فضيلة الشيخ هل يجوز صرف الزكاة للشعب السوري بسبب ما جرى عليه ، ولجهود الإطاحة بطاغيته ، وهل يجوز تعجيلها قبل رمضان ، حيث الناس العادة تنتظر رمضان لإخراج زكاة المال ؟

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيّنا محمد ، وعلى آله ،  وصحبه ، وبعـد :
 
يجوز تعجيل زكاة المال قبل أن يحلَّ وقتها ، على أن لايتجاوز التعجيل سنتين قبل وقت وجوبـها ،  لما روى علي رضي الله عنه : ( أنَّ العباس سأل النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحـلّ ، فرخّص له في ذلك )  رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه  ، وغيـرهم .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( يجوز عند جمهور العلماء ، كأبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، تعجيل زكاة الماشية ، والنقدين ، وعروض التجارة ، إذا ملك النصاب ،  ويجوز تعجيل المعشَّـرات قبل وجوبها ، إذا كان قد طلع الثمر ، قبل بدوّ صلاحه  ، ونبت الزرع قبل اشتداد الحـبّ ) مجموع الفتاوى 25/85 ـ 86
 
وصرفها إلى المنكوبين بطاغيتهم من الشعب السوري من أهم المهمَّات ، وأولى الأوليـَّات ،  لاسيما اللاجئين إلى تركيا التي آوتهم ، وحمتهم ، ورعتهـم _ شكر الله سعيها _ أو الذين في المدن المحاصرة ، حتى لو كانت لهم أموال خارج الحصار إنْ كانوا لايصلون إليها ، لأنهَّم في حكم ( ابن السبيل ) .
 
ومعلوم أنَّ كثيراً من الأسـر في سوريا ،  قد استُشهد _ نحسبهم شهداء _ عائلُهم ، من الأرامل ، و الأيـتام ، فهم في أشـد الحاجـة إلى من يمـدّ لهم يـدَ العون .
 
ويقدم فقـراءُ ، ومساكين الشعب السوري ، على غيرهم لما أصابهـم ، من المصيبة العامة التي حلَّت بديارهم من طاغيـتهم المتجبـِّر قصم الله ظهـرَه ، وحزْبه اللعين ، وأراح المسلمين من شـرورهـم .
 
وكذا تُصـرف لجهود الإطاحة بالطاغية ، لتخليص المسلمين من عدوِّ غائلتُه أشـدُّ ضرراً ، وجرائمـُه أقـبحُ معـرَّة ، على أهل الإسلام ، من كلِّ الأعـداء .
 
فهو يهريق الدماء ، ويهتك الإعراض ، ويهلك الحرث ، والنسل ، ويعيث في الأرض فسـاداً ، ومعلوم أنـَّه لا أوجـب من جهاد هذا العدوِّ ، وأمثـاله من السَّاعين في الأرض بالفـساد ؟ 
 
وقـد ذكر الله تعالى أنَّ نصرة المسلم من أنواع الجهاد في سبيل الله ، وكـذا كفِّ بأس الأعداء عن أهـل الإسـلام ، كما تعالـى: ( وإن استنصروكم في الدين فعليكمْ النصر ) .
 
وقـال : ( فقاتل في سبيل الله لا تكلَّف إلاّ نفسك ،  وحرّض المؤمنين ، عسى الله أن يكفَّ بأس الذين كفروا ، والله أشدُّ بأساً ، وأشدُّ تنكيـلاً ) .
 
ولهذا نهيب بأهل الدثـور من المسلمين ، أنّ يعجّلوا بزكاتهم للشعب السوري المنكـوب ، وقد فتح الله تعالى الطـريق من تركيا ، كما نهيب بالجمعيات الخيرية أن تسرع للإغاثـة ، وتوصيل الزكوات ، والصدقات ، وجهود الإغاثـة لإخواننا هنـاك .
 
هذا ونسأل الله تعالـى باسمه الأعظـم ، الحيّ القيوم ، ذي الجلال والإكرام ، ذي العزة ، و الكبرياء ، والعظـمة ، الملك ، الجبار .
 
اللّهم إنّك العزيـز ذو انتقـام ، اللهـمّ انتقم من طاغية الشام ، وأعوانه ، الذين غرَّتهـم دولتـُهم ، وقوَّتـُهم ، بما ملكوا من الجند ، والأموال ، فتكبـِّروا في الأرض ، وطغـوْا في البلاد ، حتى أكثـروا فيها الفساد .
 
اللهم إنهم تسلَّطوا على عبادك المسلمين بالقتل ، حتى قتلوا الأطفال ، وعذَّبوهـم ، وهتكوا الأعراض ، وقطعوا السبيل ، وأهكلوا الأمـوال ، وطغـوْا طغيـانا كبيرا.
 
اللهم خذْهم أخـذَ عزيـزٍ مقتدر ، اللهمّ شتِّت شملهم ، ودمـّر دولتهـم ، واجعل عاليها سافلها ، وأدر الدائرة عليهم ، وردّ مكرهم في نحـورهم ، وأرنا فيهم عجائب قدرتـك ، وأنزل بهم بأسك الذي لايردُّ عن القوم الظالمين .
 
آمين آمين آمين

الكاتب: زائر
التاريخ: 11/06/2011