فضيلة الشيخ ما رأيك في الذين يحرضون هؤلاء الشباب الذين وصفتهم بأنهم شباب متحمسين ومخلصين ولكن بينهم مندسون ، ما رأيك في الذين لايزالون يحرضونهم على القتال ضد إخوانهم في غزة ؟!!

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
 
إذا كان عليُّ رضي الله عنه ، وهـو ابن عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أسبق السابقين من المهاجرين ، وهو من النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، بمنزلة هارون من موسى ، عليهما السلام ، وهو خليفة راشد ، وإمام عادل ، ومنار هدى ، وأفضل الأمِّة بأسرها في زمنه ،
 
 وكان منازعه باغٍ بنصّ النبي صلى الله عليه وسلم ، في قوله ( تقتل عمار الفئة الباغية ) ، وإن كان بغيه بتأويل كما ذكر العلماء .
 
إذا كان عليُّ رضي الله عنه بهذه المثابة ،  ومع ذلك لما قاتل معاوية ، كان ترك ذلك القتال هو الصواب ، لأنَّ عاقبتـه كانت مفاسدها أرجح من مصالحها .
 
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( بل المشروع ترك القتال فى الفتنة ، كما جاءت به النصوص الكثيرة المشهورة كما فعله من فعله من القاعدين عن القتال ، لأخبار النبىِّ ( أن ترك القتال فى الفتنة خير) ،
 
 و ( أن الفرار من الفتن باتخاذ غنم فى رؤوس الجبال خير من القتال فيها )
 
 وكنهيه لمن نهاه عن القتال فيها وأمره باتخاذ سيف من خشب .
 
ولكون علىِّ لم يذمّ القاعدين عن القتال معه ،  بل ربما غبطهم فى آخر الأمر.

ولأجل هذه النصوص لا يختلف أصحابنا أن ترك علىِّ القتال كان أفضل ،  لأنَّ النصوص صرحت بأن القاعد فيها خير من القائم ، والبعد عنها خير من الوقوع فيها ،  قالوا : ورجحان العمل يظهر برجحان عاقبته .
 
ومن المعلوم أنهم إذا لم يبدأوه بقتال ، فلو لم يقاتلهم لم يقع أكثر مما وقع من خروجهم عن طاعته ، لكن بالقتال زاد البلاء ، وسفكت الدماء ، وتنافرت القلوب ، وخرجت عليه الخوارج ، وحكم الحكمان ، حتى سُمِّى منازعه بأمير المؤمنين ، فظهر من المفاسد ما لم يكن قبل القتال ، ولم يحصل به مصلحة راجحة ،
 
وهذا دليل على أنَّ تركه كان أفضل من فعله ،  فإنَّ فضائل الأعمال إنما هى بنتائجها وعواقبها) مجموع الفتاوى 2/ 530
 
فكيف يُفتى بجواز القتال مع مجموعة أخطأت خطـأً بيِّنـا بإعلانها قيام إمارة بغير حقِّ ، ضـدَّ أخوة لهم مسلمين ، محاصرين ،  يتوقّعون قتال عدوِّهم اليهودي الكافر في كلِّ حين ، ويستعـدُّون لجهادهم كلَّ يوم ، والحال أنَّه لايختلف عاقلان في أنَّ عاقبة هذا القتال فيها من المفاسد ، مالا يحصيه إلاَّ ربُّ العباد ، وليس فيه من المصلحة شيء ؟!
 
ولاريب أنَّ الذي يحرّضهم على مواصلة القتال ، وإثارة الفتنة في غـزة ، ولايسعى في إطفاء نار هذه الفتنة ، إنما يتحمل أعظـم الآثـام ، ويقترف أكبر الإجرام ، ولاينفـّذ بهذا التحريض إلاَّ مخططا صهيونيا خبيثا ، فهو أداة فيه من حيث يشعر أو لايشعـر ، والله المستعان .
 

الكاتب: زائر
التاريخ: 19/08/2009