الهرمجدون وعلاقتها باشراط الساعة

 

السؤال:

السائل يسأل عن الهرمجدون وعلاقاتها بأشراط الساعة

********************

جواب الشيخ:

الجواب على سؤال السائل الذي يقول فيه : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الأخ المشرف على الدعوه الاسلاميه لقد قرأت فى الأيام الاخيره كتاب يتكلم عن معركة هرمجدون و الكتاب يحمل نفس الاسم و كاتبه أمين محمد جمال الدين فهذا الكتاب يتكلم عن المهدى المنتظر و قرب يوم القيامه فاتمنى من الله أن تفيدنى فى هذين الموضوعين ، لأني فقد سمعت للشيخ عمر عبدالكافى دروسه فى الدار الآخرة فتوجد اختلافات فاحتاج رأى ثالث . الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد الأحاديث الشريفة الواردة في هذا الشأن ، تدل على أن أهم الأحداث السياسية والعسكرية التي تحصل بين يدي قيام الساعة هي ما يلي وفق الترتيب المذكور.

أولا : ظهور خلافات سياسية وشتات في الأمة الإسلامية وضعف وتداعي الأمم عليها ، وانتشار للظلم والجور.

ثانيا : وجود طائفة على الحق تجاهد في سبيل الله تعالى ، وهي متفرقة في البلاد ، وهي لا تتمتع بقوة عسكرية كبيرة ، إلا الإيمان بالله تعالى وصدق العزيمة ، يدل على هذا وصفهم في بعض الأحاديث ( لا يضرهم من خذلهم ولامن خالفهم ) أي أنهم سيخذلون ويخالفهم الناس ، ولكن ذلك لايفت في عزائمهم .

ثالثا : يخرج المهدي في أثناء اشتداد التمزق السياسي والضعف في الأمة ، فكأنها كانت تئن وفي أحشائها جنين الانتصارات العظيمة ، وتنصر المهدي عند خروجه الفئة المجاهدة.

رابعا : يناوئه حكام سياسيون ويحاولون قتاله لاستئصاله ، ولكن يخسف الله بهم بعد أن يعتصم في مكة . وتزحف إليه فلول المجاهدين من كل مكان ويصبح مركز دولته المدينة وينطلق منها للجهاد .

 خامسا : يبدأ بعد ذلك بتجميع صفوف الأمة ، ويرفع علم الجهاد ، وينصره الله تعالى فيفتح البلاد ويدين له جمهور المسلمين ، وينتقل مكان قيادته العسكرية إلى الشام .

سادسا : يحصل بين المسلمين والروم مواجهات عسكرية ، بعدها هدنة مؤقتة بين الأمتين .

سابعا : يقاتل المسلمون عدوا آخر ، ويكون الروم أيضا يقاتلون ذلك العدو في نفس الوقت ، فيستفيد كلا الطرفين من الهدنة بينهما ، في تعزيز وضعه السياسي والعسكري .

 ثامنا : يغدر الروم بالهدنة ويأتون لقتال المسلمين ، فيقاتلهم المهدي والمسلمون ، وينتصر المسلمون عليهم في معركة كبيرة جدا تسمى الملحمة ، ويستشهد فيها ثلث المسلمين ويفر الثلث ويفتح الله تعالى على الثلث ممن حضر تلك المعركة.

تاسعا : يتوجه المسلمون بعد ذلك إلى القسطنطينية ( استانبول ) فيفتحها سبعون ألف من الروم يكونون قد اسلموا وانضموا إلى جيش المسلمين ـ وهذا يدل على أن كفرة تركيا سيكونون حلفاء للروم الصليبيين في ذلك الزمان أو يكون الروم الصليبيون قد احتلوا استانبول مرة أخرى ــ ثم يتوجه الجيش الإسلامي إلى روما فيفتحونها ، ثم بينما هم هناك ، يسمعون إشاعة أن المسيح الدجال الاعور قد ظهر ، ولم يكن قد ظهر ، ولكن أزف ظهوره .

عاشرا : يرجعون إلى الشام حيث تكون القيادة العامة لمعسكر الجيش الإسلامي ، ويظهر الدجال ، ويجوب الأرض في أربعين يوما يدعي أنه هو الله ، سبحان الله وتعالى عما يشركون ، ويدعو إلى عبادته من دون الله .

حادي عشر : بينما المسلمون في تلك الأثناء يصطفون لصلاة الصبح يتقدمهم المهدي ، إذ ينزل عليهم المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، من السماء فيعرفونه ويقدمونه للصلاة فيأبى ذلك ، ويقدم المهدي إشارة إلى أنه جاء ليحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس بالإنجيل ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عندما قال أن عيسى عليه السلام يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية .

ثاني عشر : ينطلق الجيش الإسلامي بقيادة عيسى بن مريم عليه السلام والمهدي لقتال الأعور الدجال الذي يكون أكثر اتباعه اليهود .

