ماهو الفرق بين المنهج والعقيدة ؟ |
|
السؤال:
فضيلة الشيخ حامد بن عبدالله العلي سلمه الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته . . . وبعد فقد أصبحنا في الآونة الأخيرة كثيرا ما نسمع كلمةالمنهج وأن ثمة فرق بين العقيدة و المنهج ، غير أننا لم نفهم بعدالمقصود بالمنهج ، هل هو الجانب العملي من العقيدة،ام هو ضوابط الفهم ، أم غير ذلك
نرجو من شيخنا الفاضل بيان معنى المنهج و علاقته بالعقيدة وجزاكم الله عنا كل خير
عمر شريف عشاشي
الجزائر
********************
جواب الشيخ:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلىآله وصحبه وسلم :
الاخ الكريم عمر شريف وفقه الله من اهم الامور في معرفة المطالب العلمية تحديد معنى الالفاظ التي تدل عليها بدقة ، فالعقيدة اشتهر استعمالها بعد عصر السلف في ما ينعقد عليه القلب وينبني عليه العمل ، وليس في الكتاب والسنة لفظ العقيدة ، بل يوجد لفظ الايمان ، ذلك أن الله تعالى أمر العباد بالايمان ، لانه قول وعمل ، ولان المقصود بهذا الايمان تحقيق هدف العلم وهو العمل به وليس مجرد الاعتقاد المحض الذي لايؤدي إلى الانقياد ، بل هذا كفر أعني الاعتقاد الذي لايتبعه انقياد لله تعالى هو كفر بالله في حكم الكتاب والسنة ولهذا أجمع السلف على أن من لايأتي بشيء من الانقياد بالجوارح لاينفعه اعتقاده وتصديقه ،لان الله تعالى إنما أمر بالايمان الذي هو قول وعمل ولم يأمر فقط بالاعتقاد ، وأيضا أمر الله تعالى بالايمان لانه لفظ يدل على الامن ولهذا قال تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون ) فلهم الامن في الدنيا من الشقاء والضلال ولهم الامن في الاخرة من الفزع والعذاب ، ولفظ العقيدة لايتضمن هذا كله ، مع ما في حروف الايمان من اضفاء الاطمئنان على النفس والانبساط والانشراح ، وليس كذلك لفظ العقيدة فحروفه تشعر بالقسوة والانقباض .
وعلى أية حال فلامشاحة في الاصطلاح ، والمهم موافقة المعنى للحق
وأما المنهج فهذا اللفظ من الالفاظ العامة التي لايعرف مدلولها بالضبط إلا عند الاضافة ، مثل قولنا رأس أو باب نفهم معنى عاما ، ولايتحدد المقصود به إلا عند الاضافة ، فنقول باب البيت أو باب العلم أو باب المدينة ، أو رأس الطريق أو راس الجبل أو رأس الانسان أو رأس الامر وهكذا
والمنهج معناه الصراط أو الطريق ، ثم لانفهم المقصود بالضبط إلا عند الاضافة ، فنقول منهج العقيدة أو منهج الدعوة أو منهج الفقه أو منهج الحديث أو منهج العالم الفلاني في كتابه كذا أو منهج المذهب الفلاني في الاصول وهكذا أو منهج المفسر في آيات كذا وكذا لابد من اضافة لفظ المنهج إلى شيء حتى يتحدد معناه ويعرف بالضبط مقصود المتكلم به ولهذا فعندما يقول القائل المنهج والعقيدة ، فهذا الاقتران بهذا الاطلاق غلط لامعنى له ، وذلك مثل أن يقول القائل (المذهب والحديث الشريف ) فماذا نفهم من هذا الاقتران ، ثمة شيء لايعرف إلا بالاضافة( المذهب ) اقترن بأمر آخر يطلق غالباعلى فن من فنون العلم( الحديث ) ، إذن لابد أن نحدد هل المقصود منهج العقيدة أو منهج الفقه أو منهج الدعوة أو منهج فهم الدين ماهو المقصود من كلمة المنهج بالضبط ، لابد من إضافة اللفظ إلى شيء يتحددبه فإذا قال القائل المقصود هو منهج فهم الدين وتلقيه ، فهذا جزء أساسي من منهج العقيدة نفسها ، فمن أصولها تلقي الدين وفهمه على ضوء الاصول التي أجمع عليها السلف ، فمن أخطأ فيها فهو من المخالفين في العقيدة ، فكيف يفرق بين العقيدة والمنهج على هذا المعنى ، وإذا قيل منهج الدعوة ، فجزء من منهج الدعوة هو انطلاقها من العقيدة ، فكيف يفرق بينهماباطلاق وبينهما هذا التداخل ، وإذا قيل منهج الفقه فالمقصود المذهب الفقهي والاصول التي يعتمد عليها في تخريج الفروع على القواعد والاصول وفتاوى الامام ، وإذا قيل منهج الحكم على أسانيد الحديث مثلا فالمقصود مذهب المحدث في رواية المرسل ومجهول الحال واشتراط العلم باللقاء وليس مجرد إمكان اللقاء مع التصريح بالتحديث وهكذا ، وفي هذه الحالة ـ أعني تحدد المقصود بالمنهج بهذه الاضافة إلى الفقه أو الحديث ـ يكون بين المنهج والعقيدة تباين . والمقصود أن ثمة ملحوظتين في قول القائل العقيدة والمنهج
الاولى أنه لم يحرر المقصود بالمنهج إذ هذا اللفظ لايعرف مقصوده التام إلا عند الاضافة
الثانية أنه على ضوء تحديد المقصود بالمنهج إما أن يكون بين العقيدة والمنهج تداخل أو يكون بينهما تباين حسب ما يضاف إلى لفظ المنهج
وإذا قيل المقصود منهج الدعوة مما هو خارج إطار العقيدة فمنهج الدعوة فيه ثوابت ومتغيرات ، فيه محكمات لااختلاف فيها وفيه مسائل اجتهادية ، وقد يختلف الدعاة في مسائل اجتهادية بحسب اختلاف بيئة الدعوة وتقدير أولوياتها والمرحلة التي تمر فيها ، والوسائل التي تستعمل ، وهذا كله من الاختلاف السائغ الذي لايوجب العداوة والشقاق ، وأما من يخالف في انطلاق الدعوة من اعتقاد السلف فهذا يخالف في العقيدة أصلا وليس في منهج الدعوة ، فإن خالف في أمور أخرى ليست مما يصنف في العقيدة ولكن خلافه لايسوغ لمخالفته للنصوص فهذا إن كان متأولا فهذا ينصح ولايجحد فضله ويبين خطؤه بالحكمة , ويتعاون معه فيما أصاب فيه على الخير والبر والتقوى ، وإن كان معاندا يتبع هواه او يتقرب ببدعته إلى أعداء الدين ليفسده ولينال حظوة عندهم ، فيعامل معاملة أمثاله من المبتدعين حسب الضوابط الشرعية من الهجر أو غيره مما يؤدي غرض انكار بدعته وإزالتها أو أضعافها ، وأرجو أن يكون في هذا الجواب كفاية
وإن أشكل شيء أرسلوا لنا بارك الله فيكم ووفقكم لكل خير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أخوكم حامد بن عبدالله العلي
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006