وضع القبر في المسجد ؟

 

السؤال:

ما حكم الشرع في وضع القبر في المسجد ، فقد سمعت أنه يجوز لان المسجد النبوي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهل أعيد الصلاة إن صليت في مسجد فيه قبر ، وما حكم دعاء الاولياء المقبورين في المساجد والتبرك بهم ، هل صحيح أنه من الشرك ؟ أرجــو توضيح الجواب بإسهاب ؟

*******************

جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ

لايجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ، وسأسوق فيما يلي نقولا عن بعض أهل العلم تجيب على ما سألت عنه بالتفصيل ، وزيادات أيضا مهمة ومفيدة :

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله : الحمد لله رب العالمين ، النبي صل الله عليه وسلم حذر فيما تواتر عنه من النهي عن وسائل الالتجاء بالأموات والرغبة إليهم ، فنهى عن اتخاذ القبور مساجد وصرح طوائف من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم كأصحاب مالك والشافعي بالتحريم لذلك ، قد حكى شيخ الإسلام رحمه الله الإجماع على التحريم لذلك ، وهو الإمام الذي لا يجارى في ميدان معرفة الخلاف والإجماع ، لما في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبياءهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك .

وفي الصحيحين من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلــــم قال ( قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد ) وفي رواية لمسلم ( لعن الله اليهود والنصارى ) الحديث ، وفي الصحيحين عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجــد يحذر ما صنعوا ) ولولا ذلك لابرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا ، قوله ( خشي ) تعليل لمنع إبراز قبره ، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد في آخر حياته ثم إنه لعن من فعله ، وذلك لان الفتنة بالصلاة عند القبور ومشابهة عباد الأوثان أعظم من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها .
وقد نهى عن الصلاة في هذه الأوقات سدا لذريعة التشبه بالمشركين التي لا تكاد تخطر ببال المصلي فكيف بهذه الذريعة القريبة التي تدعو فاعلها إلى الشرك الذي أصله التعظيم بما لم يشرع والغلو فيها وقد أخرج الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ، ومعلوم أن إيقاد السرج إنما لعن فاعله لكونه وسيلة إلى تعظيمها وجعلها نُصُباً ، يوفض إليها المشركون وكذلك اتخاذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين .

ووجه الدلالة من هذه الأحاديث أنه إذا لعن من فعل ما هو وسيلة على التعظيم والغلو وإن كان المصلي عندها ومتخذها مساجد إنما وجه وجهه وقلبه إلى الله وحده فكيف إذا وجه وجهه إلى أرباب القلوب ، وأرواح الأموات ، وأقبل عليها ، بكليته وطلب النفع منها دون الله تعالى ، فإنه قد صرف ما هو من خصائص الربوبية لمن لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياتا ولا نشورا ، فمن جعل لله شركا يلتجئ إليه ويعلق به قلبه ويوجه إليه وجهه ويرغب إليه دون الله فقد جعل لله ندا كما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قلت : يا رسول الله أي الذنب أعظم قال ( أن تجعل لله ندا وهو خلقك .. الحديث ) وقد بين الله تعالى في كتابه دينه الحنيف ، فيما ذكر عن خليله إبراهيم عليه السلام أنه قال ( يا قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ) وقال ( قال يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تدعون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين * وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ) .
وبهاتين الآيتين وأمثالهما من القرآن يميز المؤمن دين المرسلين من دين المشركين ، فإقامة الوجه لله بإخلاص العبادة لله بجميع أنواعها هي دين المرسلين وتوجيه الوجه بشيء من أنواعها لغير الله هو الشرك الذي لا يغفره الله ، وتدبر قول الله تعالى في وصف أهل الإخلاص ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) فالرغبة والرهبة والخشوع وغير ذلك من أنواع العبادة كالمحبة والدعاء والتوكل ونحو ذلك ن مختص بالله تعالى لا يصلح شيء منه لغيره كائنا من كان ، وتأمل قوله تعالى ( وكانوا لنا خاشعين ) فإنه ظاهر بأن ذلك الخشوع ونحو مختص بالله تعالى كما ذكر اختصاصه بالعبادة عموما في قوله ( بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ) .

