فضيلة الشيخ أصدر مجموعة من المنتسبين للعلم الشرعي من جنوب اليمن بيانا يصب في الدعوة إلى أحقية الجنوب اليمني في الإنفصال فما ردكم عليه ؟

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
 
هذا البيان يتضمن أمرين ، أحدهـما : حكم وسائل الإحتجاج السلمية ضد السلطة لإنتزاع الحقوق ، ولاإشكال فيما ورد فيه أنها تدخل في قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد ،  فهي مباحة في الأصل ثم يحكم على آحادها بعواقبها ، وما استدل به لاغبار عليه ، غير أنَّ هذا على وجه الإطلاق ، بغض النظر عن استعمالها فيما يسمى الحراك الجنوبي.
 
والأمر الثاني تحريض البيان على تمزيق وحدة اليمن ، بناء على أنه لاحلَّ سواه لعلاج ظلم السلطة ، وفسادها ، وهضمها حقوق الجنوبيين ، وإيراده أدلة من الشرع لا تدل بحال على هذا المقصود ، وهذا لاريب خطأ عظيم ، وجسيم ، ومخالفة لنصوص ، ومقاصد الشرع العظيـم ،
 
وما عواقبه على اليمن ، والأمَّة إلاَّ الشرور ، والفتن .
 
ومن الواضح أن حلِّ المعضلة اليمنية يقوم على التفريق بين السلطة الجائرة التي هي مفسدة لايجوز إهمالها ، بل يجب تقويمها بكلِّ الوسائل المشروعة ، وهذا المقصـد المنيف ، من أعظم مقاصد السياسة الشرعية في الشرع الحنيف ، ويتحمَّل مسؤولية هذا أهل الحلِّ العقد من الشماليين والجنوبيين ، ويجب عليهم العمـل على تحقيقه مستبعدين فكرة التقسيم تماما ، إذ هـو إضافة كارثة أخرى على اليمن ، وليس حلاَّ لمشكلته .
 
 وبين الوحدة الصالحة التي هي مصلحة محضة لايجوز هدرُها.
 
والبيان المذكور يخلط بين الأمرين ، ويحمـّل معادلة توهمها هي : (الإصلاح هـو الإنفصال ) ، على أدلة شرعية لا علاقة لها بهذا المعادلة لا من قريب ولا من بعـيد ، وكأنه يوظف الشرع لتحقيق أهداف سياسية تخطط لتقسيم اليمن ،
 
 وهو بيان لم يخرج من مشكاة الحكمة اليمانية المعهـودة  !
 
وقد علم من دلائل الشرع المتواترة أنَّ كلَّ ما يؤدي إلى وحدة الأمة مطلوب محمود من ذلك قوله تعالـى ( واعتصموا بحبل الله جميعــا ) ، وقــول النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( وكونوا عباد الله إخوانا ) رواه مسلم ،  وكلّ ما يؤدي إلى تمزيقها وتفرقها منهي عنه مذموم ، من ذلك قوله تعالى ( ولاتنازعوا فتفشلوا ) ، ولهذا صار فساد ذات البين هو الحالقة كما في الحديث الصحيح ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم التفرق والتناحر بين الأمة تشبهاً الجاهلية ، وأنها دعوى الجاهلية ، وقد بينت سابقا ما وراء مخطط تقسيم اليمن من المخاطر على الأمة هنـا
،
والله أعلم.   

الكاتب: زائر
التاريخ: 11/12/2009