هل يجوز لعن الفاسق المعين ؟

 

السؤال:

بسم الله الرحمان الرحيم
هل يجوز لعن الفاسق المعين ومن امثلة ذلك المتبرجة و الكاذب و نرجو من الشيخ حفظه الله ان يبين لنا الادلة مع ذكر من قال بعدم الجواز ؟
مع ذكر الادلة والمراجع ولكم الثواب و الاجر من الله
جزاك الله خيرا

**********************

جواب الشيخ:

الصحيح أنه لايجوز لعن المسلم الفاسق المعين كما : ـ

قال صلى الله عليه وسلم ((إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)) رواه البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وأخرج مسلم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا)) ورواه الحاكم وصححه بلفظ ((لا يجتمع أن يكونوا لعانين صديقين)).

وأخرج البيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت ((مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وهو يلعن بعض رقيقه، فالتفت إليه وقال لعانين وصديقين كلا ورب الكعبة. فعتق أبو بكر رضي الله عنه يومئذ بعض رقيقه، قال ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا أعود)).

وأخرج مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)) ورواه أبو داود ولم يقل يوم القيامة. والترمذي وحسنه عن ابن مسعود رفعه ((لا يكون المؤمن لعانا)).

وأخرج البخاري ومسلم ((لعن المؤمن كقتله))

والطبراني بإسناد جيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى بابا من الكبائر.

وأخرج أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإن لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن، فإن كان أهلا وإلا رجعت إلى قائلها)).

وأخرج الإمام أحمد بإسناد جيد عن ابن، مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((اللعنة إذا وجهت إلى من وجهت إليه، فإن أصابت عليه سبيلا أو وجدت فيه مسلكا وإلا قالت يا رب وجهت إلى فلان فلم أجد فيه مسلكا ولم أجد عليه سبيلا، فيقال لها ارجعي من حيث جئت)).

وأخرج مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد.

وروى أبو يعلى وابن أبي الدنيا بإسناد جيد عن أنس رضي الله عنه قال ((سار رجل مع النبي صلى الله عليه وسلم فلعن بعيره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله لا تسر معنا على بعير ملعون)). وقد ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعن الديك فقال لا تلعنه ولا تسبه فإنه يدعو إلى الصلاة)). وقال أنس: ((كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدغت رجلا برغوث فلعنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلعنها فإنها نبهت نبيا من الأنبياء للصلاة)) رواه أبو يعلى والبزار. غذاء الألباب 1/119.

وعن الإمام أحمد : في رواية صالح قلت لأبي: الرجل يذكر عنده الحجاج أو غيره يلعنه؟ فقال: لا يعجبني لو عم فقال: ألا لعنة الله على الظالمين. الآداب 1/272.

وقد قال بعض العلماء بجواز ذلك واستدلوا بأنه في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على فسطاط فيه رجل وعنده امرأة مسبية حامل، فقال : ( لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره ) ، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا حقا ، وهذا الرجل لا بد أذنب ذنبا ، وفيه أيضا أن طائفة من الأعراب أرهقوا الرسول فلعنهم ... الحديث ، وأن السلف يلعنون الجهم بن صفوان وعمرو بن عبيد والحجاج الثقفي .

وقال هؤلاء إن اللعن من الوعيد ،فإذا ورد اللعن على من اقترف ذنبا ، وانتفت الموانع التي تمنع لحوق الوعيد من جهل أو إكراه فما المانع من لعنه ، لاسيما واللعن يقصد به الزجر والإنكار .

وقال هؤلاء إن الاحاديث التي ذمت اللعن محمولة على اللعن بغير حق .

والصحيح الأول وهو مع ذلك أحوط ، إذ اللعنة إن لم يستحقها الملعون عادت إلى اللاعن ، الله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006