لماذا الرسم حرام ورسم النباتات والأشجار حلال لم أفهم الفرق ؟

 

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

شيخنا الفاضل.. تحيه طيبه وبعد,

لدي اسئله اتمنى ان تفيدني فيها وتجاوبني جزاك الله خيرا.
السؤال الاول:
فضيله الشيخ، انا اسمي (عبدالرحمن) وكثير من زملائي في الدراسه و أهلي أحيانا يقصرون اسمي وينادوني Abdi وتنطق "أبدي او عبدي" و أحيانا Abdul وتنطق "أبدول او عبدُل".
المشكله يا شيخ انه وبحكم وجودي في دوله غير عربيه واسلاميه فإن اكثر الزملاء في الفصل او حتى الناس في المدينه غير عرب ولا يحسنون نطق اسمي الكامل.. فهل يجوز ان يقصروا الاسم على ما يقدرون اليه.. أسألك لأني شعرت ان في الامر إثما خصوصا وان اسمي به أحد اسماء الله الحسنى وأحسست انه لا يجوز تقصيره.

السؤال الثاني:
من الهوايات التي امارسها والتي احبها جدا "الرسم".. وقد علمت بأنه حرام لما فيه من مجاراه لخلق الله ولكني لا استطيع وقف نفسي احيانا فأجد نفسي ارسم على اي شئ ومن ثم امزق الورقه او اشوهها.. كنت اود سؤالك يا شيخ.. كثير من الفتاوى التي قرأت تشير الى ان الرسم حرام وانه من اعظم الذنوب.. هنا اصابتني الحيره.. فكيف بذنب عظيم كهذا لا يذكره الله تعالى في القرآن الكريم؟ وكيف يكون المصور أشد عذابا ممن اشرك بالله ومن زنى وعق والديه.. حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم يقول " أشد الناس عذابا يوم القيامه المصورون".. تحيرني هذه المسأله بشده يا شيخ.. ولم أجد غيرك لأسأله فأرجو ان تجيبني عليها..
سمعت ايضا ان رسم الشجر والنبات والبحر وما الى ذلك مباح في الاسلام.. وكما لابد تعلم يا شيخ ان العلم الحديث اكتشف ان للنباتات والاشجار حياه كحياتنا وروحا وتستطيع التنفس وما الى ذلك فكيف تكون حلالا ويكون بقيه الرسم حراما..
وبما ان الاصل في سبب حرمه الرسم هو مضاهاه خلق الله.. اليس من الاجدر تحريم الرسم بالكليه؟! حيث ان الشجر والبحر والصخور وما حياه له وما لا حياه له كل هذا وغيره من مخلوقات الله، وبعد التفكير في الامر يا شيخي رأيت ان وجود حياه لما يُرسم لا يلغي كون المرسوم من خلق الله تعالى ومن ثم يقع تحت طائله مضاهاه خلق الله .. اليس كذلك؟
شئ آخر فكرت فيه.. وهو ان الله تعالى لا يخلق شيئا ما عبثا.. تلك قاعده يؤمن بها كل مسلم موحد بالله. والله تعالى من عظيم كرمه أعطى عباده من بني ادم خواصا وصفات وقدرات كثيره يقع من ضمنها القدره على الرسم. فلماذا يكون الرسم حراما وهو هبه من المولى عز وجل؟

