لما الاختلاف ؟

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سألتى اليوم اخت وقالت لما الاختلاف اذا كان قراءننا واحد ونبينا واحد فلما الاختلاف ؟ ولما يطلع بعض الشيوخ ويقولون ان الغناء حلال او فتاوى غريبة فلماذا يفعلون هذا ؟ هل هدفهم تضليل الناس ؟ هل هم يعرفون الحق ولا يعملون به ؟
سألتنى الاخت هذه الاسئلة ولم استطع الرد قلت لها ان النبي اخبرنا اننا سنفترق على 73 شعبة و لكن هى تقتنع بما قلت قلت لها سأرسل السؤال الى الشيخ عسي ان نعرف الاجابة ...

فارجوا معرفة الاجابة وجزاكم الله خيراً

***************

جواب الشيخ:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

 

الجواب مبسّطا وسهلا لفهم العموم ما يلي : ـ

 

الاختلاف ثلاثة أنواع :

 

أحدها : اختلاف حسـن ومطلوب وهو اختلاف التنوع ،

 

 بمعنى أن يأتي في الشرع ،  أشياء مختلفة ، ولكن كلها حق ، وهذا لا إشكال فيه ، بـل هو مثل اختلاف الألوان في المنظر الجميــل ،واختلاف الزهور في الروض المشــرق ، واختلاف تضاريس الطبيعة الــتي تجعل منظرها رائعا

 

كذلك اختلاف البشر الذي يكون من هذا النوع ، يجعل تراث الأمة جميلا بتنوعه ، ويعطيه ثراء وسعة ،

 

 فهذا النوع لا غبار عليه وهذا لاتقصده السائلة بلا ريب ،  ولكن نذكره من باب حصر الأقسام.

 

وهذا مثل اختلاف القراءات في القرآن ، واختلاف السنن في أداء عبادة وكله صواب مثل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في كيفيات صلاة قيام الليل والأذان ونحو ذلك ، فقد وردت صور مختلفة كلها حق .

 

ومن اختلاف التنوع اختلاف مدارس العلماء ، وأساليب التدريس ، وطرق التأليف ،  وتغاير التخصصات ،  وتعدد الفنون في العلوم ،  وغيرها ، مما يجعل ثقافة الأمــة مثل جغرافيــا الأرض البهيجـة الــتي أشرق بروعة جمالها اختلاف تضاريسهــا .

 

 

النوع الثاني  : اختلاف ،   فيه مصيب ،  ومخطىء ،

 

 ولكن المخطئ فيه ، خطؤه ،

 

1ـ إماهو مجتهد فيه له أجر ، وإن أخطـأ  ، مثل خلاف العلماء في حكم كشف المرأة وجهها ، فمنهم مجتهد مصيب ، ومنهم مجتهد مخطئ ، ولكن المسألة اجتهادية ، وفيها وجهتا نظر لاتخلو كلّ واحدة من قوّة .

 

2ـ أو يكون الخطأ يسيرا ،  ليس في كليّات الدين ، وإنما في جزيّئاته ،  مثل من يجيز (الموسيقى)،  فهذا مخطئ ، نردّ عليه ،  ونبين خطأه ، ولكن لايصل الأمر إلى عدِّه من الفرق الضالة ، مادام لم يتعمد مخالفة الشرع .

 

وسبب وقوع هذا الخطأ ، إما عدم علم المخطئ بالدليل الشرعي ، فيفتي بخلافه ، وهو لايشعـر ،

 

أو يخطئ في فهمــه للدليل الشرعــي،

 

 أو يظنه منسوخا .

 

والأصل هنا أن نحسن الظنّ فيمن أخطأ ، بأنه لم يتعمد مخالفة الشريعة .

 

النوع الثالث / هـو المشكلة :

 

وهو الاختلاف الذي يكون المخطئ  فيه خرج عن دائرة الكليات الدينية  ، الــتي قام عليه الدين وكانت قطعية في القرآن والسنة .

 

فهذا النوع ، المخطئ فيه ،  هو الضالّ ، وفيهم ورد حديث  (ستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة ).

 

وإذا سألت الأخت لماذا يحصل هذا أذن ؟!ـ

 

فالجواب : هي فتنة العقول.

كما أن المعاصي فتنة الشهوات.

 

فكما أن الحياة ابتلاء في الشهوات.

فافترق الناس إلى صالحين .

وإلى فرق أخرى غير صالحة.

مثل الزناة والسراق والقتلة والكذبة  ..إلخ

 

كذلك هــي الحياة ابتلاء في الشبهات العقلية.

 

فافتتن بعض الناس فيها مثل ما افتتن غيره بالشهوات.

 

فضلّوا أيضا وانحرفوا .

 

فجاءت الفرق مثل الرافضة ،والخوارج ، والقدرية، والمرجئة ،  ..إلخ

 

أما موقف المسلم ، فالمسلم يتخذ موقفه ،على وفق درجة الخطأ :

 

فثمة خطأ يستدعي بحثا هادئا يتمّ فيه تبادل وجهات النظر في ودّ .

 

وثمة خطأ يستدعي ردا جازما ، ويبقى مع ذلك المخطئ أخا .

 

وثمة خطأ يستدعي موقفا حازما ، ولايعني قطع الإخوة الدينيّة أيضا .

 

وثمة خطأ يستدعي التحذير  العام ، ويبقى حقّ الإسلام.

 

وثمة خطأ يستدعي المفاصلة ، أو إعلان الحرب مع المفارقة بحسب الحال.

 

ومردّ الاجتهاد إلى أهل العلم الجامعين بينه ويبنه القيام بالقسط وهو العدل ،  والحلم ، والترفع عن حظوظ النفس ،

 

والمسلم المســدّد من سلم المسلمون من لسانه ويده ، ومن اشتغل بعيوبه عن عيوب الناس فهو الموفق من رب الناس.

 

والله أعلم


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006