ما هي موانع التكفير وهل يعمل بها في الحكم على عباد القبور؟ |
|
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من الاخ ابو ابراهيم الجزائري الى فضيلة الشيخ حامد العلي حفظه الله تعالى:
1- كثرفي بلادنا (الجزائر) وخاصة في الاونة الاخيرة بعض الامور الشركية كدعاء الاموات والذبح عند القبور لغير الله وغيرها والله المستعان, فبعض الاخوة يعذرون هؤلاء بالجهل ويعتبرونهم مؤمنين مثل الموحدين, والبعض الاخر يكفرونهم ويقولون ان هذا الجهل لا يعتبر مانعا في تكفيرهم لانهم بين اظهر المسلمين, ارجوا من فضيلة الشيخ توضيح هذه المسالة, واذا كان ممكن ان توضح لنا موانع التكفير.
2- وماهو حكم الشيعة الرافضة فمن الناس من يكفرهم ومنهم من يستثني عوامهم؟
3- منهم من يقسم الكفر الى قسمين كفر اعتقادي يخرج من الملة وكفر عملي لا يخرج من الملة وقد شاع هذا التقسيم عند بعض طلبة العلم فما صحة هذا التقسيم؟
وجزى الله الشيخ خير الجزاء.
*********************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
اما تقسيم الكفر إلى اعتقادي يخرج من الملة ، وعملي لايخرج من الملة ، فهو خطأ ، وهو من فروع مذهب المرجئة ، لانهم يجعلون الايمان هو التصديق ، والعمل خارج مسماه ، فالكفر إذن عندهم لايكون إلا بالتكذيب .
أما عند أهل السنة فالايمان قول وعمل ، قول القلب وهو التصديق وقول اللسان و هو النطق ، وعمل القلب والجوارح ومنها اللسان ، فيكون الكفر أيضا بالعمل ، كما يكون بالاعتقاد ، كما أن الايمان كذلك اعتقاد وعمل .
وذلك مثل الاستهزاء بالدين ، وسب النبي صلى الله عليه وسلم ، والسجود للاصنام ، وتوجيه العبادة لغير الله تعالى ، ومظاهرة المشركين على المسلمين ، ونحوها من نواقض الايمان العملية التي يكفر فاعلها كفرا مخرجا من الملة ، وإن لم يعتقد استحلالها ، وقد بسطت القول في هذا الباب في رسالـــــة بعنوان ( الرد على مرجئة العصر ) بأسلوب سهل للمبتدئين في العلم ، على طريقة الحوار ، ويمكنكم مراجعتها في ركن المكتبة في الموقع .
وأما العاكفون على القبور والاضرحة يسجدون لها ويذبحون لها ، وعليها يتوكلون ، وإليها يوجهون دعاءهم ، فهم مشركون ،يحكم بكفرهم في أحكام الدنيا ، وأما في الاخرة فإن بلغتهم الحجة الرسالية فسبيلهم سبيل الكفار ، وإن لم تبلغهم الحجة الرسالية ، فحكمهم في الاخرة حكم أهل الفترة .
أما في الدنيا فلهم أحكام الكفار ، سواء أقيمت عليهم الحجة أم لم تقم ، لانه لايصح إطلاق اسم الاسلام على أهل الشرك ، الذين يعبدون مع الله إلها آخر ،وإلا كان اسم الاسلام يطلق على أمرين متناقضين غاية التناقض ، بل هما أعظم متناقضين في الوجود ، وهما التوحيد والشرك ، ومعلوم من الدين ، وكل دين بعث الله به نبيا ، أو أرسل به رسولا ، أن إطلاق اسم الاسلام الذي هو دين الانبياء جميعا، لايصح إلا على اهل التوحيد .
والواجب علينا إيصال الدعوة إليهم ، فإن الله تعالى أمرنا أن نقيم الحجة على الخلق .
وأما موانع التكفير ، فهي في شأن من عندهم أصل الشهادتين ،ولكنهم أتوا بكفر مكرهين عليه ، أو جهلا مما يخفى على أمثالهم ، فلايحكم عليهم بالكفر إلا بعد إقامة الحجة ، وذلك مثل أعرابي عرف التوحيد ، غير أنه أنكر الصيام لجهله به ، لانه نشأ في بادية بعيدة ، فهذا لايكفر حتى تقام عليه الحجة ، او مسلم عرف التوحيد ، ولكنه نشأ في بلاد الغرب ، فأنكر حجاب المرأة ، فلايكفر حتى تقام عليه الحجة ، وأعرف مسلما من أهل الصلاة ، التقيت به ذات مرة في أمريكا في زيارة ، فكان يجهل أن الله تعالى فرض على المؤمنات الحجاب ، وقال : والله ما علمت إلا قبل ثلاث سنوات فحجبت امرأتي ، وعلى أية حال ، من كان عنده أصل الاسلام ممن يصح أن يطلق عليه اسم الاسلام ، ولكنه وقع في مكفر جهلا فلايحكم بكفره ، إلا بعد إقامة الحجة ، أما من لم يبق معه أصل الاسلام ، كالذين يعكفون على الاضرحة والقبور سجدا وركعا ، ويعتقدون أنها تتصرف في المرض والشفاء ، والاماتة والإحياء ، والرزق للآحياء ، فهؤلاء مشركون ، ماعرفوا الاسلام أصلا ، فيدعون إلى دين الاسلام ، ليعرفوه ، ولايقال لانكفرهم حتى تقام عليهم الحجة ، بل يقال لانحكم بإسلامهم ، حتى يعرفوا التوحيد ويقروا به ، ويذعنوا له .
