ما حكم أن نقول : فديتك يا وطني ؟؟؟

 

السؤال:

ما حكم أن نقول : فديتك يا وطني ؟؟؟
أرجو رداً تفصيلياً

*****************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

معنى فديتك أي أموت فداء لك
وحينئذ فالمسألة فيها تفصيل : ـ
إن كان المقصود بالوطن نظاما سياسيا فإن كان إسلاميا شرعيا
فإن قصد أن يقاتل دفاعا عن الشرع فهذا أمر مطلوب لأنه من الجهاد في سبيل الله تعالى ،ولكن لايقال فديتك وطني ، بل يسمى باسمه الشرعي فيقول : أجاهد في سبيل الله ، وكذا إن قصد الدفاع عن أرض لأهل الاسلام غزاها الكفار لطردهم وإعادتها لظهور كلمة الإسلام فيها .
------------
وإن كان المقصود أرض الانسان التي يملكها فهي من جملة ماله فيشرع أن المسلم يقاتل دون ماله ولكنه مخير بين أن يقاتل أو يسلم ماله ليسلم من القتل ، ولهذا لايقال هناـ على هذا المعنى ـ فديتك ياوطني !! لأنه يقاتل أصلا ليبقى له ماله وهو حي لينتفع بـه ، ولهذا يقال : قاتل دون ماله ، وليس ليموت هو فداء لماله ، فهذا لايقوله إلا أحمــق لايدري ما يقـول !!
--------------
وإن كان المقصود أنه يقاتل دفاعا عن مجرد جزء مقتطع من بلاد الإســلام أطلق عليه وطن ، لايبنى على أمـــر الشريعة ، بل قد بني على فكرة تمزيق الامة الإسلامية إلى جنسيات ودويلات ، إمعانا في إضعاف الامة وإذلاها أمام أعداءهـا ، والقتال ليس ضد الكفار ، بل لمجرد الدفاع عن هذه الحدود السياسية أيا كان القتال ، فهذا هو الضلال المبين ، وما هذا إلا الانسياق بلا شعور في مخطط استعمار القرن الماضي ، الذي قسم الامة الاسلامية إلى دويلات أقامها على أساس ما يسمى نظام الدولة العصرية ، الذي يجعل كل دوله لها كيانها المستقل الذي ترى أن وجوده أهم من وحــدة الأمــــة ، ثــم كل دولة تجعـل جزءا من أبنـــــاء أمة الاسلام تبعا لها وتتبرأ ممن سواهم ، وربما تجعــل غيرهم من الكافرين المنتمين إلى نظامها أحق بالولاء من خيــار المسلمين الذين لاينتمون إلى نظامــها ،فتقيم مبدأ الولاء والبراء على أساس يناقض الشرع ، وأطلقت على هذا الصنم الجديد اسم : الوطن ، واشتقت لـه عقيدة لتعبيد الناس له أسمتها : الوطنية ، وأمرت الناس أن يوالوا ويعادوا على اساس هذا الطاغوت العصري الجديد ، وأن يموتوا من أجله ، فمن علم هذا واعتقد صحته وأراد بقوله فديتك ياوطني أن يموت من أجل هذه العقيدة فهو من جملة المؤمنين بالطاغوت ، وأولياءه ، وهذا ناقض لعقيدة التوحيد التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم ليجمع الامة على مبدأ واحد ، هو الإسلام ، ليكونوا جميعا أخوة في الإسلام ، لاتفرقهم العصبيات ، ولا الانتماءات الاخرى مهما كانت ، وليكون لهم نظام واحد يقوم على أساس العقيدة الإسلامية ويحكم بالشريعة الإسلامية ، وكل ما يعارض هذا الاصل العظيم في الاسلام فهو من أمر الجاهلية الذي يجب أن يكفر به المسلم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( من قتل تحت راية عمية ، ينصر العصبية ، ويغضب للعصبية فقتلته جاهلية ) رواه مسلم من حديث جندب رضي الله عنه ، وهذا الحديث ينطبق على من مات في سبيل مبدأ الوطنية بالمفهوم الأخير الذي بينته آنفا ، بل هــو أشد إن كان يقاتل إيمانا بصنم الوطنية ، إذ يموت في هذه الحالة عابدا للطاغوت ، وبهذا يعلم أنه لايجوز للمسلم أن يطلق القول : فديتك يا وطني ، بلا تفصيل المقصود ، لان اللفظ محتمل للحق والباطل ، وغالب مايستعمله الناس اليوم في الباطل بل من أبطل الباطل مما يناقض عقيدة التوحيد والله أعلـــــم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006