أشعر الرضا بعد العمل الصالح فهل هذا يعني أن الله راض عني ؟

 

السؤال:

أشعر الرضا بعد العمل الصالح فهل هذا يعني أن الله راض عني ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنت اود ان استفسر في امرالشعور بالرضا والتفاخر داخل نفسي والاحثاث بان الله راضي عني رضاءا كاملا اي بيني وبين نفسي ولست قاصدة الرياء امام الناس ولكن اقصد في داخلي امام نفسي فقط فمثلا عند القيام باي عبادة ما فمثلا عندما اقيمالليل واصلي الفجر او افعل اي شيء من العبادات هناك اوقات ما اشعر بالرضا واشعر انا الله راضيا عني ولكني سمعت في ندوة ما ان هذا الشعور بالرضا يفسد القلب ويقلل من الاعمال التي تقربنا من الله فهل هذا حرام باني اشعر بالرضا والاعتزاز باني فعلت اي شيء يرضي الله فهذا الشعور في اوقات ما اشعر به عندما اصلي بخشوع مثلا او اي انسان يشكر في التزامي مثلا وهناك اوقت كثيرة عندم اصلي القيام واقرا القران واشعر بالرضا باني عبدت الله وذكرته وخشعت له ويجيء علية النهار اشعر بالكسل في العبادة وسمعت في الندوة ان الله يخزل من يتفاخر بداخله واذا كان هذا اثم فعلا فما علاجه وماالدعاء الذي نقله لكسر الانسان وكسر هذا الشعور وكيف استغفر لله حينما اشعر بهذا الرضا لان هذا الشعور غير ارادي بدرجة كبيرة ارجو منك الافادة لاني هذا الموضوع يهمني .

*****************************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

العمل الصالح له أثر حسن على النفس ، ولهذا سميت الحسنات حسنات ، لانها حسنة في ذاتها ، ولأنها حسنة في ثمارها على النفس والمجتمع ، والعمل الصالح يعقب في النفس الشعور بحلاوة الإيمان كما صح في الحديث ، ويثمر إنشراحا في الصدر كما قال تعالى ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ) ، كما يعقب اطمئنانا في القلب كمــــــــا قال تعالى ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ـ وهذا كله يظهر على صورة الرضا النفساني بعد العبادات ، وهذه علامة حسنة جدا ، وهي التي قصدها العلماء الذين قالوا إنا في سعادة لو يعلمها الملوك لقاتلونا عليها ، فهي سعادة المؤمن في الدنيا ، وهي المقصودة بقوله تعالـــى ( فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ) ـ وهي التي قصدها شيخ الإسلام عندما قال ( أنا جنتي في صدري ) ـ

--------

ولكن يجب ان نفرق بين هذا الذي هو أثر العبادة الحسن على النفس الإنسانية ، لأنها رجعت إلى ربها وعبدته فشعرت بسكينة اللجوء إلى خالقها ، وحلاوة القيام بواجبها تجاههه، وبين أن يقول العبد أن الله راض عنه بسبب ما قام به ، بل يجب أن يبقى خائفا ، لايأمن مكر الله ، راجبا رحمته ، وراهبا عقوبته ، متعلقا بالله أن يثبت قلبه ، ويحسن خاتمته ، ولايجوز له أن يعجب بعمله ، فالعبد مادام يشعر بالتقصير ، متنزها عن الرياء ، والعجب وهو رؤية النفس ، شاعرا بأن مابه من نعمة فهي من الله ، لا من نفسه ، وأنه ليس لنفسه شيء من فضل أو خير إلا من الله تعالى وحده ، كما قال تعالى ( فما بكم من نعمة فمن الله ) وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية ، مادام العبد كذلك فهو على خير . --- وأظن السائلة اختلط عليه الفرح الذي ياتي به العمل الصالح ، وهو نتيجة تلقائيه للأعمال الصالحة ، وعلامة حسنة ونعمة عظيمة ، كما في الحديث ( إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن ) ، فظنت أن هذا يقتضي أن يقول العبد في نفسه أن الله راض عني ، كلا فلايجوز لمسلم أن يأمن على نفسه من زيغان القلب ، وتسليط الشيطان ، وتغير الحال بل يشكر الله على ثمرة العمل الصالح وحلاوة الإيمان ، و يقول كما قال ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام : ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) ـ سائلا ربه دائما حسن الخاتمة ، فإن الأعمال بالخواتيم وحتى لايغتر الإنسان بعمله ، عليه أن يكثر الإستغفار بعد العمل الصالح ، كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ، وأن يعلم أنه مهما عمل من الصالحات فهي زينة ألبسه الله إياها ، ونعمة انزلها الله عليه ، وفضل أوصله الله إليه ، ليس له منّــه فيه ، بل المنة كلها لربه ، الذي قال ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقوها ) والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006