تدريب الشرطة العراقية؟

 

السؤال:

فضيلة الشيخ - حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد سمعتم عن تدريب الآلاف من أفراد الشرطة العراقية، وأن هذا الأمر سيتم في الأردن، وهو قد بدأ فعلا، ويقوم بإلقاء المحاضرات على أفراد الشرطة العراقية محاضرون أمريكان وبريطانيون على الأراضي الأردنية كما ذكرت لكم، وهم يحتاجون مما يحتاجون إليه إلى المترجمين، وذلك كحلقة وصل بينهم وبين أفراد الشرطة العراقية. ولهذه الغاية، فقد تم نشر إعلان في الصحف المحلية الأردنية عن الحاجة إلى مترجمين، من غير ذكر عددهم أو الغاية منهم، ولهذا فقد تقدم أحد المراكز - والقائمين عليه من الذين يتقون الله في عملهم وفي المال الذي يحصلون عليه، ونحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا - حتى يتولى هذه المهمة، ولكن بعد التحقق من الأمر، تبين ما بينته لفضيلتكم.

وقبل السؤال ينبغي أن أنبه إلى نقطة، وهي أنه في حالة عدم تقدم المركز لهذه المهمة فإنه سيكون هناك العديد من المراكز التي ستتولى ذلك.

والسؤال هو: هل يجوز الاستمرار في مثل هذا العمل، أم هل يجب التوقف عنه؟
وما حكم الذين يعملون كمترجمين لهم؟ وهل يجوز للمركز إيفاد أو توظيف النصارى لذلك؟ (وأرجو تبيان ذلك في هذه الحالة وبشكل عام بالنسبة لتوظيف النصارى).
هل يعتبر ذلك نوعا من دعم الاحتلال والعدو وتقديم المساعدة له؟ مع العلم أنه كان من المقرر أن يقوم الأردن بتدريب أفراد الشرطة العراقية وليس الأمريكان والبريطانيون.

أرجو من فضيلتكم التكرم بالتفصيل في هذه المسألة وشملها من جميع جوانبها ما أمكن، وأرجو كذلك السرعة في الرد قدر المستطاع.

وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

*************************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :ـ

لا يخفى على مسلم أن البراءة من المحتل الأمريكي للعراق ومن كل ما يعينه على إنجاح مشروعه ، ومقاطعة جميع مشاريعه التي من شأنها تكريس احتلاله ، وإتمام مخططه ، الذي يتعدّى احتلال العراق إلى الهيمنة على كلّ المنطقة بما يترتب على ذلك من محاربة لدين الإسلام ، وسعي لإطفاء نوره ، وهيمنة على أرض المسلمين ، وسرقة لثروات بلاد المسلمين ، وإلحاقها بمشروعه الإمبريالي المسمّى " مشروع القرن الأمريكي " ، وحماية ودعم المحتل الصهيوني لفلسطين ، أن البراءة من ذلك كله ، و مقاطعة كل ما من شأنه تحقيق أهداف الاحتلال الأمريكي للعراق ، فرض على المسلمين بل أصل من أصول الإيمان ، وفصل بين الإيمان والكفر، ولا يسع المسلم بحال أن يتهاون في هذا الأمر الخطير .

ومن انضم إلى عسكر المحتلين ضد المجاهدين في العراق ، حتى لو كان مترجما ، أو مفتيا يلبس على المسلمين دينهم ، هو شريكهم في جميع آثامهم ، ومعينهم في جميع جرائمهم ، على قدر ما أعانهم فيه .

وكلّ ما يأخذه من مال منهم فهو كمن يأخذ رشوة في دماء المسلمين ، ويبيع دينه بعرض من الدنيا ، و من قاتل معهم ضد المسلمين المجاهدين لتحرير أرضهم من المحتلين ، فهو مرتد ، وحكمه حكم المحتلين ، وهذا لاخلاف فيه بين العلماء ، ومن الأمثلة القريبة في التاريخ من استعمار القرن الماضي ، ما ذكره قاضي الجماعة بمراكش سيدي عيسى السجستاني ناقلا عن الإمام البرزلي المالكي لما تكلم على الفئة التي وقعت استغاثتها بالعدو ما نصه ، وأحفظ أني رأيت لابن الصيرفي في دولة لمتونة من صنهاجة أن المعتمد بن عباد استعان بهم ـ أي النصارى ـ على حرب المرابطين فنصرهم الله عليه ، وهرب هو ، ثم نزل على حكم يوسف بن تاشفين أمير صنهاجة ، فاستفتى فيه الفقهاء ، فأكثرهم أفتى بأنها ردة ) النوازل الكبرى 3/23

فهذا فيمن استعان بالكفار في حربه ضد المسلمين ، فكيف بمن انطوى تحت الكافرين ، وقاتل في مشروعهم ، ونصــر مخططهم ، يسفك في سبيل ذلك دماء المسلمين ، ويعلي راية الكفر والكافرين ؟!!

ولاخلاف في هذا بين أئمة العلم عملا بقوله تعالى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) ، ولا يتبرأ الله تعالى إلا من كافــر ، وإذا كان هذا حكم الشرطة التي تتعاون مع المحتل ، فمن أعانهم على فعلهم ، ولو بالترجمة ، فقد خان الله ودينه وأمته ، وأعان على هدم الإسلام ، وشاركهم في قتل المسلمين ، وفي الصــــد عن دين الله تعالى ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) .

قال الحق سبحانه في سورة الممتحنة : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ * إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاأَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006