والرافضة تكفر الصحابة إلا أربعة أو سبعة ، وعامتهم يعتقدون تحريف القرآن . وأما غلوهم في أئمتهم فلانظير له في الفرق الضالة ، فهم يعتقدون فيهم ما لايخطر على بال او يدور في خيال ، حتى يعتقدون أن عليا رضي الله عنه بمثابة الله تعالى في الارض ، تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا ، ويعتقدون فيهم التصرف في الاكوان ، وفي أمر الدنيا والاخرة ، وأن علوم الغيب كلها بين أعينهم ، وأرواح الخلق بين أيديهم ، وأرزاق العباد تحت تصرفهم ، وهذا قليل من كثير من غلوهم الذي بلغ بعضه حدا ما بلغته اليهود .
كما يعتقدون أن أئمتهم يوحى إليهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأن ما يقولونه بمثابة الشرع المنزل ، وهذه دعوى النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ردة بالاجماع .
وهذا كله في علماءهم وعوامهم ، لايشذ إلا القليل ، فالاصل فيهم الكفر عياذا بالله تعالى من الضلال .
غير أن ثمة تغير كبير في الاونة الاخيرة في إيران ، حيث أكثر السكان من الرافضة ، ويوجد نحو ربع هذا البلد من اهل السنة والجماعة ، وفيهم علماء ودعاة من خير الناس ، وأفضلهم علما وعملا .
وأما التغير الذي في علماء الرافضة ، فهو ان كثيرا منهم بعدما نظروا بعين التجرد ، ونبذ التعصب ، نبذوا كثيرا من الاعتقادات الكفرية في المذهب ، ومنهم من تحول إلى مذهب أهل السنة ، ومنهم من لم يبلغ إلى هذا الحد ، ولكن ترك نواقض الايمان التي تعتقدها الرافضة .
والتقيت مرة بأحد علماءهم وعمره نحو سبعين عاما ، وله اطلاع واسع على مذهبهم ، كما قرأ عامة كتب الحديث في مذهب اهل السنة ، وقد التقيته بعدما سمعت عن معارضته لكثير من اعتقادات الرافضة ، فسألته عن سبب تحوله ، فقال : أنكرت عليهم غلوهم في أئمة أهل البيت ، إلى درجة عبادتهم مع الله تعالى ، وتكفيرهم لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، واشتغالهم بسبهم ، حتى زعموا أن عمر رضي الله عنه قتل محسنا أبن علي رضي الله عنه في بطن فاطمة رضي الله عنها . وقد عدل الله تعالى صحابة نبيه في القرآن في آيات كثيرة . كما أنكرت عليهم دعواهم نزول الوحي على الائمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وطعنهم القبيح في أمهات المؤمنين ، وسجودهم على التربة ، والنياحة على الحسين حتى يلطموا وجوههم ، ويضربوا رؤوسهم بالسيوف وظهورهم بالسلاسل ، ونكاح المتعة ، حتى انتشر فيهم ، وصار أشد فتكا من الزنى ، وهو الزنى بعينه .
فقلت له : لماذا لا تكتب هذا كله وتنشره للناس ، حتى تنقذ العامة من إضلال دعاتهم ، فقال أنا أقول ذلك في العلن ، ويوجد مثلي كثير في إيران ، ومنهم من يصدع بالحق ، ومنهم من يكتم إيمانه ، ومن الذين صدعوا بالحق الشيخ العلامة مظفريان ، وكان شيعيا فتحول إلى السنة ، وصار خطيبا لمسجد السنة في شيراز ، فقتلته الرافضة ، ومنهم أية الله العظمى البرقعي وألف كتابـــــــا بعنــــــوان ( كسر الصنم ) أبطل فيه مذهب الرافضة من أسه ، وأزاله من أساسه ، ولكن قتل أيضا ، ويوجد غيرهما الكثير والحمد لله .
وعلى أية حال ، فمن اعتقد العقائد السابقة ، فهو كافر ، سواء كان رافضيا ، أو زعم أنه سني ، وسواء كان عالما أو عاميا والله أعلم .
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006