فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به |
|
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
شيخنا يقول الله عز وجل**وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين **
فهل يجوز شرعا ان يرد المسلمون على الكافرين بنفس اساليب قتالهم لهم فإن قتلوا المدنيين قتلنا مدنييهم وإن هدموا منازل المسلمين هدمت منازلهم وهكذا وكيف تكون المعاقبة بالمثل هل يعني الأسلوب في الرد؟ وهل امر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر يعد ناسخا لحكم القصاص بالمثل من المعتدين ام انه في التخيير.
**********************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
أصح قولي الفقهاء جواز عقوبة الكفار بالمثل إن هم مثلوا بقتلانا ، وليس ذلك منسوخا ، يدل عليه حديث :
أبي بن كعب رضي الله عنه قال : لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلا ، ومن المهاجرين ستة ، منهم حمزة بن عبد المطلب ، فمثلوا بهم ، فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم في التمثيل ، فلما كان يوم فتح مكة ، أنزل الله تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) فقال رجل : لاقريش بعد اليوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كفوا عن القوم إلا أربعة ) رواه الترمذي .
ودل الحديث على جواز التمثيل بالعدو عقوبة بالمثل فقط ، وأنه لا يجوز لغير ذلك .
قال في المغني : ( ويكره نقل رؤوس المشركين من بلد إلى بلد ، والتمثيل بقتلاهم ، وتعذيبهم ، قال الزهري : لم يحمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم رأس قط ، وحمل إلى أبي بكر رأس فأنكره ، ويكره رميها بالمنجنيق ، نص عليه أحمد ، وإن فعلوا ذلك لمصلحة جاز ، لما روينا أن عمرو بن العاص حين حاصر الإسكندرية ظفر برجل من المسلمين أخذوا رأسه ، فجاء قومه عمرا مغضبين ، فقال لهم عمرو : خذوا رجلا منهم فاقطعوا رأسه ، فارموا به إليهم في المنجنيق ، ففعلوا ذلك ، فرمى أهل الإسكندرية رأس المسلم إلى قومه ) المغني 10/565
ومعلوم أن التمثيل الجائز على وجه العقوبة بالمثل ، لا يكون في نفس الذي مثل في قتلانا ، لان ذلك لا يعرف غالبا ، فدل على أن العقوبة في حكم الجملة ، وأيضــا فإنه جاز التمثيل بقتلاهم عقوبة بالمثل لما فعلوا ، من أجل تحقيق مصلحة ردعهم عن العدوان ، فيشمل ذلك إن هدموا المنازل ، أو قتلوا من لا يقاتل منا ، فنعاقبهم بالمثل، وذلك لحماية أموال المسلمين ودماءهم .
لكن ينبغي أن يعلم أنه ليس من ذلك رمي الكفار بما يقتلهم من السلاح الذي يعُــم به الهلاك، وإن أصاب من لا يقاتل ، فإن هذا جائز أصلا حتى لو يكن مجازاة بالمثل ، لأنه لا يقصد به قتل من لا يقاتل ابتداء كالنساء والأطفال ، بل يكونون تبعا ، وهذا مشروع كما :
قال النووي رحمه الله : ( يجوز حصار الكفار في البلاد والقلاع ، وإرسال الماء عليهم ، ورميهم بنار ، ومنجنيق ، وتبييتهم في غفلة ) قال الشارح في مغني المحتاج " وما في معنى ذلك من هدم بيوتهم ، وقطع الماء عنهم ، وإلقاء الحيات والعقارب عليهم ، ولو كان فيهم نساء وأطفال ، وصبيان ، لقوله تعالى : ( وخذوهم واحصروهم ) ، وفي الصحيحين أنه حاصر الطائف ، وروى البيهقي أنه نصب عليهم المنجنيق ، وقيس به ما في معناه مما يعلم الإهلاك به إلى أن قال : وظاهر كلامهم أنه يجوز إتلافهم بما ذكر ، وإن قدرنا عليهم بدونه ) مغني المحتاج 4/223
وقال الشوكاني : ( قد أمر الله بقتل المشركين ولم يعين لنا الصفة التي يكون عليها ، ولا أخذ علينا أن لانفعل إلا كذا وكذا ، فلا مانع من قتلهم بكل سبب للقتل من رمي ، أو طعن ، أو تغريق ، أو هدم ،أو دفع من شاهق ، أو نحو ذلك ) السيل الجرار 5/534ـ 535
وعن الصعب بن جثامة قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الذراري من المشركين ، يبيتون ، فيصيبون من نسائهم وذراريهم ؟ قال : (هم منهم ) رواه مسلم بهذا اللفظ ، ومعنى هم منهم : أي حكمهم حكم آبائهم سواء .
قال الإمام النووي رحمه الله ( وهذا الحديث الذي ذكرناه من جواز بياتهم ، وقتل النساء والصبيان في البيات : هو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة و الجمهور ، ومعنى البيات ، يبيتون أي يغار عليهم بالليل بحيث لا يعرف الرجــــل من المرأة والصبي ) شرح النووي 7/325
وقال الإمام البهوتي من الحنابلة في الروض المربع ( ويجوز تبييت الكفار ، ورميهم بالمنجنيق ولو قتل بلا قصد صبي ونحوه ) 1/441
وقال الإمام ابن حجر رحمه الله ( وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم ، بل المراد إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية ، فإذا أصيبوا ، لاختلاطهم بهم ، جاز قتلهم ) فتح الباري 6/147
ومعلوم أن هذا كله في الجهاد حتى لو كان جهاد طلب ، فكيف إذا احتلوا بلادنا ، يسعون فيها فسادا ، ولا يألون في المسلمين تقتيلا وتشريدا ، لا يفرقون بين مقاتل وغيره ، لا يرقبون في مؤمن ولا مؤمنة إلاّ ولا ذمة !
ثم وجدت فتوى للشيخ العثيمين رحمه الله في معنى ما ذكرت هنا ، وأضفتها ، تسمعها على هذا الرابط ، وهي من موقعه : http://members.lycos.co.uk/uae002/othaimen.ram
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006