التوبة على يد وكيل النقشبندي؟!

 


السؤال:

أود أن استفسر عن موضوع شغل بالي و بال زوجتي راجيا منكم مساعدتي في هذا الموضوع و إبداء موقف الشرع الإسلامي في هذه القضية . كانت زوجتي ملتزمة بالدين بما يسر الله لها , و لكن في الفترة الأخيرة تابت توبة نصوحة إنشاء الله و دخلت في الطريقة النقشبندية المنتشرة على نطاق واسع في محل إقامتنا ( قونيا / تركيا , نحن مواطنين عراقيين دفعنا قهراً إلى ترك العراق من قبل نظام الطاغية صدام حسين و نقيم في تركيا بصورة مؤقتة ) . و بدأت بحضور الصحب الدينية الأسبوعية بانتظام . في هذا الأسبوع سألت زوجتي وكيلة المرشد عن جواز التوبة النصوحة لله تعالى من دون وجود وسيط ( أي كان سواء مرشد طريقة أو وكيله ) و جواز التوبة النصوحة إنشاء الله دون الدخول في أي من الطرق الصوفية . و كان جوابها سلبيا إذ قالت أن جواز التوبة النصوحة يكون عن طريق الدخول في إحدى الطرق الصوفية و على يد وكيل مرشد , كما أريد الاستفسار عن رأي الشرع في هذه الطرق الصوفية حيث أصرت الو كيلة على أن أولياء الله و المرشدين في الطرق الصوفية يكونون همة للمؤمن عند دعاه الله تعالى في حالات الضيق و اليسر . كما انهم ينشدون التواشيح على المرشدين . رغم ضعف معلوماتي في هذه المواضيع فأن لي رأي في أن الله جل و تعالى يقبل التوبة النصوحة دون أي وسيط كما جاء في قوله تعالى ""و إذا سالك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دَعانِ فليستجيبوا لي و ليومنوا بي لعلهم يرشدون "" صدق الله العظيم . راجين إبداء الموقف الشرعي من هذه الأسئلة . أفادكم الله و جزاكم عنا كل خير . و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

