هل الرسول حي وسؤال عن الاحتفال بالمولد والتمذهب

 


السؤال:

السلام عليكم
ما ظنك فيما إذا كان النبى محمد صلى الله عليه وسلم لا يزال على حيا أم ميتا؟
هل يستطيع أى مسلم أن يقول: الصلاة و السلام عليك يا رسول الله؟
هل يمكن أن نحتفل بالميلاد على أنه احتفال دينى؟
أى إمام من أئمة الفقه تتبع مالك،( الشافعى، حنيفة، حنبلى… أم وهابى؟)
لأى بلد تنتمى؟
أنتظر ردك بفارغ الصبر

*********************


جواب الشيخ:

وعليكم السلام
تنبيه : يلاحظ القاريء للجواب أنه يشتمل على استطرادات لم تذكر في الاسئلة ، وذلك لانه قد ورد هذا السؤال من أمريكا وقد علق المترجم من هناك اجتهادا منه تعليقات بعد ارسال أسئلة السائل ، لاتخلو من نظر ، وقد استطردنا بعض الاستطرادات لبيان مافي تعليقات المترجم من اخطاء ، وذلك في الاصل الذي أرسل إلى البريد الالكتروني للمترجم ليتنبه ، ووضعناهنا كل الاجابة بمافيها الاستطرادات على كلام المترجم ليعم النفع .
الجواب على السؤال الاول : قال الله تعالى ( إنك ميت وإنهم ميتون ) وقال ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ) وقال ( كل نفس ذائقة الموت ) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه ندب من يصاب بمصيبه أن يتذكر مصيبة المسلمين بموت النبي صلى الله عليه وسلم وأجمع علماء المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم مات منذ أربعة عشر قرنا ولايجوز أنه يقال أنه صلى الله عليه و سلم لايزال حيا ، لان حياته الاخروية في البرزخ الذي قال الله عنه ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) هي حياة أخرى ليست من الحياة الدنيا وليست مثل حياتنا في الدنيا ، بل هي مثل حياة الشهداء ، فالشهداء يموتون ولكنهم أحياء عند ربهم ، وحينئذ إذا قيل الرسول صلى الله عليه وسلم حي فإن قصد القائل حياته في البرزخ فيجب أن يقيد ذلك بما يدل على أنه حي عند الله في البرزخ ولكنه ميت انقطع عن الحياة الدنيا انقطاعا كليا، ولايجوز أن يطلق القول بأنه حي فيعارض ظاهر القرآن .
وأما كونه صلى الله عليه وسلم يرد الله إليه روحه ليرد السلام فهذا يقع على كيفية لانعلمها ولايمكننا أن نقيس حياتنا الدنيا على حياة البرزخ بوجه من الوجوه البتة
ولايصح أن يقال : إن الصلاة عليه لاتنقطع ، إذن فحياته لاتنقطع ، فهذا المعنى يبطله ظاهر الحديث لان الحديث يقول رد الله إلي روحي ) ولو كانت حياته لاتنقطع لما صح أن يقال يرد الله إلي روحي ، لانه لامعنى لرد الروح إذا كانت حاضرة دائما ، ولهذا كل من يقيس النصوص الواردة في شأن الاخرة والغيب على ما يراه في الحياة الدنيا يقع في التناقض ، بل علينا التسليم والايمان وأن نعلم أن ذلك يقع على كيفية لانعلمها على حقيقتها ، وذلك كما نؤمن بالجن ولانعلم كيفية حصول الانشطة العضوية عندهم ونؤمن بالصراط وأنه أحد من السيف وأدق من الشعر ولانعلم كيف يسير الناس على مثل هذا الصراط وبالجملة فلايجوز قياس أمور الاخرة على المحسوسات في الدنيا وأعطاءها نفس الاحكام تماما
السؤال الثاني : يجوز للمسلم ان يقول الصلاة والسلام عليك يا رسول الله لانه لايشترط أنه يكون حيا كحياتنا حتى نقول مثل هذا اللفظ ، وفي صيغة التشهد نقول ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) وهو مثل الخطاب للغائب ، كما تقول لمن أحسن إليك وهو غائب جزاك الله خيرا يا فلان ، كأنك تستحضر صورته في الذهن وتخاطبها فهذا لابأس به ولكن المحظور والمحرم وهو من الشرك أن تستغيث أو توجه الدعاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بدل توجيهه لله تعالى ، فهذا شرك الدعاء .