ثم قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أمته أن يجعلوا قبره عيدا أخرج أبو داود بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلـــم ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) وأخرج أبو يعلى في مسنده والحافظ الضياء في المختارة عن علي بن الحسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فنهاه وقال : ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لا تتخذوا قبري عيدا ، ولابيوتكم قبورا فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم ) .

وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن سهل بن سهيل قال رآني الحسن بن الحسين بن علي رضي الله عنهم عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة رضي الله عنها يتعشى ، فقال : هلم إلى العشاء ، فقلت : لا أريده ، فقال مالي رأيتك عند القبر فقلت سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : سلم إذا دخلت المسجد ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم قبورا ، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ) ما أنت ومن بالأندلس إلا سواء ).
فهذا علي بين الحسين أفضل التابعين من أهل البيت والحسن بين الحسين سيد أهل البيت في زمانه لم يفهما من نهي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( لا تتخذوا قبري عيدا) إلا نهي أمته عن اعتياد المجيء إلى قبره ، وملازمته لان الصلاة عليه تبلغه صلى الله عليه وسلم من المصلي وإن كان بعيدا عن قبره ، ولما في ذلك من سد الذريعة من العكوف عند القبر وتعظيمه بما لم يشرع ، والعكوف عبادة شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم في المساجد تقربا بها إلى الله ، فلا يجوز أن يفعل ما هو مشروع في المساجد عند القبر .

فإن الملازمة والعكوف عندها ذريعة قريبة إلى عبادتها ، فتعظيمها بما لم يشرعه الله ورسوله غلو ، والغلو أعظم وسائل الشرك ،والذي فهمه هذا السيدان الجليلان هو الذي فعله السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فإن الثابت عنهم المتواتر كانوا إذا دخلوا المسجد صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وسلموا واكتفوا بذلك عن المجيء إلى قبره صلى الله عليه وسلم وذلك لعلمهم بما شرعه الله ورسوله ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما ، إذا قدم من سفر سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم على أبي عمر ثم على أبيه ثم انصرف ، فهذا حال الصحابة رضي الله عنهم ، وهم أشد الناس تمسكا بالسنة وأعلم الناس بما يجوز وما لا يجوز .انتهى باختصار من الدرر السنية 4/255


***وسئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله : الحكمة من إدخال قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد؟

ا لسؤال : من المعلوم أنه لا يجوز دفن الأموات في المساجد ، وأيضا مسجد فيه قبر لا تجوز الصلاة فيه ، فما الحكمة من إدخال قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض صحابته في المسجد النبوي ؟

الجواب : قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " متفق على صحته ، وثبت عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال صلى الله عليه وسلم " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله " متفق عليه ،
وروى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " وروى مسلم أيضا عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه " فهذه الأحاديث الصحيحة وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم اتخاذ المساجد على القبور ولعن من فعل ذلك ، كما تدل على تحريم البناء على القبور واتخاذ القباب عليها وتجصيصها لأن ذلك من أسباب الشرك بها وعبادة سكانها من دون الله كما قد وقع ذلك قديما وحديثا ،
فالواجب على المسلمين أينما كانوا أن يحذروا مما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وألا يغتروا بما فعله كثير من الناس ، فإن الحق هو ضالة المؤمن متى وجدها أخذها ، والحق يعرف بالدليل من الكتاب والسنة لا بآراء الناس وأعمالهم ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصاحباه رضي الله عنهما لم يدفنوا في المسجد وإنما دفنوا في بيت عائشة ، ولكن لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك أدخل الحجرة في المسجد في آخر القرن الأول ولا يعتبر عمله هذا في حكم الدفن في المسجد . لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لم ينقلوا إلى أرض المسجد وإنما أدخلت الحجرة التي هم بها في المسجد من أجل التوسعة فلا يكون في ذلك حجة لأحد على جواز البناء على القبور أو اتخاذ المساجد عليها أو الدفن فيها لما ذكرته آنفا من الأحاديث الصحيحة المانعة من ذلك ، وعمل الوليد ليس فيه حجة على ما يخالف السنة الثابتة عن رسول الله ، والله ولي التوفيق . كتاب الدعوة ج1 ص24 ، 25 ، 26

