السلام عليكم و رحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ ماحكم تهنئة النصاري باعيادهم والاحتجاج باننا مضطرون لان العمل كله نصاري و انهم يهنئوننا بعيدنا

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

فالإسلام لايحرم تهنئة غير المسلم بمناسباته السعيدة ، كما لايحرم عيادته أو تعزيته ، غير أن العيد الذي مناسبته عقيدة شركية ، وإحتفال كفري ، أو مرتبط بمحظور شرعي ، لايجوز للمسلم أن يهنـىء غير المسلم به ، بإتفاق العلماء ، وسبب عدم فهم بعض الناس لهذا الحكم ، بعدهم عن الدين ، وعن فهم العقيدة ، ولهذا لو كان ثمة عيد لغيـر المسـلم، وكان سبب إحتفال الغير به ، معنى يرفضه المسلم ، فإنه لايجد إشكالا في فهم الإمتناع عن التهنئة به ، لأنه يرى بوضوح أنها نوع من المشاركة والإقرار ، فمثلا لو كانـوا يحتفلون بيوم موت محمد صلى الله عليه سلم ، أو يوم إحتلال القدس ، فإنه لن يهنئهم قطعا ، وسيفهـم بفطرته أن التهنئة هنا محرمة ومرفوضة،

 كذلك لو تذكر انهــم يحتفلون بعيد الميلاد ، لأنه اليوم الذي اتخذ الله فيه الولد ـ تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا ـ وأن هذه العقيدة من أعظم الكفر حتى قال تعالى ( وقالوا إتخذ الرحـمن ولدا ، لقد جئتم شيئا إدّا ، تكاد السموات يتفطرن منه ، وتنشـــقّ الأرض ، وتخــرّ الجبال هــدّا ، أن دعوْا للرحمـن ولــدا ) ، فأنظـر إلى عظيم هذا الجرم الذي يضج من هوله الكون كله ، فكيف يجوز لمسلم أن يهنـىء النصارى بعيد يحتلفون فيه بهذه العقيدة ؟!

وينبغي للمسلم أن يتخــذ هذا العيد النصراني ، مناسبـة ليدعو إلى الإسلام ، وليبيّن خطورة نسبة الولد لله تعالى ، لا أن يهنىء النصارى بهذا العيد الكفري والله المستعان . 

وفيما يلي فتوى للفقيه العلامة محمد العثيمين رحمه الله :

تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق. كما نقل ذلك ابن القيم – رحمه الله – في كتابه " أحكام أهل الذمة " حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات. وهو بمنـزلة أن تهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه . وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية ، أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه " انتهى كلامه -رحمه الله- .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ( ابن القيم ) لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ، ورضى به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنئ بها غيره؛ لأن الله – تعالى- لا يرضى بذلك كما قال الله –تعالى- : ( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ) [ الزمر : 27 ] وقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) [ المائدة : 3 ] ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى لأنها إما مبتدعة في دينهم ، وإما مشروعة ، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق ، وقال فيه : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) [ آل عمران : 85 ] .
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " انتهى كلامه – رحمه الله - .
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم ، سواء فعله مجاملة ، أو تودداً ، أو حياءً ، أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.
والله المسئول أن يعزّ المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز .

[ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ ، المجلد الثالث ، ص 44 ]


الكاتب: عمر
التاريخ: 25/12/2008