تحرمون إعانة الصليبيين في هذه الحرب وتجلسون ! فماهو الحل بالنسبة للانظمة المستبدة الطاغية ؟ |
|
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ حفظكم الله تعالى .. من كل سوء ..
في الحقيقة يا شيخ .. لقد استفدت من مقالاتك كثيرا كثيرا .. في الرد على من يبيح الهذه الحرب الصليبية ..
ولكن بعض الناس يقولون : ما دمتم حرمتم هذه الحرب .. فماهو الحل المقترح .. لتخليص الشعب العراقي المسلم من هذا الطاغية .. فالشعب يعاني منه ونحن - كوننا كويتيين - ذقنا جزء مما ذاقه هذا الشعب المسكين )
فهم قصدهم ألا تحرموا وتقعدوا ( هذا ما وُجّه لي ) بل اقترحوا الحلول لكي يقتنع الناس بهذا ..
أرجو من فضيلتكم التكرم والاجابة على هذا السؤال ،،
ولكم جزيل الشكر والامتنان
**************************
جواب الشيخ:
ما هو الحل ؟
الحل يا أخي هو بالتوكل على الله .
وامتطاء نهــج ( احفظ الله يحفظك )
والرضا بقضاء الله وقدره .
وامتثال أمر الله تعالى . أليس هذا هو الذي أمرنا الله تعالى به في كل الاحوال .
**** وأقول : لو فرض أن المرء قال: دعني أكف نفسي ، وأنتظر قدر الله تعالى ، فهو سالم على كل حال ، لايمكن لاحد أن يؤثمه . بينما لو خاض امرؤ في هذه الحرب فرضي بقلبه ، أو خاض لسانه ، أو أعان بفعله ، الحملة الصليبية ، فكونه سيأثم هو احتمال ـ على سبيل التنزل ـ لايمكن دفعه . فدل هذا على أنه ينبغي للعاقل أن يختار جانب السلامة المضمونة ، بما أن موقفه لن يغير من الامر شيئا ، ذلك أن الصليبين لايدرون شيئا عن تأييد هؤلاء الجهلة أصلا !!
وأقول قبل أن أشرع بشرح الجملة التي ذكرتها أول هذا الجواب ، بعض الناس يسأل هنا عن الحلول ، وكأن الحل بات الآن بأيدي الشعوب ، وقد سبق السيف العذل ، بخيانة الحكام أمتهم ، واعتبارهم شعوبهم مثل قطعان الغنم ، واسلام الزعماء ديار الإسلام إلى أعداء الأمـة منذ عقود ، فأصبحت أرض الإسلام مستباحة لأعداءها ، حتى صارت الشعوب المسكينة تستجدي الحلول من متعصبة اليهود والنصارى ، ولصوص النفط !!
وكأن أمريكا التي قررت احتلال العراق ثم الهيمنة على بقية المنطقة ، تنتظر منا الجواب على هذا السؤال ، ما هو الحل ؟؟ وهي أصلا لاتعد زعماء المنطقة سوى خدام عندها ، يحرسون حدودها الاستعمارية التي وضعتها بريطانا كالطواغيت التي غدت تعبد من دون الله تعالى ، لايعدون حكام المنطقة شيئا ، فضلا عن شعوبها !
ــــــــــــــ
ولكنك قد تقول : نحن نسأل عن دورنا نحن ، دور كل واحد منا ؟
إذاً أقول ـ وعلى سبيل التنزل ـ لو فرضنا أن العاجز المتحير ، قد كف نفسه ، فاعتزل هذه الطامة ، هل سيؤثر إنكفاف أحد على خطط أمريكا ؟
بلا ريب ستقول لي : لا ؟
إذاً ـ ليت شعري ـ لماذا لا يكف المتحير في هذه الطامة نفسه ، عن تقديم أي عون للكفار ، وأن يطهّر قلبه من أن يفرح بما تفعله أمريكا من عهر وعربدة في عالمنا العربي ، ليسلم من تبعات إجرامها ، ويدع الأمور تساق بقدر الله تعالى .
