كيف توزع الغنائم في حرب المدن ؟

 

السؤال:

لقد تساءلت مع نفسي ، كيف توزع الغنائم وفق الشريعة الإسلامية في حرب المدن إذا حل جيش الكفار بلدا إسلاميا، وحاربه المسلمون بحرب العصابات ، فكل مجموعة تعمل عملية وتحصل على غنائم مثلا ، وكيف توزع أيضا فدية الأسرى لو أسرنا أسرى وفديناهم ؟

جواب الشيخ:

الظاهر والله أعلم أن سبيل غنائم جيش المسلمين في حرب العصابات في حرب المدن ، إذا حل الكفار في بلاد المسلمين ، سبيل جيش المسلمين إذا فصل غازيا إلى بلاد الكفار إذا بعث السرايا ، فقد ذكر العلماء أن الجيش يشارك سراياه فيما غنمت ، ويشاركونه فيما غنم ، كما حكى ذلك ابن قدامة رحمه الله عن عامة أهل العلم ، وعلى هذا فكل ما تغنمه السرايا التي تبعثها القيادة للعمليات داخل المدن المحتلة ، يكون غنيمة للجيش تخمس كما تخمس الغنائم.

وعلى هذا أيضا فإن ما يؤخذ من الفدية على إطلاق الأســـــرى ، سبيله سبيــل الغنيمة ، قال ابن قدامة بغير خلاف نعلمه لان النبي صلى الله عليه وسلم قسم فداء أسارى بدر بين الغانمين .

وينبغي أن يُعلم أن الفيء ، إنما هــــو في حالة تخلّي الكفار عن بلادهم خوفا من المسلمين ، فيكون فيها أمول يأخذها المسلمون ، أو يبذل الكفـــّـار مالا للكف عنهم .

وليس من ذلك فداء الأسرى في حرب المدن ، فإن الأسرى إنما صاروا أسرى بسبب وجود القتال ، حتى لو كان القتال هو عمليات متفرقة في حرب المدن ، فإنها حرب قائمة ، أحكام ما يصير إلى المسلمين من أموال الكفار ومن معهم ، والأسرى ، فيها أحكام غنائم الحرب .

كما أن أصح قولي الفقهاء أن الفيء يُخمّس أيضا فيصرف خمسه فيما يصرف فيه خمس الغنيمة ، لكن أربعة أخماسه تصير إلى مصالح المسلمين ، بخلاف أربعة أخماس الغنيمة فإنها تصير إلى المقاتلة .

كما ينبغي أن يُعلم أن القيادة والجند لو اصطلحوا على صرف كلّ ما يغنم ، ومنه فداء الأسرى ، في مصلحة الجهاد ، ورضيت بذلك نفوس الجند ، فهو حسن ، بل هــــو أولى في حالة حرب المدن ، إذا حلّ جيش الكفار بلدا مسلما ، وذلك لأنه يتعسّر ، وأحيانا يتعذّر ، توزيع الغنائم بالقسمة الشرعيّّّة ، والحال أن جنود المسلمين يحاربون متخفّين .

فينبغي أن تُجعل جميع الغنائم ـ لضرورة الحال ـ بيد القيادة ، تنفق منها على السلاح بأنواعه ، والعمليات ، وعلى أهل الجهاد ـ وليقدم أكثرهم غناء وأعظمهم بأسا ـ وعلى ذويهم ، وأهل الحاجة ممن يدعم الجهاد ، والنواحي الإعلامية ، وكسب المؤيدين ، وتأليف قلوب الوجهاء ، من داخل البلاد ، وخارجها ، حتى يؤتي الجهاد ثمرته ، بطرد الكفار من بلاد الإسلام ، وكف بأس جيوشه العادية ، وإبطال مشروعه الخبيث الذي يهدف إلى إطفاء نور الإسلام .

وليعلم أن من طابت نفسه من الجند المسلمة بحقه ، أن يصرف في هذا السبيل العام الأنفـــع ، مؤثرا مصلحة الإسلام ، فله بذلك أجر عظيم ، وسيعوضه الله تعالى خيرا من عنده في الدنيا والآخرة ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه كما ورد في الحديث .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006