ما معنى آية ( وإن استنصروكم في الدين .. الآية )

 

السؤال:

سماحة الشيخ حامد ... حفظك قال تعالى : {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض، والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاقٌ والله بما تعملون بصير}

فماهو تفسيرها ؟ وماالمقصود بعدم النصره ؟

**********************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ الاية معناها
كما قال القرطبي : ـ
يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم , فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم . إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم , ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته . ابن العربي : إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة , حتى لا تبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك , أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى لأحد درهم . كذلك قال مالك وجميع العلماء , فإنا لله وإنا إليه راجعون , على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو وبأيديهم خزائن الأموال , وفضول الأحوال والقدرة والعدد والقوة والجلد أ.هـ
------------
وهذا واضح في أن المقصود بها : المسلمون الذين بقوا في أرض الحرب ولم يهاجروا إلى دار الإسلام ، أما إذا هاجم الكفار بلاد المسلمين فيجب على المسلمين نبذ عهود الكفار وإغاثــة المسلمين ، بل لاعهد لهم وهم يغزون بلاد الإسلام ـ هذا إذا كانت العهود أقيمت على الشرع ممن يقيم الشرع أما إن لم تكن كذلك فوجودها كعدمها أصلا ـ وليس إنقاذ الاسرى ـ كما قال القرطبي ـ بأولى من إغاثة المسلمين الذين يتعرضون لإبادة من الكفار ، وإلى غزو بلادهم ، وإفساد دينهم ، وإلحاقهم بمعسكر الكفر ، وإذا كان العلماء متفقين ـ كما حكى القرطبي ـ على أنه يجب على المسلمين إغاثة المسلمين إن كانوا أسراء مستضعفين ، ولاعهود للكفار إن فعلوا ذلك بالمسلمين ، فكيف إذا حلّوا بديار الاسلام يعيثون فيها فسادا وإفسادا ويقسمونها ، ثم يعاهدون كل قسم منها ، ليعينهم على احتلال بلاد أخرى من بلاد المسلمين والهيمنة عليها ، فلايقول إنــه يجب احترام عهودهم والحال ما ذكر إلا مغموص في الجهالة .
---------------
وإذا كان الإمام القرطبي يشتكي إلى الله من تقاعس أمراء المسلمين في ذلك الوقت عن إنقاذ أسرى المسلمين ، فكيف بما حل بنا اليوم وقد اسرت بلاد المسلمين كلها ، وقام من الجهال من يجعل للكفار المحتلين المجرمين القتلة اللصوص عهودا شرعية ، ويجعل قواعدهم العسكرية محترمة ، وجيوشهم المحتلة مصونة ، وجنودهم السفاكين مستأمنين ، فإلى الله المشتكى ثم إلى الله المشتكى وإنا لله وإنا إليه راجعون .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006