نصح السلطة الشرعية يكون سرا أم علنا ؟!

 

السؤال :
شيخنا الفاضل هناك من يستشهد بحديث عياض بن غنم في سرية النصيحة وأنه لا يجوز النصح إلا بالسر وهناك أخرين يردون عليهم بأن هذا الحديث فيه ضعف فهل هذا الحديث صحيح لا إدراج فيه ثم ألا يوجد تعارض بين الثناء على من يقول كلمة الحق أمام سلطان جائر وقتل وهذا الحديث الذي يحذر من أن يكون المرء قتيل سلطان الله ؟وهل هناك نماذج للسلف في النصح علناً كان أو سراً ؟
وهل هناك فرقاً بين النصيحة والإنكار ؟
جواب الشيخ
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى  آله وصحبه وبعد :
لاتعارض بين الأحاديث و الأخبار التي دلت على إظهار النكير على السلطة الشرعية إذا وقعت في منكـر ، وحديث عياض بن غنم ـ على فرض صحته وهي الأرجح ـ الذي يأمر بإسرار النصيحة للسلطان ، فحديث عياض في نصحه فيما يتعلق بما يفعله سرا ، وأحاديث الإنكار العلني تتعلق بما يظهر فعله وينتشر أثره ، فالسر ينصح بالسر ، والعلن ينصح بالعلن ، لأن المطلوب  ـ في حالة المنكرات المعلنة ـ تحذير الناس من الوقوع فيها ، وعدم الإغترار بأمر السلطان به ، فيجب إظهاره ، لأن الناس كما قيل ( على دين ملوكها ) فيستدلون بإقرار السلطان أو يتهاونون في إتيان المنكر تحت سلطان بسكوته عنه فكيف إذا فعله ؟!
ولهذا جعل الإنكار هنا هو أفضل الجهاد ، كما في الحديث ( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) فإن قتل بسببه فهو خير الشهداء ،كما في الحديث ( خير الشهداء حمزة ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله ) ، وصار أفضل الجهاد ،  لما في ذلك من تعريض النفس للمشاق العظيمة حتى بذل الروح لإعزاز الدين ، وإنكار المنكر ، ولأن جهاد الكلمة هـو غاية جاهد النفس والمال إذ هذا الأخير هـو وسيلة لأظهار كلمة الله تعالى وإعلاءها
ثـم الأمر في هذا الباب دائر على الترجيح بين المصالح والمفاسد ، ودرء المفسدة العظمى ولو ارتكبت الصغرى لذلك ، وهذه القاعدة لازمة لباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لاسيما في هذه الأزمنة التي يكثـر فيها اختلاط الخير بالشر ، والحق بالباطل
والإنكار من النصيحة ، فالنصيحة هي ضد الغش ، ومن الغش للأمـة السكوت عن الظلم أو ترك الظالم يتمادى في ظلمه دون ردعه
وقد بينت هذه المسألة بالتفصيل مع نماذج من حياة السلف في رسالة الحسبة على الحاكم في الفقه الإسلامي تجدها في مكتبة الموقع
والله أعلم

الكاتب: زائر
التاريخ: 11/10/2009