أدركوني .. سأقتل أبنائي

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انا رجل سعودي ، ربيت أولادي على القرآن والسنة وكل عمل خير وكانوا معي مثل الانصار للرسول .... ولكن عندما ضاقت بي الحال وبلغوا مبلغ الرجال حيث أن اصغرهم سنا قد تجاوز الثامن عشر بقليل ...

رأيت منهم العقوق والجفا بالتطاول باللسان واليد وكل ما لا يخطر على بالكم من الافعال المشينة ، حتى أفلام الجنس ضبطتها عندهم وفوق كل هذا ينكرون ذلك بل ويعزون كل اعمالهم الى أنني انا الذي علمتهم على الفسق والفجور والضلال بل ويقولون في وجهي انت السبب في عقوقنا لك

وانا الآن أفكر بقتلهم مثل قتل الكلاب العقورة ، أو أن أضعهم بالسجن دون رحمة أو ... أو

أرجوكم دلوني ماذا أفعل

كلما أتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم (( لأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من حمر النعم )) أقول في نفسي لعل الله يهديهم ، وأنا أدعو الله لهم في كل صلاة وفي كل وقت

علماً بأنهم ما زالوا يصلون الأوقات التي أراهم فيها أما البعيد عنهم فلا أعلم والله أعلم بهم

لذا أرجو منكم التكرم بتقديم المشورة لي ، وما العمل

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ملاحظة : لا يوجد تلفزيون في بيتي منذ أكثر من ثلاث وعشرون عاما
ولكن كل هذه المصايب عن طريق الكومبيوتر ، علما بأنني صادرته لهم وجميع الأشرطة والأفلام وأتلفتها

******************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد
اولا تذكر قول الله تعالى ( إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) وكم كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية عمه أبي طالب ، غير أن أبا طالب مات كافرا ، فأنزل الله تعالى عليه هذه الاية ، تسلية له ولكل من ابتلى بمثل بلاءك .
ثانيا : تذكر كم كان نوح عليه السلام حريصا على هداية أبنه ونجاته من عقوبة الطوفان ، حتى دعا الله تعالى له وقد نهاه الله عن مخاطبته في الذين ظلموا ، وقال الله له بعد ذلك ( إنه ليس من اهلك إنه عمل غير صالح فلاتسالني ما ليس لك به علم إني اعظك ان تكون من الجاهلين ) ، وقد ضرب الله تعالى لنوح عليه السلام مع ابنه مثلا للناس ، في أن الهدابة بيد الله تعالى وحده ، يهدي من يشاء ويضل من يشاء .
ثالثا : تذكر أننا في هذا الزمان لايستقل الاب بتربية أبناءه ، فالمدرسة وما فيها من بلاء ، وكذلك البيئة من حوله يربون الابناء ايضا ، وعامة ما يتلقى الابناء من البيئة المعاصرة يخالف مفاهيم التربية الاسلامية مخالفة جذرية ، بينما في مامضى كان الاب يربي أبناءه على القيم نفسها التي يتلقونها في البيئة من حولهم ، فكان عامة الاولاد ينشئون تنشئة سليمة
رابعا عليك بان تلح بالدعاء لله تعالى ، ليصلح أولادك ، فدعاء الوالد لولده مستجاب
خامسا أوجد لهم البيئة التي تساندك في تربيتك لهم ، وهي الصحبة الصالحة ، فاربطهم بجماعة المسجد ودروس الصحوة الاسلامية ، ذلك أن كثيرا ما يسهل انقياد الشاب للخير عن طريق صحبة أمثاله من الشبيبة أهل الخير ، وقد لايستجيب لابيه حتى لو كان عالما من العلماء ، بقدر ما يستجيب لرفقائه الذين هم أترابه وفي مثل سنه .
سادسا قد يبتلى المرء بعقوق أولاده لذنوب خفية يفعلها أو فعلها في الماضي ونسيهاولم يتب منها ، ظاهرة أو باطنة ، أو حقوق على العباد لم يؤدها ، أوتقصير في حقوق الله تعالى ، أوحقوق الارحام ، وعلى أية حال ، على المسلم التوبة من كل ذنب ، وأن يعلم أنه كلما كان اطوع لله تعالى ، أطاعه الخلق ، وكلما كان أهيب لله تعالى هابه الخلق ، وكلما كان أكثر توقيرا لله تعالى ، وقره الخلق ، فبادر إلى التوبة من الذنوب ما ظهر منها وما بطن ، وأكثر من الصدقة فإنها تطفيء الخطيئة ، وتحت الذنوب حتا ، لاسيما صدقة السر ، وتزلف بذلك إلى الله تعالى يجب دعوتك بتوفيقه.
سابعا: من اعظم أسباب حصول البركة في الذرية ، كثرة الاستغفار قال تعالى ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) ، ومن كان له أولاد يعصون الله ، ويعقون والدهم ، فكأنه قد فقدهم ، بل اسوء من ذلك ، فقد عاد ما أنفق عليهم من جهد ومال طيلة حياته ، وبالا عليه ، فكأنه اشترى شقاءه بماله ، وبالاستغفار والمداومة عليه يمده الله بهم ، ويبارك فيهم، فينتفع بهم أضعاف ما كان قد أنفق عليهم .
ثامنا : لو قدر الله تعالى على العبد أن يبتلى بعقوق الاولاد طيلة حياته ، فعلى المرء المسلم الصبر على ما يبتلى به من كل المصائب ومن أعظمها عقوق الاولاد ، والارحام ، وله في ذلك أجر عظيم وقد سال احد الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلا لي أرحام أصلهم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، فقال صلى الله عليه وسلم ( لئن كنت كما قلت ، فكأنما تسفهم المل ، ولايزال معك من الله ظهير عليهم ، مادمت على ذلك ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه هذا هو الحل لمشكلتك ، وليس حلها أن تقتل ابناءك ، فقد قال تعالى ( إن قتلهم كان خطئا كبيرا ) ، وذلك من أكبر الكبائر ، وأعظم الذنوب جرما ، وليس الحل أيضا أن تحبسهم ، فذلك يزيدهم نفورا ، وتذكر دائما قوله الله تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا ) نسأل الله تعالى أن يصلح اولادك ويمتعك بهم فينفعونك في الدنيا والاخرة والله اعلم




الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006