*** وسئل العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله :

س: نبش القبر الذي في المسجد إذا كان في نبشه فتنة هل ينبش أم يترك؟

ج: يجب أن ينبش القبر إذا كان في المسجد ، وكان المسجد هو السابق ، ويكون ذلك من جهة ولاة الأمور ؛ إما المحكمة أو الإمارة حتى لا تكون فتنة. أما إن كان المسجد هو الأخير فالواجب هدمه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكرت له أم سلمة وأم حبيبة كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله متفق عليه.
ومن هذين الحديثين وما جاء في معناهما يعلم أنه لا يجوز أن يصلى في المساجد التي فيها القبور ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؛ ولأن ذلك وسيلة إلى الشرك بالله عز وجل.

*** وسئل أيضا رحمه الله :

س : يوجد في بلدتنا رجل صالح متوفي قد بني له مقام على قبره وله عادة عندنا في كل عام ، نذهب مع الناس إليه رجالا ونساء ويقيمون عنده ثلاثة أيام بالمدح والتهاليل والأذكار ويستمر بالأوصاف المعروفة ، فنرجو التوجيه والإرشاد .

جـ : هذا العمل لا يجوز ، وهو من البدع التي أحدثها الناس ، فلا يجوز أن يقام على قبر أحد بناء سواء سمي مقاما أو قبة أو مسجدا أو غير ذلك . وكانت القبور في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة في البقيع وغيره مكشوفة ليس عليها بناء والنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر أو يجصص وقال : لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد متفق على صحته . وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه رواه الإمام مسلم في صحيحه .
فالبناء على القبور وتجصيصها ووضع الزينات عليها أوالمتور كله منكر ووسيلة إلى الشرك ، فلا يجوز وضع القباب أو الستور أو المساجد عليها . وهكذا زيارتها على الوجه الذي ذكره السائل من الجلوس عندها والتهاليل وأكل الطعام والتمسح بالقبر والدعاء عند القبر والصلاة عنده كل هذا منكر وكله بدعة لا يجوز إنما المشروع زيارة القبور للذكرى والدعاء للموتى والترحم عليهم ثم ينصرف . والمشروع للزائر للقبور أن يقول : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ) وما أشبه ذلك من الدعوات فقط . هذا هو المشروع الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم .

وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبور المدينة فقال : السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر وأما الإقامة عند القبر للأكل والشرب أو للتهليل أو للصلاة أو قراءة القرآن فكل هذا منكر لا أصل له في الشرع المطهر . وأما دعاء الميت والاستغاثة به وطلب المدد منه فكل ذلك من الشرك الأكبر . وهو من عمل عباد الأوثان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اللات والعزى ومناة وغيرها من أصنام الجاهلية وأوثانها . فيجب الحذر من ذلك وتحذير العامة منه وتبصيرهم في دينهم حتى يسلموا من هذا الشرك الوخيم ، وهذا هو واجب العلماء الذين من الله عليهم بالفقه في الدين ومعرفة ما بعث الله به المرسلين كما قال الله سبحانه : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقال سبحانه : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وقال عز وجل : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وقال سبحانه : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة .

ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وفي رواية للبخاري رحمه الله : فادعهم إلى أن يوحدوا الله فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب متفق على صحته . فأمره أن يبدأهم بالدعوة إلى التوحيد والسلامة من الشرك مع الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والشهادة له بالرسالة .

فعلم بذلك أن الدعوة إلى إصلاح العقيدة وسلامتها مقدمة على بقية الأحكام؛ لأن العقيدة هي الأساس الذي تبنى عليه الأحكام ، كما قال الله عز وجل : وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وقال سبحانه : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة .

فالواجب على أهل العلم في كل مكان وزمان مضاعفة الجهود في ذلك حتى يبصروا العامة بحقيقة الإسلام ويبينوا لهم العقيدة الصحيحة التي بعث الله بها الرسل عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم إمامهم وخاتمهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم . وفق الله علماء المسلمين وعامتهم لكل ما فيه رضاه إنه خير مسئول

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006