*********************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لاحرج أن يسمونك عبدو أو عبد أو عبدول أو عبدي ، أو أبدول إذا كان الياء ( في عبدي ) لايقصد به الإضافة في لغتهم ، لان ذلك كله يجري على اللمضاف الذي هو كلمة عبد ،وليس لإسم الله الذي هو ( الرحمن ) ـ
--------
أما الرسم فليس كله حراما ، الحرام منه هو رسم ذوات الأرواح إن رسمت صورة الوجه منها ، وبما أنك تعلم الأحاديث الورادة فلا حاجة لذكرها ، أما قولك : إنها موهبة من الله ، فلماذا تكون حرامــا ؟ فنقول : إن الله تعالى عندما منح بعض االناس موهبة الرسم ، أمره أن يجعلها في الحلال دون الحرام ، كما منح بعض الناس موهبة الشعر مثلا وأمره أن يقول الحق ولا يقول الباطل ، ومنح بعض النساء موهبة الجمال وأمرها أن لاتجعلها في الحرام بل تجعلها في الحلال ، وكذلك عندما منح بعض الناس موهبة الصوت الجميل امره ان يجعله في الحلال دون الحرام
-----
فلا تعارض بين ما وهب الله تعالى العبد إياه وماأمره به ونهاه
------
والله تعالى يجعل أحيانا ما يهب العبد ينطوي على امتحان ، وعلى سبيل المثال ثمة أمور خارقة منحها الله تعالى بعض العباد ، وامتحنهم فيها ، فأعرف شخصا منح قدرة على الإصابة بالعين ، حتى إنه من شدة قوة إصابته ، يسألك أين تريد أن أجعلها تؤثر في المصاب ، وكان يضر بها الناس ، لكنه لما عرف تقوى الله تعالى تاب وألجم هذه القوة فيه بلجام التقوى
---------------
أما النباتات والجمادات والبحار وما إلى ذلك فهذه فيها حياة ولكن لاروح فيها ، والحديث يقول ( مالاروح فيه ) ولم يقل مالاحياة فيه
------
ودعك من العلم الحديث فالقرآن نفسه أثبت للصخور حياة ، بل للشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب كما في سورة الحج أنها تسجد لله ،وفي سورة الإسراء أن كل شيء يسبح لله ، وقوله ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) ـ وفي القرآن من هذا كثير ، لكن حياة هذه المخلوقات ، ليس كحياة ما فيه الروح ، فهي ميتة بالنسبة لعدم الروح ، كما وصف الله تعالى الأرض بالميتة قبل أن ينزل عليها الغيث .
---------
وإنما حرمت الشريعة فيه الروح ، لان خلق الروح هو سر الخلق الإلهى وأعظمه وأعجبه ، ولهذا أراد الله تعالى أن يغرس في نفس الإنسان التواضع لله في كل حالاته ، والعبودية لربه في كل تقلباته ، بامتناعه الدائم عن رسم ما فيه الروح إقرارا وإشعارا وإظهارا وإعلانا من العبد بانغماسه التام في مقام العبودية لله تعالى ، ولما كان ذلك يظهر في مقام رسم ما في الروح أكثر شرع في هذا المقام دون ما سواه ، ولهذا لم تحدى الله الذين يعبدون غيره ، قال ( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ) فذكر ما في الروح ، لأن الإنسان قد يصنع تمثالا مثل الإنسان ، وقد يجعله في الصورة يبدو كأنه لحم ، وقد يجري في الدم ، لكن الروح محجوب عن الخلق أمرها ، محرم على العباد سرها .
----
ولهذا أمرنا أن نذكر اسم الله تعالى عند ذبح ما فيه الروح ، وجعل ذكر غير اسم الله شرك بالله تعالى ، فنحن نعلن عبوديتنا لله تعالى وحده ، عندما نخرج الروح التي خلقها الله تعالى في بدن الحيوان ، متذكرين عظمة خالقنا التي تجلت في كل خلقه ، واعظم ما تجلت في خلق الروح وسرها العجيب الذي يحار فيه العقل
--------
ولهذا السبب أمرنا أن نمتنع عن خلق ما فيه الروح ، دون سائر ما خلق الله ، مع أن الكل خلق الله تعالى
-------
وأما حديث ( اشد الناس عذابا المصورون) ـ فمن العلماء من قال هذا ينطبق على من صور ما يعبد من دون الله ، أما غيره فيكون حراما ولكنه ليس أشد الناس عذابا ، لان المشركين أشد عذابا قطعا ، فلابد من هذا التأويل ، ومنه من قال هذا لايمتنع أن يكون أشد الناس عذابا أصنافا عدة ، منهم المشرك ثم القاتل والزاني وشارب الخمر ، ومنهم المصورون ، فكلهم في نفس الوصف ، لان الحديث لم يقل إنهم أشد الناس عذابا من القتلة والزناة ، وإنما أطلق وصفا يصح أن يشترك فيه عدة ، وهذا لايمنع أن يكون بعضهم مع ذلك أشد عذابا من بعض
-----------
بالنسبة لرسم الكارتون يجوز رسمه ، بشرط أن يكون الوجه غير واضح المعالم ،فالوجه هو الصورة ، فإن تجنبت ذلك فلا حرج



الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006