السؤال الثالث : لايجوز الاحتفال بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وليس هذا المنع بسبب ضعف مكانته في قلوبنا ، بل هو صلى الله عليه وسلم له المكانة العظمى في قلوب المؤمنين فهو خاتم الانبياء وأفضل البشر وأحبهم إلى الله وأعلاهم منزلة ، ولكن منع الاحتفال بمولده من أجل تكميل الاتباع له ، لانه صلى الله عليه وسلم لم يشرع الاحتفال بمولده ، ولم يفعله صحابته من بعده ، وكانوا اشد الناس حبا له ، ولو كان في هذا الفعل خيرا لفعله صلى الله عليه وسلم وأرشدنا إليه ولو كان فيه خيرا لفعله أصحابه من بعده وهم أعلم بسنته ، فلما تركه صلى الله عليه وسلم وهو قادر على فعله ، دل على أنه يشرع الاقتداء به في هذا الترك،لان النبي صلى الله عليه وسلم يتبع في الفعل والترك ، فكلاهما ائتساء به صلى الله عليه وسلم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ) أي مردود عليه ، وقال ( إياكم ومحدثات الامور فإن كل بدعة ضلالة ) والمحدث هو التعبد بعبادة لم يشرعها صلى الله عليه وسلم ، والمعروف أن الاحتفال بالمولد النبوي إنما حدث في العهد الفاطمي في مصر، أحدثه الفاطميون ، وكانوا زنادقة يعتقدون الشرك ، ويلعنون الصحابة ، ويقتلون علماء المسلمين ، أحدثوه بعد خمسائة عام من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلماذا ترك علماء المسلمين الاحتفال بمولده طيلة خمسة قرون؟ أليس هذا أكبر دليل على أنه بدعة.
السؤال الرابع :الواجب على كل مسلم اتباع ماصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو الامام المتبع المعصوم فيما يبلغ عن ربه ، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الامام مالك وكل الائمة ، وكل أحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يجوز عليه الخطأ ، وأما العاجز عن معرفة أحكام الشريعة بأدلتها فإنه يسأل من يثق به من غير تقييد بمذهب محدد ، ولكن يسأل من يثق به من علماء المسلمين ، وأما من يقدر على الاستدلال والنظر فيجب عليه أن اتباع الدليل الذي يدل على الشرع ، ولكن من يريد طلب العلم فإنه يتعلم على طريقة مذهب من المذاهب الاربعة من غير تعصب بل يتخذ هذه الطريقة وسيلة لتعلم العلم فقط ، فإذا تأهل للعلم الشرعي وجب عليه اتباع الدليل وترك التعصب . وننبه السائل أنه لايوجد مذهب اسمه وهابي ، ولكن الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب كان عالما مجتهدا دعا إلى الله تعالى ، وحارب الشرك والبدع والخرافات ووفقه الله ونصره وبارك في جهاده ، وكان يتعلم ويعلم الفقه على مذهب الحنابلة ولكن من غير تعصب وإذا صح عنده الحديث قال به وإن خالف مذهب الحنابلة وكذلك يجب على كل مسلم أن يتبع الدليل عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولايتعصب
السؤال الخامس : وأما إلى أي بلد ينتمي المسلم ، فكل مسلم ينتمي إلى البلد الذي يعيش فيه ، ولكن هذه النسبة نسبة المكان الذي يعيش فيه فقط ، ويجب أن يعتقد المسلم أن كل بلاد الاسلام وطنه ، وأن كل المسلمين إخوانه كماقال تعالى ( إنما المؤمنون أخوة ) وفي الحديث المسلم أخو المسلم
وننبه أخيرا إلى أن المسلم لايجوز له أن يقول فطرتي وقلبي يفتياني لان الفتوى الشرعية تؤخذ من الادلة من الكتاب والسنة والاجماع والقياس ويرجع في ذلك إلى أهل العلم ليعرف حكم الشرع من قبلهم ، وأما القلب فقد يميل مع الهوى وقد يظن الانسان أن هذا الامر يوافق فطرته وإنما يكون من تزيين الشيطان ، وأما الشرع فإنه تنزيل الحكيم الحميد والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
حامد عبدالله العلي


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006