هل يجوز بيع المحرمات كلحم الخنزير لغير المسلمين ؟ |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
في الحديث الصحيح : ( إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه ) رواه أبو داود 3488
و عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة : ( إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ) . فقيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : ( لا ، هو حرام ) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : ( قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه .متفق عليه ،وجملوه أي أذابوه
قال ابن رجب الحنبلي بعد ذكره النصوص في هذا الشأن :
فالحاصل من هذه الأحاديث كلها : أن ما حرم الله الانتفاع به فإنه يحرم بيعه وأكل ثمنه كما جاء مصرحا به في : ( إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه ) ، وهذه كلمة عامة جامعة تطرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراما ، وهو قسمان :
أحدهما : ما كان الانتفاع به حاصلا مع بقاء عينه ، كالأصنام ، فإن منفعتها المقصودة منها الشرك بالله وهو أعظم المعاصي على الإطلاق ، ويلتحق بذلك كتب الشرك والسحر والبدع والضلال ، وكذلك الصور المحرمة وآلات الملاهي المحرمة ، وكذلك شراء الجواري للغناء ...
والقسم الثاني : ما ينتفع به مع إتلاف عينه ، فإذا كان المقصود الأعظم منه محرّماً : فإنه يحرم بيعه ، كما يحرم بيع الخنزير والخمر والميتة مع أن في بعضها - كأكل الميتة للمضطر ودفع الغصة بالخمر وإطفاء الحريق به والخرز بشعر الخنزير عند قوم والانتفاع بشعره وجلده عند من يَرَى ذلك - ولكن لما كانت هذه غير مقصودة لم يعبأ بها وحرم البيع ، ولكن المقصود الأعظم من الخنزير والميتة : أكلها ، ومن الخمر شربها ، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك ، وقد أشار صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا المعنى لما قيل له : أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلي بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ؟ فقال : لا هو حرام ...
جامع العلوم والحكَم 1 / 415 ، 416