أقول هذا على سبيل التنزل فحسب ، وإلا فالفرض بلا ريب على كل مسلم أن يسعى بكل ما أوتي من قوة ، في أن يشارك في صد هذه الهجمة الصليبية ، وأن يبتغي رضا الله في أن يؤثر مصلحة الإسلام على دنياه ، وعلى كل ما سوى الإسلام ، ذلك أن سعي المؤمنين في جهادهم لنصر الدين سيؤثر بإذن الله في كف بأس الذين كفروا ، والله أشد بأسا وأشد تنكيلا .
وإن المرء والله ليعجب من هؤلاء الذين يسعون في تأثيم أنفسهم ، بالفرح بنصر أعتى ، وأشد ، وأجرم قوى الأرض عداوة للمسلمين وهي أمريكا ، واحتلالها العراق ، وهم يعلمون كم من الشرور هي عازمة بعد ذلك أن تفتحها على المنطقة ، وأن أكبر مستفيد من ذلك هم أعداء الله اليهود الصهاينة أولياء الصليبيين .
لاتقل لي أكبر مستفيد هو الشعب العراقي ، فهذا كذب لا يصدقه إلا المغفلون .
وهل استفادة الشعب العراقي من الهيمنة الأمريكية ـ إن حصلت ـ سوى أن يملأ الكفار بطنه في النهار من المطاعم الأمريكية ، ويسهر على ( الشو تايم ) الأمريكية بالليل ، لينسى أمته ورسالتها ، هل يصنع الأمريكيون غير هذا ، إن صنعوا ما يظنه الناس نفعا للناس ؟!!
مع أنهم لا يحلون بلداً إلا ويملئونها فحشا وإجراما ، ويهلكون دينها ، ويحاربونـه بالمكر الكبّار الخبيث ، هذا ما نطق به القرآن ، وهذا حالهم وواقعهم لا يخفى على ذي بصيرة .
نعم ، والله إن أولئك الفرحين باحتلال أمريكا للعراق ، يفرحون اليوم بذلك ، وهم يعلمون أن الأمريكيين ـ أعني الصليبيين ـ أصلا يحتقرونهم ، ولا يدرون عن فرحهم شيئا ، وسيأتي اليوم الذي يبكــون أكثر مما يفرحون اليوم ، ولا يصنعون بفرحهم شيئا سوى كسب الآثام العظام ، إن لم يكونوا قد وقعوا في الردة عافانا الله ، وعش رجبا ترى عجبا ، ممــن يفرح بما يضره ولا ينفعه !!
ــــــــــــــــ
ثانيا : العجيب في هذه القضية أن لها جانبين كما هو الحال في كل القضايا والأحداث :
أحدهما : جانب أمر الله القدري.
والثاني : جانب أمر الله الشرعي.
أما جانب أمر الله القدري فيها ، فالعجيب ، أن الناس يخافون من أن انهزام امريكا سينقص عليهم أرزاقهم ، ويقرب إليهم آجالهم، فقد جعلوا يقينهم بأمريكا ، وتعلقت قلوبهم بها .
ولتوهمهم أن الحزب الحاكم في العراق ، بيده أن يمنع عنهم رزقا كتبه الله لهم ، أو يقرب إليهم أجلا قدره الله عليهم ، فهو خائفون على دنياهم ، اكثر من خوفهم على دينهم إن هيمنة أمريكا عليهم !
وجهلوا أن الأرزاق والآجال بيد الله تعالى ، ليست بيد الزعماء ، كما جاء في حكمة السلف ، إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لا يقرب أجلا ، ولا ينقص رزقا .
وقد عمدوا بصنيعهم هذا إلى ما تكفل الله تعالى به ، فخافوا أن يذهبه عنهم غير الله تعالى ، بينما هو أمر قدري ، قد قدره الله تعالى لا ينقص ولا يزيد .
