متى يجوز للفتاة أن تشتكي على وليها لأنه لايزوجها هل من أول مرة ؟

 

السؤال:

قد ابتلاني الله بوالد عنيد ومتعنت وقد أتاني خاطب صالح ورغبت فيه ، ولكنه رفضه بغير سبب ، فمتى يجوز للفتاة أن تشتكي على وليها بسبب أنه يمنعها من الزواج ، هل من أول مرة يتقدم لها خاطب صالح كفء ويمنعها وليها من الزواج بغير سبب ؟

**********************

جواب الشيخ:

الصحيح أنه حتى في أول مرة ، لها أن ترفع أمرها إلى القضاء ، إذا لم يكن عند وليها سبب شرعي لمنعها من التزويج من الكفء ، لأن المقصود بذلك رفع الظلم وإزالة الضرر ، فلامعنى لتأخيره .

ويطلق على منع الولي تزويج المرأة من الكفء العضل ونزل في ذلك قوله تعالى : ـ

قال : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه ـ كما ذكر ابن كثير ـ عن معقل بن يسار أنه زوج أخته رجلا من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت عدتها فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطاب فقال له يا لكع بن لكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها والله لا ترجع إليك أبدا آخر ما عليك قال فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل الله " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن " إلى قوله " وأنتم لا تعلمون " فلما سمعها معقل قال : سمعا لربي وطاعة ثم دعاه فقال أزوجك وأكرمك زاد ابن مردويه : وكفرت عن يميني . وروى ابن جرير عن ابن جريج قال : هي جميلة بنت يسار كانت تحت أبي البداح . وقال سفيان الثوري : عن أبي إسحاق السبيعي قال هي فاطمة بنت يسار وهكذا ذكر غير واحد من السلف أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار وأخته . وقال السدي : نزلت في جابر بن عبد الله وابنة عم له والصحيح الأول والله أعلم . وقوله " ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر " أي هذا الذي نهيناكم عنه من منع الاولياء أن يتزوجن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف يأتمر به ويتعظ به وينفعل له من كان منكم أيها الناس يؤمن بالله واليوم الآخر أي يؤمن بشرع الله ويخاف وعيد الله وعذابه في الدار الآخرة وما فيها من الجزاء ذلكم أزكى لكم وأطهر أي اتباعكم شرع الله في رد الموليات إلى أزواجهن وترك الحمية في ذلك أزكى لكم وأطهر لقلوبكم والله يعلم أي المصالح فيما يأمر به وينهى عنه " وأنتم لا تعلمون " في أي الخيرة فيما تأتون ولا فيما تذرون .
------------------
ويقول العلماء : ـ
إذا دعت المرأة إلى الزواج من كفء ، أو خطبها كفء ، وامتنع الولي من تزويجه دون سبب مقبول ، فإنه يكون عاضلا ؛ لأن الواجب عليه تزويجها من الكفء ، ويأثم بترك هذا الواجب ، ويكون ظالما.
---------------
ويقولون أيضا : ـ

إذا تحقق العضل من الولي وثبت ذلك عند الحاكم ، أمره الحاكم بتزويجها إن لم يكن العضل بسبب مقبول ، فإن امتنع انتقلت الولاية إلى غيره . لكن الفقهاء اختلفوا فيمن تنتقل إليه الولاية ، فعند الحنفية ، والشافعية والمالكية - عدا ابن القاسم - وفي رواية عن أحمد أن الولاية تنتقل إلى السلطان لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له } ؛ ولأن الولي قد امتنع ظلما من حق توجه عليه فيقوم السلطان مقامه لإزالة الظلم ، كما لو كان عليه دين وامتنع عن قضائه ، والمذهب عند الحنابلة أنها تنتقل إلى الولي الابعد .

وعلى أية حال فهو اتفاق منهم على أن من عضلها ـ أي منعها من الزواج من الكفء ـ تلغى ولايته وتنتقل إلى غيره لان منعها من الزواج من الكفء ظلم ، والظلم يجب أن يزال في الشريعة الإسلامية
والله اعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006