الفرق بين المسلم والمؤمن ؟

 

السؤال:

بسم الله و كفى و الصلاة و السلام على النبي المصطفى
أما بعد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

من أبي إسحاق إلى شيخنا الفاضل حامد حفظك الله و رعاك و جعل الجنة مثوانا و مثواك آمين

فيه عندي سؤال أود من فضيلتكم الإجابة عليه بارك الله فيك.

س1: ما هو الفرق بين المؤمن و المسلم مع شيء من التفصيل .

أبو إسحاق يوسف بن صالح الجزائري السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

**********************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

يعرف الفرق بين المسلم والمؤمن ، إذا عرف الفرق بين الاسلام والإيمان أولا
ـــــــــــــ
فلفظ الاسلام والايمان ، يتفقان في المعنى إن ذكر كل واحد منهما مستقلا عن الاخر ، ويختلف معناهما إن ذكرا في سياق واحد فيكون لكل معنى يخصه حينئذ ، كما قيل : إذا اجتمعا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا .
ـــــــــــــ
وذلك مثل لفظ الشرك والكفر ، والالوهية والربوبية ، والبر والتقوى ، وهذا له نظائر متعددة في ما يسمى في الشريعة الاسماء العامة ، سواء اسماء المدح والذم
ـــــــــــــ
فإذا اجتمع ـ على سبيل المثال ـ في سياق واحد ذكر البر والتقوى كان البر فعل الطاعات والتقوى اجتناب المعاصي ، وإذا ذكر البر دون التقوى دخل في معناه اجتناب المعاصي ، وكذلك إذا ذكرت التقوى دون البر دخل في معناها فعل الطاعات
ـــــــــــــــ
فالاسلام هو معنى الايمان لافرق بينهما إن ذكر الاسلام لوحده ، يدخل في مدلول لفظ الاسلام ، مدلول لفظ الايمان .ـ

وكذا إذا ذكر الايمان لوحده هو نفسه معنى الاسلام .ـ

ولهذا جاء حديث ( الايمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان ) فذكر الاعمال وجعلها من معنى الايمان ، بينما في حديث جبريل الذي عرف فيه النبي صلى الله عليه وسلم الايمان والاسلام والاحسان ، جعل الايمان أن تؤمن بالله وملائكته
ورسله واليوم الاخر .. إلخ ، والاسلام الشهادتان والصلاة .. إلى آخر الاعمال الظاهرة
ـــــــــــــــــــــــــ
لانه إذا ذكر الايمان مع الاسلام صار معنى الايمان هو ما في الباطن ، والاسلام هو العمل الظاهر ، ولكن إذا ذكر الايمان وحده دخل فيه عمل الظاهر مع الباطن ،وإذا ذكر الاسلام لوحده دخل فيه ما في الباطن مع أعمال الجوارح الظاهرة
ـــــــــــــــــــــــــــ
ومعلوم أن قوله تعالى ( إن الدين عند الله الاسلام ) ـ
يشمل ما أمر الله به من تكاليف الباطن من التصديق وعمل القلب ،وكذا أعمال الجوارح الظاهرة ، وكذا قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ... الاية ) ـ ليس هو أمر بما في الباطن فحسب ، بل هو أمر بالدخول في كل دين الرسول صلى الله عليه وسلم والانقياد له ، تصديقا بما أخبر ، وامتثالا لما أمر ، واجتنابا لما نهى عنه وزجر ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا القول هو الذي تأتلف به جميع النصوص الواردة في الايمان والاسلام ، ويمكن به تفسيرها كلها تفسيرا ليس فيه تناقض البتة والله اعلم
ـــــــــــــــــــــــــــ
أما إطلاق لفظ المسلم والمؤمن على الشخص ، فينبغي أن يعلم أن من أتى بالايمان الذي أمر الله به فلابد أن يكون قد أتى بالاسلام المتناول لجميع الاعمال الواجبة ، ومن أتى بما يسمى إسلاما ، لم يلزم أن يكون قد أتى بالإيمان إلا بدليل منفصل ، والمؤمن لابد أن يكون مسلما ، وأما المسلم فإنه قد لايطلق عليه اسم المؤمن ، ولكن لابد أن يكون معه إيمان صار به مسلما ، لان من ليس معه شيء من الايمان ، ليس مسلما في الحقيقة ، وإن كان قد يحكم عليه بأحكام الاسلام في الظاهر معاملة له بظاهر حاله وإن كان قد يكون من المنافقين في الباطن
ـــــــــــــــــ
فكل مؤمن مسلم ، وليس كل مسلم مؤمنا ، لان لفظ الايمان المطلق لايوصف به الشخص إلا إن كان قد أتى بما أوجب الله عليه ، وانتهى عما حرمه الله عليه ، لكنه يطلق عليه اسم الاسلام ، وإن كان تاركا لبعض ما أوجب الله عليه ، فاعلا لبعض المحرمات التي لاتخرج من ملة الاسلام .ـ
ــــــــــــــــــــ

ولهذا نطلق على من ظاهره أنه من اهل الشهادتين متميزا عن اهل الملل والاديان الاخرى ، بأنه مسلم ، ولكن لانطلق على أحد أنه مؤمن إلا من شهد الله له أو رسوله صلى الله عليه وسلم بالايمان ، لاننا لانعلم ما في باطنه ، كما لانعلم أنه قد أتى حقابما يستحق به اسم الايمان المطلق ، وإذا كان الانسان لايعلم من نفسه أنه استحق اسم الايمان المطلق فيشرع له أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله ، فكيف يشهد لغيره والله

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006