من لم يكفر كافرا فهو كافر ؟ |
|
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل نطلب منك تفصيلا علميا دقيقا حول قاعدة (من لم يكفر كافرا فهو كافر)
فهل كل من لم يكفر الكفار سواء كانوا اصليين ام لا فهو كافر حتى وان لم يكفرهم لجهله ولقلة علمه
افيدونا بارك الله فيكم
******************
جواب الشيخ:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كلا .. ليس الامر كذلك
فهذه القاعدة ليست منصوصا عليها هكذا ، وإنما قالها بعض العلماء ، أخذا من نصوص الشرع العامة ، وعبر عنها شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب بقوله : ( الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر) وهو تعبير أدق وأدل على المقصود الصحيح من القاعدة ، فهذا شخص أقر بأنهم مشركون ، ومع ذلك لايريد أن يكفرهم ، أو شك في كفرهم ، فشك في الإسلام بالضرورة إذاً، أو صحح دين المشركين فهذا كفــره أوضح .
ومعناها الصحيح يتبين بالتفصيل التالي أن الكفار نوعان :
كفار أصليون، كأهل الملل الاخرى ، كاليهود والنصارى والمجوس والبوذيين والهندوس .. إلخ .
فيقال : إن من امتنع عن تكفير شخص خارج عن دين الاسلام ، لأنه يرد الشرع ولايقر بتفريق الشريعة بين الناس على أساس الايمان والكفر ، كما يفعل العلمانيون مثلا ، فهذا كافر ولايشك في كفره مسلم أصلا . أو بسبب أنه يصحح دينا غير دين الاسلام ، أو يشك في بطلان ما سوى الاسلام ، لان الشك حينئذ يسري على الجانب الاخر وهو الإسلام ، إذ الاسلام وسواه في طرفي نقيض ، فهذا كافر، وإن ادعى أنه مسلم ، لانه لايميز بين الاسلام وغيره ، كما أمر الله أن يميز بينهما ، بالحكم على الإسلام أن حق واجب الاتباع ، وغيره باطل يجب التبرؤ منه ، ولا بين التوحيد والشرك ، ولا بين عبادة الله وعبادة الطاغوت ، ، ولابين المصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم والمكذب أو الشاك فيه ، وهذا لايكون مسلما ـ أعني الذي لايفرق يبن هذه الامور ـ فلايكون الشخص مسلما إلا إن أقر بأن دين الاسلام حق وسواه باطل ، وآمن بالتوحيد وكفر بالشرك والطاغوت ، وآمن بوجوب اتباع محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق ، وتبرأ ممن لايعتقد وجوب الدخول في دينه على جميع الخلق .
وعلى هذا فمن لم يكفر أهل الملل الاخرى ، كاليهود والنصارى والمجوس والبوذيين .. إلخ ، فهو كافــــر اتفاقــا، لكن إن كان جاهلا فقد يعذر بجهله عند الحكم على المعيّن ، في شأن اليهود والنصارى خاصة، إن كان عدم تكفيرهم لجهله بحالهم فحسب ، فيبين له، فإن لم يكفرهم بعد البيان فإنه يكفر .
وذلك لعموم الجهل في العامة إذ يظن كثير منهم أن اليهود والنصارى ، أهل كتاب ، ويظنون أن أهل الكتاب يختلفون عن الكفار ، ولايعرفون حقيقة معتقداتهم ، فحينئذ يجب إقامة الحجة للمعيّن ، وذلك إن كان مثله يعذر بجهله ، فهذا يدخل في مسائل العذر بالجهل في الحكم على المعيّن على أية حال .
--------------------------
النوع الثاني : المرتدون .
فيقال : إن كانت الردة بسبب اتباع دين غير دين الاسلام ، فقد عادت البحث إلى القسم الاول
وإن كانت الردة ، بسبب وقوع ناقض ، فإن كان من توقف في تكفير شخص لجهله بحاله ، أو لأنه شك في دليل الحكم عليه بالكفر ، أو تعارضت عنده الادلة فتوقف ، في الحكم أو في تنزيله على الشخص ، أو كانت المسألة من مسائل الخلاف ، كتارك الصلاة مثلا ، فلايحكم بالتكفير هنا بمجرد هذا إلا جاهل .
------------
وأما من توقف عن التكفير ، مع إقراره بأن المرتد ، قد أتى بما لايبقى فاعله مسلما ، فهذا يكفر ، لأنه لايفرق بين الاسلام والكفر .
فقد عادت القاعدة إلى أن معناها ، إطلاق حكم التكفير على من لايفرق بين دين الاسلام وسواه ، بالإيمان بأن الإسلام حق وسواه باطل ، أو لايقر أحكام الشريعة التي تفرق بين الإسلام والكفر .
إما أنه لايلتزم الشرع أصلا ، أو أنه لايقر بأن كل ما سوى الاسلام هو الكفر الذي تجب البراءة منه ، وكلاهما كافر بالاجماع والله أعلم .
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006