ما قولكم فيمن يسمع الاغاني وينام عن صلاة الصبح فلايحضرها في المسجد وربما نام عنها حتى تطلع الشمس! |
|
السؤال:
ما قولكم فيمن يسمع الاغاني وينام عن صلاة الصبح فلايحضرها في المسجد وربما نام عنها حتى تطلع الشمس وإذا نصحناه قال من العلماء من يبيح الاغاني وإن كنت نائما عن الصلاة فأنا معذور ؟
*********************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد : فإلى السائل الكريم ، أسوق هذه الأدلة على أن آلات الطرب محرمة في الإسلام ، ورغم أنها منتشرة في المسلمين ، ويجهل أكثرهم أنها محرمة ، وقد اعتادوا عليها وشق عليهم أن يتركوها وقد تعلقت بها قلوبهم ، غير أن الله تعالى حرمها ، وأمر باجتنابها لان ضررها عظيم على القلب المؤمن ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
الأدلة على تحريم آلات الطرب :
1ـ عن أبي عامر أو أبي مالك الاشعري قال ، قال صلى الله عليه وسلم ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) أورده البخاري في صحيحه ، ووجه الدلالة أن الحديث ذكر أنهم يستحلون المعازف ، وفي ذلك بيان أنها محرمة .
2ـ عن أنس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة ، مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة ) رواه البزار والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة .
3ـ عن عمران بن حصين قال صلى الله عليه وسلم ( يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف ، قيل : يا رسول الله !متى ذاك ؟ قال : إذا ظهرت المعازف ، وكثرت القيان ، وشربت الخمور ) رواه الترمذي
والمذاهب الأربعة أجمعت على تحريم آلات الطرب والغناء بها ، ولم يصح البتة أن الإمام مالك كان يرخص بها ، فقد روى الخلال بسند صحيح عن إسحاق بن عيسى قال سألت مالك عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء ؟ قال : إنما يفعله عندنا الفساق )
عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ) قال : نزلت في الغناء وأشباهه ، أخرجه البخاري في الأدب المفرد
وعن ابن مسعود انه سئل عن هذه الآية فقال : وهو الغناء والذي لاإله إلا هو ، يرددها ثلاث مرات ، رواه الحاكم والبيهقي وغيرهما
وعنه رضي الله عنه قال : الغناء ينبت النفاق في القلب ، رواه البيهقي في شعب الإيمان
وقال ابن القيم في تفسير كلام هذا الصحابي الجليل : ( فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبدا ، لما بينهما من التضاد ، فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى ، ويأمر بالعفة ، ومجانبة شهوات النفس ، وأسباب الغي ، وينهى عن اتباع خطوات الشيطان ، والغناء يأمر بضد ذلك كله ، ويحسنه ، ويهيج النفس إلى شهوات الغي ، فيثير كامنها ، ويزعج قاطنها ، ويحركها إلى كل قبيح ، ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح ، فهو والخمر رضيعا لبان ، وفي تهييجهما على القبائح فرسا رهان ) ... فالغناء يفسد القلب ، فإذا فسد هاج في النفاق .
ومما يدل على ما قاله هذا الإمام ، واقع ما يسمى الوسط الفني ، وعالم المغنيين والمغنيات ، فإنه عالم مليء بالفسوق ، والعلاقات المحرمة ، ولهذا فهم لا يكادون يصورون الأغنية ، إلا وفيها رجل يغازل امرأة ، ويطلب منها ما حرم الله تعالى ، وهي متبرجة له متزينة طالبة لقربه ، وفي ذلك تهييج الشباب على الفواحش ، ولاتكاد تجد قوم مجتمعون على شرب الخمر ومخالطة الفاجرات ، إلا ويطلبون مع ذلك آلات الطرب والغناء ، لان هذه الذنوب كلها مقترنة مع بعضها ، يقرن الشيطان بينها ، ليصد الناس عن طاعة الله تعالى ، ويزين لهم الوقوع في المعاصي والعياذ بالله تعالى ، ومن تأمل حال أهل الطرب ، لا يخفى عليه حال الفسوق الذي يعيشون فيه ، وبعدهم عن ذكر الله تعالى وطاعته .
ومما قاله عمر بن عبد العزيز رحمه الله لمؤدب ولده هذه الكلمات البليغات ( ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان ، وعاقبتها سخط الرحمن ، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم ، أن حضور المعازف واستماع الأغاني ، واللهج بها ، ينبت النفاق في القلب ، كما ينبت العشب الماء ) رواه ابن أبى الدنيا في كتابه ( ذم الملاهي ) .
أما قول السائل أنه غالبا لا يستيقظ لأداء صلاة الفجر في المسجد :
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
ترك صلاة الفجر حتى يخرج وقتها عمدا ، أو تهاونا ، من أكبر الكبائر ، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام رؤيا قال (إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتهدهد الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ) ثم قال في تفسير ما رآه أن الذي يفعل به هذا ، هو الذي ينام عن الصلاة المكتوبة ، وقد رواه البخاري وغيره من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه .
ومعناه أن الذي ينام عن الصلاة المفروضة عمدا أو تهاونا ، يعذب في قبره بهذا العذاب والعياذ بالله تعالى .
وصلاة الفجر تحضرها الملائكة ، وتكتب أسماء المصلين ، كما تحضر صلاة العصر ، فتكتب أسماء المصلين في جماعة ، ولهذا أحرص ما يكون الشيطان على تفويت هاتين الصلاتين على المصلي في جماعة ، ويثقل عليه نومه ، حتى يفوته ثوابهما العظيم ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( من صلى البردين دخل الجنة ) رواه مسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه ، وهما الفجر والعصر ، لانهما في وقت يبرد الهواء نسبيا ، وإنما خصهما لان من حافظ على الفجر والعصر في جماعة ، فهو على غيرهما أحرص .
أما صلاة الجماعة ، فيجب حضورها على كل قادر قريب من المسجد غير معذور بعذر يبيح له ترك الجماعة ، كالمرض ، وخوف الطريق ، والمطر الذي يشق معه الخروج إلى الصلاة ، وكونه يرعى مريضا يخشى تركه ، أو يخشى على خبزه أن يحترق ، أو طبيخه أن يفسد ، أو كان بحضرة طعام ونفسه تتوق إليه ، أو كان حارسا لا يمكنه ترك موضع الحراسة ، ونحو ذلك من الأعذار التي تبيح ترك الجماعة ، فإن لم يكن معذورا ، يجب عليه حضور الجماعة التي يدركها ماشيا ، ويأثم بعدم حضورها ، وعند بعض العلماء تركها من الكبائر لان النبي صلى الله عليه وسلم ( همّ أن يحرق على الذين لا يحضرون الجماعة بيوتهم ) متفق عليه والله اعلم
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006