حكم موالاة الكفار ؟

 

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسئلة من الاخ ابو ابراهيم الجزائري الى فضيلة الشيخ حامد العلي حفظه الله :

1- كيف نوفق بين الموالاة وانها غير مكفرة واجماع العلماء على ان من اعان الكفار بقول او عمل ...الخ فهو كافر مثلهم.
2- وهل هناك ضوابط نعرف بها الموالاة من التولي؟
3- وماهو حكم الجسوس الذي يعمل لصالح الكفار كاليهود مثلا؟
4- منهم من يجعل جميع صور الموالاة اوالتولي غير مكفرة محتجا بحديث حاطب رضي الله عنه فكيف نفهم هذا الحديث على ضوء الادلة الاخرى المكفرة؟
وجزاكم الله خير الجزاء.

*********************

جواب الشيخ:


الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ــ

الصحيح أن التولي والموالاة بمعنى واحد ، كذا عند عامة المفسرين ، ويدل عليه الاشتقاق اللغوي .

وتولي الكافرين ردة عن الدين بنص القرآن المبين .

قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .

قال الإمام الطبري : ( ومن تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم ، فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض ، وإذا رضيه ورضي دينه ، فقد عادى ما خالفه وسخطه ، وصار حكمه حكمه ) .

وقال الإمام القرطبي : ( ومن يتولهم منكم أي يعضدهم على المسلمين فإنه منهم ، بين أن حكمه حكمهم ، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد ، وكان الذي تولاهم هو ابن أبيّ ، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع المولاة ).

ويقول ابن حزم ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ، هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط ، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين ) .

والحاصل أن من يتخذ الكافر أولياء ، ينصرهم ليعز أمرهم ودينهم ، وإذا قاتلوا المسلمين قاتل معهم ، فهو كافر مرتد بنص هذه الآية وقوله تعالى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة .. الآية ) وقال ( لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله .... الآية ) وقال تعالى ( ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون ) ، وغيرها من النصوص .

هذا وينبغي أن يعلم أن موالاة الكافرين تقتضي حب انتصارهم وعلوهم في الباطن ، الذي يؤدي إلى نصرتهم على المسلمين في الظاهر ولو بالقول أو الرأي أو يكون عينا لهم ، ليلحق بالمسلمين الضرر ، ويؤدي إلى ظهور الكفر على الاسلام .

ولا يصح أن يحتج بحادثة حاطب البدري رضي الله عنه ، لانه كان يعلم علم اليقين أن الله تعالى ناصر نبيه صلى الله عليه وسلم في آخر الأمر وأن الله تعالى سيظهر دينه لا محالة ، ، ولو شك في ذلك لما أظهر للمشركين بعض خبر النبي صلى الله عليه وسلم ، غير أنه أراد أن يكون له يد عند المشركين ، يتقي بها أذاهم على أهله وماله في مكة .

كما روى البخاري القصة وفيها : ‏فقال ‏ ‏عمر ‏ ‏يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين دعني فأضرب عنقه فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يا ‏ ‏حاطب ‏ ‏ما حملك على ما صنعت قال يا رسول الله ما لي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع بها عن أهلي ومالي وليس من أصحابك أحد إلا له هنالك من قومه من يدفع الله به عن أهله وماله قال صدق لا تقولوا له إلا خيرا قال فعاد ‏ ‏عمر ‏ ‏فقال يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين دعني فلأضرب عنقه قال أو ليس من ‏ ‏أهل بدر ‏ ‏وما يدريـك لعل الله اطلع عليهم فقال اعملوا ما شئتم فقد أوجبت لكم الجنة فاغرورقت عيناه فقال الله ورسوله أعلم .

ومعلوم من سياق هذه القصة أن حاطبا رضي الله عنه ، ظن أن فعله لن يأت بضرر على الإسلام ، وسيكون فيه منفعة له ، ليقينه أن النبي صلى الله عليه وسلم منصور لا محالة ، وسيظهر الله دينه ، فسولت له نفسه ما فعل .
أما من أعان المشركين على المسلمين ليلحق بالمسلمين الضرر ، ويعين على هزيمتهم ، ويرجح جانب الكفار عليهم ، فهذا كافر مرتد ، وحال حاطب رضي الله عنه لا ينطبق عليه بحال .


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006