ماهي العبر والدورس المستفادة من الهجرة ؟ |
|
السؤال:
في أي يوم وأي شهر حدثت الهجرة , وما هي الدورس المستفادة منها ؟
******************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
لا يعلم بالتحديد أي يوم من صفر بعد 13 عاما من مكثه في مكة بعد البعثــة هاجر النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن حجر رحمه الله : ـ
وعن ابن شهاب قال : كان بين ليلة العقبة - يعني الأخيرة - وبين مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث أشهر أو قريب منها " . قلت : هي ذو الحجة والمحرم وصفر , لكن كان مضى من ذي الحجة عشرة أيام , ودخل المدينة بعد أن استهل ربيع الأول .
ـــــــــ
كما اختلف العلماء في اليوم الذي دخل فيه المدينة المنورة ، قال ابن حجر : ـ
في رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب " قدمها لهلال ربيع الأول " أي أول يوم منه , وفي رواية جرير بن حازم عن ابن إسحاق " قدمها لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول " ونحوه عند أبي معشر , لكن قال ليلة الاثنين , ومثله عن ابن البرقي , وثبت كذلك في أواخر صحيح مسلم .
وسيأتي في ذكر حديث في البخاري أنه دخلها يوم الاثنين 12 ربيع الاول. ويقال إنه ذلك يوافق ( 24 سبتمر عام 622 م )
وقال ابن حجر أيضا : ـ
لأن أقل ما قيل إنه دخل في اليوم الأول منه وأكثر ما قيل إنه دخل الثاني عشر منه . يعني ربيع الأول
وجزم ابن حزم انه صلى الله عليه وسلم خرج من مكة لثلاث بقين من صفر .
ـــــــــــــــــ
وتتميما للفائدة نذكر طرفا من قصة الهجرة ، و21 فائــدة منهـا :
روى البخاري حديث الهجرة الطويل من حديث عائشة رضي الله عنها : ـ
وفيه تجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال أبو بكر وهل ترجو ذلك بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر .
قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أخرج من عندك .
فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله قال فإني قد أذن لي في الخروج فقال أبو بكر الصحابة بأبي أنت يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قال أبو بكر فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن .
قالت عائشة فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين قالت ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس .
يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق السواحل .
ـــــــــــــــ
أما الدروس والعبر فهي :
1ـ درس في الصبر والإصرار على الحق .
2ـ درس في البذل والتضحية .
3ـ درس في تقديم محبة الله ومراده على محبة المال والوطن والعشيرة .
4ـ درس في أن الولاء لله تعالى والانتصار لدينه يجب أن يقدم على كل ولاء ، بل كل ولاء يزاحم الولاء لله والانتصار لدينه ، هو نقض للإيمان .
5ـ درس في أن التوحيد هو الوشيجة التي يجب أن يترابط بها المجتمع المسلم لاغيره ، وتقدم على كل الاوصار والوشائج الأخرى ، فالصحابة جمعت بينهم رابطة التوحيد ففارقوا به ، ولها ، كل شيء آخر .
6ـ درس في التوكل على الله تعالى وحده ( لاتحزن إن الله معنا ).
7ـ درس في أن الأخذ بالأسباب لا يعارض التوكل بل هو أمر مأمور به شرعا ، وذلك في تخطيط النبي صلى الله عليه وسلم للاختباء في غار ثور إلى آخر ما فعل من التدابير لتنجح خطة الهجرة .
8 ـ درس في أن التخطيط مطلوب ، ويدخل في هذا توزيع المهام ، ولهذا وزع النبي صلى الله عليه وسلم مهام مشروع الهجرة فجعل التموين لأسماء رضي الله عنه ، وفيه مشروعية أن يكون للمرأة دور أيضا ، وللاستخبارات : عبد الله ، وللتغطية وتعمية العدو : عامر بن فهيرة ، ودليل الطريق هو : عبد الله بن أريقط.
9ـ درس في أن السرية في موضعها من حسن التدبير ، في أمره صلى الله عليه وسلم الصديق بكتم السر.
10ـ درس في حسن اختيار الصحبة في المهام الكبيرة وذلك ظاهر في اختيار الصديق رضي الله عنه .
11ـ درس في عظم فضل الصحابة لانهم فارقوا الأولاد والأموال والعشيرة والأوطان لله تعالى .
12ـ درس في أن الدعوة تستلزم أحيانا تغيير البيئة لاستكمال مسيرتها نحو أهدافها العليا .
13ـ درس في أن مكر أعداء الدين مهما عظم لن يبلغ إطفاء نور هذا الدين .
14ـ درس في أنه يجب السعي للتمكين في الأرض بإقامة الدولة المجاهدة الحاكمة بالشريعة ولو لم يمكن ذلك إلا بالهجرة وجبت .
15ـ درس في أن هذا التمكين لا يحصل إلا بالابتلاء .
16ـ درس في أن من صدق في نصر دين الله تعالى فسيؤيده الله بالآيات .
17ـ درس في أن الدعوة تأخذ في مراحل قبل أن تصل منتهاها.
18ـ درس في أن الصراع بين الحق وبالباطل يمر بمراحل أولها بعث الدعوة إلى الحق ، ثم الانتشار وكسب الأنصار ، ثم المواجهة الحتمية مع الباطل بالحجة والبيان ، ثم مواجهته بالقوة والسنان ، ثم التمكين لأهل الحق ، ولابد من الابتلاء و الامتحان في مرحلتي المواجهة قبل التمكين .
19ـ درس في أن تسلط الكفار وعلوهم في بعض مراحل الصراع بين الحق والباطل سنة ماضية لا تضر أله الحق وتدل على هوانهم على الله .
20 ـ درس في أن الحق إنما ينصر بأنصاره من الرجال ولهذا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنصاره ، قال تعالى ( هو الذين يؤيدك بنصره وبالمؤمنين ) ، ولهذا لابد من حسن اختيار الأنصار لدعوة الحق ، فإن وجدوا في بيئة أخرى ، فليهاجر الداعي إليهم .
21 ـ درس في أن الله يجعل لمن يهاجر في سبيله مراغما في الأرض وسعة ، ويفتح له أبواب الخير ، ما ينصر به دعوته ، مما لم يكن في حسبانه .
والله أعلم
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006