*********************


جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
القول بأن توبة أي عبد من عباد الله ـ مهما كان ذنبه ـ إلى ربه وخالقه لاتصح ، ولاتقبل إلا عن طريق وسيط ، من مظاهر الشرك والوثنية ، وهو أمر يخالف أصل العقيدة الإسلامية .
والآية التي استشهدت بها أوضح دليل قال تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) ، فالله تعالى أرشد عباده في هذه الآية أن يتوجهوا إليه لا إلى سواه ، وقال تعالى ( وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ) وقال جل شأنه ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا أنه هو الغفور الرحيم ، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ) ، وقوله تعالى : ( وأنيبوا ) أي ارجعوا تائبين إلى ربكم ولم يقل إلى غيره ، وقال سبحانه ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) وقال جل شأنه ( ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) ، وقد قال تعالى في هذه الآية ( فإنه يتوب إلى الله متابا ) ولم يقل إلى غيره .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فأني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم ، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين في هذا الحديث إلى التوبة إلى الله تعالى ، وبين لهم أنه بنفسه صلى الله عليه وسلم يتوب إلى الله تعالى مائة مرة ، ولم يقل لهم توبوا إلي أنا ، حتى يقبل الله توبتكم ، مع أنه صلى الله عليه وسلم خير البشر وأقربهم إلى الله تعالى ، وكل الأحاديث الشريفة توجه العبد إلى أن يتوب إلى الله تعالى مباشرة ، دون وسيط بينه وبين الله تعالى ، لان الله تعالى أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم ، ليبطل كل الوسائط بين العبد وبين الله ، ويقضي على كل صور الشرك ، التي من شأنها أن تمنح أي عبد سلطة أن ينصب نفسه للعباد يتقبل أعمالهم أو توبتهم أو دعاءهم ويرفعها إلى الله تعالى ، فهذا كله جاء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليبطله ، وهدف رسالته الأول والاهم ، هو توجيه العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن أوضح صور العبادة هي التوبة ، فمن وجه التوبة إلى غير الله تعالى فقد أشرك في عبادة الله .
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم
واعلم أخي المسلم أن الطرق الصوفية، تشتمل على كثير من مظاهر الشرك بالله تعالى ، والخلل في العقيدة الإسلامية الصافية القائمة على التوحيد الخالص ،والطريقة النقشبندية فيها أمور تناقض كلمة التوحيد التي هي عنوان الإسلام وهي كلمة ( الإله إلا الله ) ، وليس قولهم إن العبد لاتقبل توبته ولاتصح إلا إن كانت عن طريق شيخ الطريقة ، أو وكيلة ، إلا صورة من صور الشرك ، ومنها أيضا أن العبد إذا أراد أن يتوجه إلى الله تعالى في حاجة ، يذهب إلى الأولياء فيسأل حاجته ، فهذا العمل من الشرك بالله تعالى ، والقرآن طافح بالآيات التي تجعل كل من يدعو غير الله ، أو يتوجه إليه بدفع الضر ، أو جلب النفع معتقدا أنه يستجيب دعاءه ، كما يستجيب الله دعاء من يدعوه ، فهو مشرك بالله تعالى ، عابد لإله آخر مع الله تعالى .
وقد قال تعالى ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وقال ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) وقال ( وأن المساجد لله فلا تدعــــو مع الله أحدا ) وقال ( وإن يمسسك الله بضر فلاكاشف له إلا هو ، وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ) وقال ( قل إني لاأملك لكم ضرا ولارشدا ، قل أني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا ) ومعنى الآية أن الله تعالى يأمر نبيه أن يخبر الناس ، أنه لا يملك لهم ضرا ولارشدا ، بل ذلك بيد الله تعالى وحده ، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء ، فلا يجوز لاحد من الخلق أن يسأل دفع الضر ولاجلب النفع إلا من الله وحده ، ويقول لهم أيضا في الآية السابقة أن الله تعالى وحده ، ملجئي ، ومستغاثي ، ومستعاذي ، لا ألجأ لسواه ، فكونوا أنتم مثلي في ذلك .
وقال تعالى ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) فالله تعالى في هذه الآية يمدح نفسه بأنه هو وحده الذي يجيب المضطر ويكشف السوء عن عباده . وقال ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ) أي لاأحد يستجيب دعاءكم إلا الله تعالى ، إن ضاقت بكم السبل ، وبالجملة فالآيات القرآنية كثيرة جدا وهي تدل بوضوح أن العبد لا يجوز له أن يتوجه بالدعاء والاستعانة والاستغاثة في الملمات والمصائب وطلب الحاجات وكشف الضر إلا إلى ربه ومولاه الواحد الأحد وهو الله تعالى ، وان من توجه إلى غيره ، في هذه الأمور فقد عبد ذلك الغير مع الله ، وهو مشرك بالله تعالى .
كما قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) ، فمن توجه إلى غير الله يسأله مالا يجوز أن يسأل إلا من الله تعالى كالرزق ، والشفاء من المرض ، والنصر على الأعداء ، وكشف الضر ، وجلب النفع ، والتوبة ، والخلاص من النار ، فهو مشرك بالله تعالى ، قد اتخذ ذلك الغير إلها ومعبودا من دون الله .
كما تشتمل الطريقة النقشبندية على أمور أخرى من البدع والضلالات ولا يجوز الانتساب إليها ولا إلى غيرها من الطرق الصوفية فكلها طرق بدعية ضالة .
وإذا أردت كتبا تبين لك حقيقة هذه الطرق بالتفصيل فراسلنا بعنوانك وسنرسل إليك أو اتصل بنا عن طريق البريد الإلكتروني ، أو عن الموقع الخاص بنا ، بارك الله فيك وهدانا وإياك إلى الصراط المستقيم اللهم آمين .




الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006