أسألك عن القات حكمه وما حكم الصلاة والقات في الفم؟

 

السؤال:

أسألك عن القات حكمه ، وما حكم من يصلي الصلاة وفي فمه القات ؟

**********************

جواب الشيخ:

لحمد لله الذي أحل الطيبات وحرم الخبائث والصلاة والسلام على نبينا محمد ماسار سائر ومكث ماكث ، وبعد : ـ

مضع القات عادة قبيحة ، ويدل على تحريمها عدة أمور :

1ـ أنه غالى الثمن جدًا، حتى أنه ربما يكلف الشخص مائة وخمسين ريالا لجلسة واحدة ويوجد من ينفق عليه في الجلسة الواحدة ثلاثمائة وأربعمائة وأكثر من ذلك ، ولايخفى ما في ذلك من الاسراف والتبذير ، وقد قال تعالى ( وكلوا واشربوا ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين ) ، وقال تعالى ( إن المبذين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) .

2ـ هذا مع ما فيه من تضييع الوقت ، حتى إنه ربما يمضي نصف عمر الشخص في استعمال القات ، وقد ورد في الحديث أن الله تعالى يسأل العبد عن عمره فيما أفناه ، فهل سيقول المبتلى بهذه العادة : في جلسات القات ؟!! وأما ما يضيع من أوقات الانتاج بالنسبة للمجتمع من ذلك فأمر لايوصف ، وفي ذلك مضرة عامة على الأمة ، يقطع بها كل فقيه أنها عادة محرمة .

3ـ ومما يدل على مفاسده ومضاره الكثيرة أن ثلاثين بالمائة من أرض اليمن مزروعة بالقات وهي من أخصب الاراض وأصلحها للزراعة ، فليتأمل العاقل كيف انطبق عليهم نفس ما فعله بنو اسرائيل لما قالوا لموسى ( ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) ، بل هم اسوء من ذلك ، فالبقل والقثاء والثوم والبصل ، فيها منافع لاتخفى ، ومع ذلك ذم الله بني اسرائيل على استبدالهم الذي هو أدنى بالذي هوخير ، فكيف بالذين يستبدلون القات بزراعة أرض اليمن بالزروع النافعة ، ومعلوم أن الشريعة الكاملة جاءت بدفع الاضرار ، وفي مقابلة نعمة الله تعالى في أرض اليمن الخصبة ، باستغلالها بالقات إضرار عظيم ، وكفر بنعمة الله جسيم.

4ـ وأنقل هنا ما ذكره الشيخ محمد سالم البيحاني، فقد ذكر في كتابه (إصلاح المجتمع) في شرح حديث نبوي عن الخمر والمسكرات قوله : ـ

(وهنا أجد مناسبة وفرصة سانحة للحديث عن القات والتنباك، والابتلاء بهما عندنا كثير، وهما من المصائب والأمراض الاجتماعية الفتاكة، وإن لم يكونا من المسكر، فضررهما قريب من ضرر الخمر والميسر، لما فيهما من ضياع المال، وذهاب الأوقات، والجناية على الصحة، وبهما يقع التشاغل عن الصلاة، وكثير من الواجبات المهمة .

ولقائل أن يقول : هذا شيء سكت الله عنه، ولم يثبت على تحريمه والامتناع منه أي دليل، وإنما الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، وقد قال جل ذكره : " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا " (البقرة : 29) . وقال تعالى : " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير " (الأنعام : 145).الآية.

وصواب ما يقول هذا المدافع عن القات والتنباك، ولكنه مغالط في الأدلة، ومتغافل عن العمومات الدالة على وجوب الاحتفاظ بالمصالح، وحرمة الخبائث، والوقوع في شيء من المفاسد، ومعلوم من أمر القات أنه يؤثر على الصحة البدنية ؛ فيحطم الأضراس، ويهيج الباسور، ويفسد المعدة، ويضعف شهية الأكل، ويدر السلاس - وهو الودي - وربما أهلك الصلب، وأضعف المنى، وأظهر الهزال، وسبب القبض المزمن، ومرض الكلى، وأولاد صاحب القات غالبًا يخرجون ضعاف البنية، صغار الأجسام، قصار القامة، قليلا دمهم، مصابين بعدة أمراض خبيثة.

إن رمـت تعرف آفـة الآفات فانظر إلى إدمان مضغ القـات

القات قتــل للمـواهب والقوى ومولـد للهــم والحسرات

ما القات إلا فكرة مسمومــة ترمى النفوس بأبشع النكبات

ينساب في الأحشاء داء فاتكًا ويعرض الأعصاب للصدمات

يذر العقول تتيه في أوهامهـا ويذيقها كأس الشقاء العاتي

ويميت في روح الشباب طموحه ويذيب كل عزيمة وثبات

يغتال عمر المرء مع أمواله ويريه ألوانا من النقمات

هو للإرادة والـفـتوة قاتل هو ماحق للأوجه النضرات

فإذا نظرت إلى وجوه هواته أبصرت فيها صفرة الأموات

وهذا مع ما يبذل أهله فيه من الأثمان المحتاج إليها، ولوأنهم صرفوها في الأغذية الطيبةوتربية أولادهم، أو تصدقوا بها في سبيل الله لكان خيرًا لهم، وصدق شاعرنا القائل : ـ

عزمت على ترك التناول للقات
صيانة عرضي أن يضيع وأوقاتي

وقد كنت عن هذا المضر مدافعًا
زمانًا طويلاً رافعًا فيـه أصـواتي

فلما تبينت المضرة وانجلـت
حقيقته بـادرتـه بـالـمـنـاواة

طبيعته اليبس الملم ببــردة
أخا الموت كم أفنيت منا الكرامات

وقيمة شاري القات في أهل سوقه
كقيمة ما يعطيه من ثمن القات

وإنهم ليجتمعون على أكله من منتصف النهار إلى غروب الشمس، وربما استمر الاجتماع إلى منتصف الليل يأكلون الشجر، ويفرون أعراض الغائبين، ويخوضون في كل باطل، ويتكلمون فيما لا يعنيهم، ويزعم بعضهم أنه يستعين به على قيام الليل، وأنه قوت الصالحين، ويقولون : جاء به الخضر من جبل قاف للملك ذي القرنين، ويروون فيه من الحكايات والأقاصيص شيئًا كثيرًا، وربما رفع بعضهم عقيرته بقوله : ـ

صفت وطابت بأكل القات أوقاتي
كله لما شئت من دنيا وآخرة ودفع ضر وجلب للمسرات.

ومن الشيوخ الذين قضى القات على أضراسهم من يدقه، ويطرب لسماع صوت المدق، ثم يلوكه ويمص ماءه، وقد يجففونه ثم يحملونه معهم في أسفارهم، وإذا رآهم من لا يعرف القات سخر بهم، وضحك منهم ؛ وإن أحد المصريين ليقول في قصيدة يهجو بها اليمنيين : ـ

أسارى القات لا تبغوا على من
يرى في القات طبًا غير شاف

انتهى النقل عن الشيخ البيحاني .

وأما حكم صلاة من في فمه القات ، وهو يمضغه ، فهي باطلة، ذلك أن العلماء اتفقوا على أن الاكل أثناء الصلاة يبطلهاوالله أعلم .

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006