ولهذا لما دعت أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قائلـــة : اللهم أمتعني بزوجي رسول الله، وبأبي سفيان، وبأخي معاوية، قال: فقال النبي، قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئا قبل أجله، ولن يؤخر شيئا عن أجله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب النار وعذاب في القبر -: كان خيرا وأفضل ، خرجه مسلم في القدر من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
وأما ما أمرهم الله بامتثاله شرعا ، وهو أمر الله الشرعي ، أن لا يعينوا ظالما على ظلمه ، وأن يتبرءوا من أعداء الله تعالى لاسيما هؤلاء الكفار ، كفار أهل الكتاب ، أشد الناس عداوة للذين آمنوا ، وأعظم سعيا في إطفاء نور الإسلام ، وأمضاهم عزيمة في الصد عن سبيل الله .
أما ما أمرهم الله تعالى بامتثاله من هذا الامر العظيم ، ففرطوا فيه ، واستهانوا به ، وزين لهم شيوخ السوء ، تهوين خطر هؤلاء الكفار ، وتمني علوهم في أرض الإسلام > كما سول لهم شيوخ السوء ، إباحة إعانة الكفار على مقاصدهم الخبيثة ، شيوخ السوء ، المضلون الخلق بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير .
فتأمل يا أخي كيف أنهم :
خشوا من حصول غير المقدور بأمر الله القدري الذي تكفل الله به ، وهو ممتنع لايمكن أن يحصل لهم سوى ما كتبه الله لهم ، في الأجل ، وفي الرزق .
فإن كتبه الله تعالى لهم في هذه أرض ، فسيوفى لهم ، وإن كتبه الله لهم في غيرها فسيوفى لهم لا محالة ، وكذلك الآجال .
وفرطوا بما أمره الله تعالى من امتثال الأمر الشرعي .
وسبحان الله ، تأمل كيف زين لهم الشيطان أعمالهم ، فقلب عليهم الأمور رأسا على عقب .
فجمعوا بين عدم اليقين بأمر الله القدري ، والتفريط في أمر الله الشرعي .
ـــــــــــ
إذاً الحل أن نتمثل أمر الله الشرعي ، بالبراءة من الكفار ، وكراهية ظهورهم في الأرض ، وبكف النفس عن إعانة الظالمين ، هذا أدنى الواجب على العاجز ، وإلا فقد ذكرنا أن تفريط القادر من المسلمين في صد هذه الحملة الصليبية إعانة على هدم الدين .
وأن نتيقّن أن آجالنا بيد الله تعالى ، وأرزاقنا قد تكفل الله بها ، فنستعين الله بالصبر والصلاة ، ونعلم أن قول النبي صلى الله عليه وسلــم ( احفظ الله يحفظك ) هو المنهاج الذي يجب أن يسير عليه المؤمن ، فالله جل وعــز بيده الأمر كلّه ، وإليه يرجع الأمر كله ، علانيته وسره .
ـــــــــ
فإن فعلنا ذلك ، فاحتلت أمريكا العراق ، لم نخسر شيئا ، فأمر الله القدري ماض على كل حال ، شئنا أم أبينا ، وقد امتثلنا أمر الله الشرعي .
وإن لم نفعل ذلك ، أثمنا ، بسبب يقيننا بغير الله ، وعدم امتثالنا طاعة الله ، وأمر الله القدري ماض على كل حال شئنا أم أبينا .
وكل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها .
ــــــــ
وأخيرا أقول ، كلما تأمل المسلم حكمة السلف ، إن عادة الله تعالى أن يستعمل من يشاء في مرضاته جزاء على صالح قدمه لله .
ويستعمل من يشاء في مساخطه ، عقوبة على سيئات قدمها .
كلما تأمل المسلم هذه الحكمة ، تملكه الخوف من أن يكون الله تعالى قد سخط على القوم الذين جعل مصيرهم مقرونا بمصير الصليبيين المخذولين الملعونين ، بسبب ما قدموه مما يعلمه الله ولا نعمله من السيئات الظاهرة والخفية .
فإلى الله تعالى وحده نلجأ ، وبه نعتصم ، وبرحمته نستغيث ، ونسأله بحق اسمه الأعظم أن يرزقنا العافية في الدنيا والآخرة ، وأن ينجينا برحمته من القوم الظالمين ،وأعوانهم ، وأن لا يجعل مصيرنا مصيرهم ، وأن يجعل عاقبة أمورنا كلها رشدا ، ويحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، ذلك الفضل من الله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006