإن لم يستحل ، وقد عزوت النقل عنه في فتوى سابقة .
والألباني رحمه الله ، على جلالته وسعة علمه ، ونصرته للسنة ، لكنه أصلا يرى أنه لايحصل الكفر إلا بالجحود وقد وافق في ذلك قول المرجئة عفا الله عنه ، لكن لايصح ان يقال عنه مرجىء ، لان الموافقة في بعض فروع فرقة لايعني نسبته الموافق إليها ، وهو يصرح بأن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص ، ومع ذلك فقد كان هذا الإمام الجليل الذي في حياته كان قد قل نظيره في هذا الزمان يلهــج بوجوب السعي إلى إقامة الدولة الإسلامية ، والبيعة الشرعيــّة ، وأن ترك هذا السعي إثـــــم، فهو فرض كفايــة على الأمة منذ سقوط الخـلافــة .
والشيخ ابن باز رحمه الله له قولان فتارة كفر مبدل الشريعة بدون شرط الإستحلال ، وتـارة ذكر انه لابكفر إلا إن استحل ـ مع أن وقوع الإستحلال هو الظاهر والأعم الأغلب ـ وكلامه في اشتراط الإستحلال مجمل ، واصله في الباب هو اصل أهل السنة وهو أن الكفر الأكبر يكون بالجحود وبالنواقض العملية ، وكان شيخه محمد بن ابراهيم رحمه الله يكفر محكمة القوانين وله في ذلك رسالة مشهورة هي رسالة تحكيم القوانين .
وعلى اية حال فهؤلاء ، إنما هــــــم ثلاثة من علماء الأمة ، وليسوا كل علماءها ، والمعلوم ان العلماء يحتج لأقوالهم لايحتج بها ، ومن زعم أن غير الرسول صلى الله عليه وسلم من عالم او لجنـة يجب على الناس جميعا قبول كل قولهم ، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ، لانه يجعل غير الرسول في مرتبته ، معصوما كعصمته ، وليس هذا مذهب اهل السنة ، بل هو مذهب الرافضة ، حتى متعصبة المذاهب الفقية ـ على جلالة قدر أولئك الأئمة وأنه لا أحد بعدهم بلغ مرتبتهم ـ لايجعلون اقوال ائمتهم حجة في حد ذاتها ، وإن كانوا يتصرفون أحيانا كانهم يدعون لهم العصمة ، لكنهم يحتجون لها في مصنفاتهم بالأدلة من الكتاب والسنة والاجماع والقياس ، لأنه لاحجة على الخلق غير الوحي منطوقة ومفهومه ومعقولة ، فالعجب من هؤلاء الذين ينهون عن التعقيد الاعمى والتعصب كيف نصبوا أقوال بعض العلماء كنصوص الشرع ، وأما الإجماع فله شروط معروفة أولها وجوب اتفاق جميع علماء العصر ، والصحيح أنه لايحتج إلا بإجماع الصحابة ، وقد وقع في مسائل معلومة .
وأما هذه المسالة فالنصوص فيها واضحة وصريحة على كفر متبــدل الشريعة ، وقد بينا ذلك في عدة فتاوى سابقة.
مع ان الواقع ان مبدلي الشريعة مستحلون يرون قوانينهم سائغة بل يرونها انســب للعصر من أحكام الشريعة ، وإن لم يقولوا ذلك بألسنتهم فأفعالهم أقوى في الدلالة .
وقد بلغ بهم الأمر أنهـم يعدون الآن لسن القوانين التي تجيز التحويل الجنسي تمشيا مع القوانين الغربية الكافـــرة !!
ثم هم اليوم يستحلون ، في القوانين الطاغوتية في القوانين الدولية ، إلغاء أصل الولاء والبراء وهو قرين التوحيد ، واستحلال إلغاءه أعظم خطرا بكثير من استحلال الحكم بالعقوبات في القوانين الوضعية المحلية .
كما يصرحون بإلغاء الجهاد ، بل بتجريمه ، و وما سيأتي من استحلال القوانين المناقضة للشريعة أعظــم ولايأتي زمان إلا وهو شر مما مضى .
مما سيجعل شرط الإستحلال لامكان له في واقع المبدلين للشريعة ، وسيضطر من يشترطه وشيكاإلى موافقة من لايشترطه ، لانه سيكون اشتراطه لامحل له من الإعراب في واقع هؤلاء المبدلين .
والخلاصة انه مع وجوب احترام العالِم ، وإن أخطأ أو زل فالزلة لاتسقط فضله ، وأنه يجب حسن الظن به ، غير أن الحجة الشرعية المبنية على الدليل هي الحاكمة على قول كل احد ، وإذا جاء نهر الله بطــل نهر معقل .
وقد بينا في فتاوى سابقة الادلة على كفر مبدلي الشريعة ونقلنا مــن كلام العلماء الكثير من المتقدمين والمتاخرين في هذه المسالة الجليلة التي عظم البلاء بها والله أعلم
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006