ثالث عشر: يهزم الله المسيح الدجال ويهلكه على يد كلمة الله عيسى عليه السلام ، ويقتل المسلمون اليهود الذين مع الدجال ، حتى يقول الحجر والشجر يا مسلم هذا يهودي ورائي تعال واقتله ، وهذا لايعني أنه لن تكون هزيمة لليهود قبل هذه المعركة ، فقد يهزمون ويعودون إلى الشتات مرة أخرى ثم يتبعون الدجال عند ظهوره ، وقد يبقون في فلسطين ـ مع أنه يجب طردهم ويحرم بالإجماع إقرارهم على شبر من أرض فلسطين ـ ويكون للمسلمين أيضا دولة فيها ، إلى أن يتبع اليهود الدجال ثم يقاتلهم المسلمون مع عيسى عليه السلام وتكون حينئذ نهاية اليهود الأخيرة ، ولا يعلم إلا الله أي الأمرين سيحدث ، ذلك علمه عند ربي في كتاب ، لا يضل ربي ولا ينسى .

رابع عشر: يوحي الله تعالى إلى عيسى عليه السلام أن ينطلق بالمسلمين فيحرزهم إلى جبل الطور ، ليعصمهم من خروج يأجوج ومأجوج لانه لاطاقة لاحد بقتالهم .

 خامس عشر: يدعو عيسى عليه السلام ربه ، فيهلك الله يأجوج ومأجوج بعدما يعيثون في الأرض فسادا بما لم يحصل مثله من قبل في تاريخ البشرية .

سادس عشر: ينزل المسلمون مع المهدي وعيسى بن مريم من جبل الطور فيدعو الله أن يطهر الأرض من جثث يأجوج وماجوج فتأتي طيور ضخمة ، تأخذ جثثهم فيلقونها بعيدا وتمطر السماء الأرض بمطر يخرج كل خيرات الأرض .

سابع عشر: يعيش الناس فترة حكم هي أفضل الفترات ينتشر العدل ويدر الرزق وتكثر البركة ثم يموت عيسى عليه السلام والمهدي عليه السلام .

ثامن عشر: يبقى من يبقى من المؤمنين بعد ذلك ، ويظهر النفاق مرة أخرى ويبدأ قرن الكفر أيضا بالخروج ، ثم تظهر علامة طلوع الشمس من مغربها ، فلا يقبل الله تعالى بعدها توبة تائب ، وتخرج على إثرها الدابة وتخبر الناس بإيمانهم وتفرق بين المؤمنين والكفار بوسم تضعه على وجوههم ، فقد مضى عصر التوبة وثبت كل على وجهته في الإيمان أو الكفر ، ويخرج الدخان المبين المذكور في سورة الدخان ، و يعم الأرض ، ولا يضر المؤمنين إلا مثل الزكام .

تاسع عشر :تخرج بعد ذلك ريح باردة تقبض أرواح المؤمنين ويتناقص الإيمان حتى لا يبقى على الأرض إلا شرار الخلق من الكفار .

عشرون : يبقى الكفار يتهارجون تهارج الحمر ، ويبلغ الأمر أن لا يقال في الأرض (الله ) ، وعلي هؤلاء الأشرار الكفار تقوم الساعة .


هذه باختصار الخطوط العامة التي ترسم المستقبل القريب من قيام الساعة على ضوء الأحاديث الكثيرة وفي ذلك تفاصيل كثيرة لا يسعنا هنا استقصاؤها ومن افضل من كتب فيها من المعاصرين يوسف الوابل في كتابه أشراط الساعة وأوعب المراجع كتاب ابن كثير رحمه النهاية أو الفتن والملاحم .

وهذه الأحداث تحصل كلها في زمان مستقبل، والله وحده أعلم متى ذلك ، ولا يجوز لاحد أن يقرر متى ذلك الزمان ، أو يدعي وقت حصول تلك الأحداث بالأعوام تحديدا ، ومن فعل ذلك فهو متخرص ، قائل بغير علم ، خائض بظنونه فيما لاعلم له به .

وأما الهرمجدون المذكورة عند الصليبيين ، ويزعمون أنها معركة عظيمة يهلك فيها ثلثا البشر ، ويتقابل فيها جيوش من العسكر لم يحصل مثلهم في التاريخ ، ويسمونها المحرقة العظمى ، فيمكن أن تكون هي الملحمة التي ذكرت آنفا في النقطة الثامنة ، كما يمكن أن تقع قبل الهدنة التي بين المسلمين والروم ويحصل على إثرها الهدنة ، ثم تأتي الملحمة الكبرى ، ويمكن أن تكون خرافة ما أنزل الله بها من سلطان ، وقد قال صلى الله عليه وسلم عن أهل الكتاب ( حدثوا عنهم ولا تصدقوهم ولا تكذبوهم ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، ويعني مالم يشهد شرعنا بصدق شيء مما جاءوا به فهو صدق ، أو يشهد بكذبه فهو كذب ، وأما ما يزعمونه من أن في إثر تلك المعركة ( هرمجدون ) ينتصر الصليب وينزل المسيح فيبارك عباد الصليب ، ويؤمن به اليهود ، وينهزم المسلمون هزيمة لاتقوم بعدها لهم قائمة ، فلاشك ولاريب في أن ذلك كله كذب ، كما شهد بذلك الوحي المنزل على الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم ، بل النصر لهذا الأمة في آخر الزمان ، والهزيمة الساحقة والماحقة لاشك واقعة على الصليبيين وأولياءهم من اليهود الملاعين والعاقبة للمتقين والله أعلم .



الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006