ما خطورة القول إن القرآن مخلوق ، وما معنى قول الاشاعرة الاجسام متماثلة ؟

 

السؤال:

1_ما معنى قول المعتزله القرأن مخلوق؟ وما يترتب عليه ؟
2_ ما معنى قول بعض العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بقلبه وليس بعين رأسه؟
3_ما معنى قول الأشاعره الأجسام متماثله ؟

*****************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

معناه أن الله تعالى لايتكلم بكلام يسمع منه ، بل إذا أراد أن يبين ما يريد من عباده ، يخلق كلاما يدل على ما يريد ، ثم يجعل الكلام في نفس الرسول ، أو نفس جبريل ، أو في اللوح المحفوظ فيقرأه جبريل ، وينزل به على الرسول ، وهي بدعة وضلالة اخترعها المعتزلة ، مخالفة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.ـ
===============
وتكمن خطورتها من جهة المنهج الذي انبثقت منه ، ومن جهة مناقضتها لنصوص الكتاب والسنة، ومن جهة ثالثة سنذكرها.

أما الاولى فإن هذه البدعة والضلالة ، انبثقت من منهج يعتمد تقديم ما يسمونه الادلة العقلية على نصوص الوحي ، وأنه يجب تأويل نصوص الوحي لتتفق مع تلك الادلة العقلية لأن الوحي معصوم عندهم فإن تعارض مع العقل ، فإنــه يجب أن يأوّل لئلا ينسب إلى الخطأ ، وماهي إلا شبهات شيطانية تلك التي أطلقوا عليها أدلة عقلية ،أما الذين يقولون يجب تقديم الادلة العقلية على نصوص الوحي وتخطئة نصوص الوحي ، فهؤلاء هم الزنادقة مثل ابن الراوندي ، والعلمانيون في هذا العصر مثل الزنادقة في تلك العصور
=============
وخطورة منهج المعتزلة أنه يفتح الباب للعبث بنصوص الكتاب والسنة ، وجعل الوحي تابعا لكل زاعم أن عقله لم يقبل نصا فيؤوله ويتكلف له المعاني البعيدة ليوافق هواه ، ثم إن هذا يمتد إلى نصوص الامر والنهي والتشريع ، وبهذا تصبح الشريعة غرضا لكل ذي هوى ، يطوع الوحي على هواه ، وتبطل حكمة إنزال الشريعة لهداية البشرية .ـ
============
ومن الأمثلة المعاصرة على هذا العبث ، أن أحد الضالين قال إن المرأة لو لم تلبس إلا قطعتين أحداهما تستر النهدين ، والثانية تستر العورتين ، كما تلبس المتهتكات العاريات في السباحة ، فإن ذلك لايخالف ما أمر به القرآن لان الله تعالى يقول ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) والجيب هو الشق بين الشيئين ، فلابسة ما ذكر ممتثلة لأمر الله تعالى !! ، وآخـــــر قال : إنه يفهم مـــــــن قولـــه تعالــــــى ( وخاتم النبيين ) اي زينة النبيين كما الخاتم زينة اليد ، فلا يمنع ذلك من ظهور الانبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم !!!ـ
=============
وبهذا يطوى بساط الشرع ، ويحال الناس على كلّ أحمق يجادل بعقل أنوك ، ويجعل عقله المريض نهجا يحكم به على وحي رب العالمين ، فيصرفه كيف يشاء
============
وأما خطورتها من جهة مخالفتها لنصوص الكتاب والسنة ، فهي أنها تخالف ما دلت عليه الكتاب والسنةدلالة قطعية وهذا كفر عند العلماء ، ولهذا اتفقت كلمة السلف على أن من يرمي القرآن بأنه مخلوق فهو كفر.
==========
وأما خطورتها الثالثة ، فهي من جهة الاستهانة بكلام الله ، فما ظنك بمن ينزل الشيء هو في مقام أن يكون صفة من صفات الله تعالى ، إلى أن يكون خلق من خلق الله تعالى ، من مقام صفات الربوبية العلية ، إلى مرتبة المخلوقية والعبودية ؟ فكفى بهذا ضلالا مبينا .
---------------------
وأما من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم رآى ربه بقلبه كما روى عطاء عن ابن عباس ، أي كما في المنام .
-----------
وأما قصد الاشاعرة بقولهم : الاجسام متماثلة : أي أنها إنما ترجع كلها إلى الجزء الذي لايتجزأ ، وهو الجوهر الفرد وهو شيء لاتختلف آحاده عن بعضها ، لكن الاعراض التي تعتور الجواهر ، تجعل الاجسام تبدو مختلفة ، فهي متاثملة في أصلها إذاً ، إنما تختلف بسبب اختلاف الاعراض التي تقوم بالاجسام ، من جسم إلى آخر ، وهذا خرافة ينبغي ان يُستحى من ذكرها ، لاسيما في هذا العصر إذ قد علم بالعلوم الحديثة أن الاجسام مختلفة الذرات ، وأن الذرة يمكن أن تتجزأ أيضا ، وأن إنقسامها يجعلها تستحيل إلى مادة أخرى ، والعجب أن شيخ الإسلام ابن تيمية قرر هذا الامر في رده على بدعة الاشعرية في قولهم بتماثل الاجسام ، فلله دره .ـ
ـــــــــ
ومما ينبغي أن يعلم أنهم عندما ينفون عن الله تعالى صفات الذات كالوجه والعين واليدين ونحوها من صفات الذات ، بل صفة العلو أيضــا ، يحتجون بان العلة هي نفي الجسمية عنه ، لان ذلك يقتضي التشبيه ، وإنما يقصدون أنه إذا صار جسما والاجسام متماثلة ، اقتضى ذلك التشبيه من هذه الجهــة ، فقد بنوا نفيهم صفات الله تعالى على هذا الاختراع الذي أسموه الجوهر الفرد ، الذي زعموا أن كل الاجسام في الوجود تنتهي إليه ، ثم لايقبل التجزئة بعد ذلك ، وأن كل الموجودات سوى الله ، سواء متماثلة في حالة الجوهر الفرد ، وكل ذلك لابرهان ولادليل عليه ، بل هو كما قال تعالى ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) ،
-----------
وسلف الامة لايثبتون اللفظ أو ينفونه عن الله في هذا الباب إلا بدليل ، فلايثبتون أن الله تعالى جسـم لأنه لــم يرد ، ويستفصلون من نافيه ، ماذا يعني بنفيه ، فإن قال أعني أنه ليس كمثله شيء ، قالوا صدقت ولكن استعمل ألفاظ القرآن ، درءا لتوهم غير الحق ، وإن قال أعني نفي ما جـــاء في القرآن من صفات الله تعالى الذاتية قالوا : فهذا بدعة وكل بدعة ضلالة ، فكل ما ثبت في الكتاب والسنة من صفات الله تعالى يجب الايمان به على الوجه اللائق بالله تعالى ، من غير تمثيل ولا تكييف ولا تأويل ولا تعطيل ، ( آمنا به كل من عند ربنا ) ـ والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006