أسألة فنون قتالية -جزء الثاني |
|
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
شيخي الفاضل الحبيب / حامد العلي .. حفظك الله ورعاك واثابك دنيا وآخرة
أولا يعلم الله إني أحبك في الله ، وأسأل الله أن يحشرنا يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله
سؤالي يا شيخ وهو يعتبر إكمال لسؤال الأخ عبدالله عن الفنون القتالية كـ (الكراتيه والجودو ) ، والسؤالي هو أنني أمارس الفنون القتالية أكثر من 18 عاما وحاليا أقوم بتدريس فن (الجو-جيتسو) ، وسؤالي هو عن هذا الفن كالتالي :-
أولا: حكم تحية شعار اللعبة ، حيث أننا نضع شعارا كبيرا في الصالة ونحييه (بدون إنحناء طبعا ) .
ثانيا: حكم تعليق شعارات هذه اللعبة أو هذا الفن على البدلة من ناحية الصدر أو الكتف ، والشعار مكتوب عليه أسم اللعبة وعليه ألوان العلم الياباني .
ثالثا: حكم تنظيم بطولات قتال مفتوح بدون قوانين ، حيث أنني نظمت بطولتان على مستوى الكويت ولكنه تتصف بالعنف حيث أن جميع الضربات (بالكف والقبضه والكوع والركبة والجبهه ) مسموح بها بالإضافة إلى (القذف والخنق ولي المفاصل ) ، وقد توجهت لي بعض الإنتقادات لشراسة الفن الذي أقوم بتعليمه أو تنظيمه على شكل بطولة ، ولكن لدي قناعات بأن الفنون القتالية والدفاع عن النفس وجدت قبل قرون على هذا النمط للتربية القتالية او الدفاعية بطرق واقعية ،وليست استعراضية كبقية الألعاب ، ونصحني البعض بالتدريب فقط على هذا الاسلوب وليس إقامة بطولات أو مباريات بهذه الطريقة ، فنرجو تبيان حكم هذه البطولات
رابعا: حكم تحدي الآخرين من العاب قتالية أخرى بقصد تبيان القوة والإمكانية أو كسر الشوكة وليس فقط للتنافس ( وهذا الشيء بدأ يشيع لدى بعض الطلاب ) للأسف
خامسا: حكم صلاة الفريضة في الصالة جماعة ، والمسجد بجانبنا بسبب العرق الشديد والتي قد تنبعث منها رائحة تزعج المصلين بالإضافة إلى الخوف من تعرض الاعبين لنزلة برد بسبب الهواء أثناء الخروج من الصالة مباشرة .
وجزاكم الله خيرا
محبك / أحمد الهولي
************************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
أحبك الله الذي أحببتنا من أجله ، وجعلنا وإياك في ظل عرشه مع النبيين والصديقين والشهداء و الصالحين آمين .
إن كان شعار اللعبة ليس فيه سوى الرمز للعبة فقط ، لايدل ولو من بعيد على عقيدة ، أو ثقافة ، أو عبادة ، لطائفة مخصوصة من الكفار ، وكانت التحية ليس ذات هيئة مخالفة للشرع ، بل هي جزء من نظام اللعبة ، كما توضع لها ، ولغيرها آداب ، وقوانين ، وأعراف لا تخالف الشرع ، كاللباس المحدد ،والشعار المحدد ، والحركات المحددة ، التي يقصد بها مجرد تمييز اللعبة فحسب ، فلا حرج ، لان الأصل في الأشياء والعادات الإباحة والله اعلم .
وكذلك وضع شعار اللعبة على الملابس ، إلا إذا كان عليه صورة العلم الياباني فلا يجوز وضعه موضع التوقير ، ولامعنى لان يفعل المسلم هذا ، وقد أمر المسلم أن يتميز بشعارات الإسلام عن غيرها ، وأن لا يعظم شعارا يدل على ثقافة أمم كافرة ، أما مجرد توافق الألوان مع ألوان العلم الياباني ، إن لم يُفهم منه انه رمز للعلم ذاته ، ولا دليل يد ل على ذلك ، بل المفهوم أنه شعار اللعبة فقط فلا حــــــــــرج .
وأما إقامة البطولات ، فإن كان الأذى الذي يحصل فيها مما لابد منه ، ولا تخلو منه طبيعة الرياضة ، وهو من أسباب تحصيل القوة ، والترقي في هذا الفن القتالي ، فلا حرج ، كما ذكرت في الفتوى السابقة ، أن المصارعة كانت موجودة في عهد النبوة ، وفعلها الصحابة ، بل النبي صلى الله عليه وسلم صارع ركانة .
ومعلوم أن المصارعة مظنة وقوع الأذى أو الضرر اليسير ، لكنه ليس هو المقصود ، فإن كان المقصود الأصلي إلحاق الأذى بالغير بغير حق ، وليس التعلم والتدرب على القتال فلا يجوز .
وكذلك إن غلب على الظن حدوث جناية على معصوم الدم ، وليس مجرد الأذى أو الضرر اليسير الذي يصاحب الرياضات العنيفة في العادة ، فلا يجوز ذلك كله .
وبهذا يعلم الجواب على السؤال الذي ذكر فيه أن من اللاعبين في هذه اللعبة ، من يقصد إهانة الخصم ، و كسر شوكة الغير فقط ، فهذا لا يجوز شرعا ، فالمسلم لا يهين أخاه ، بل ورد النهي عن ترويع المسلم لأخيه ، ففي مسند أحمد وسنن أبي داود مرفوعا ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ) ، ولا يحل لمسلم أن يتعمد إلحاق الأذى بأخيه المسلم قال تعالى ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) .
وقد أمرنا الله تعالى بأن نكون أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) .
وإنما جاز ما في هذه اللعبة من العنف الذي قد يؤدي إلى وقوع الأذى أحيانا بغير قصد ، لان مثل هذه الفنون القتالية لايمكن أن يتم تعلمها بغير ذلك ، فهي جزء من التدريب الذي يحصل به كمال القوة ، مثل تدريب الجند على الأعمال الشاقة ، وحرب الشوارع ، والمناورات بالذخيرة الحية ، والقفز بالمظلات ، ودخول النار ونحو ذلك .
وقد يحصل بسببها ما يحصل من المكروه مما ليس مقصودا بالأصل ، وإنما يحدث تبعا ، فلا حرج في ذلك كله ، ويغتفر مثل هذا في سبيل تحقيق مصلحة راجحة ، بل هذا أولى من تسامح الشرع بالمقامرة في السبق في الخف والحافر والنصل ، من أجل تحصيل مصالح الجهاد به ، مع أن الميسر من أشد المحرمات وقد قرن بالخمر والأنصاب والأزلام في القرآن ، وأولى من إباحة لبس الحرير في الجهاد ، وإباحة الكذب في الحرب ، ومشية الخيلاء ، فإن وقوع الأذى والجراح اليسيرة في التمرين على وسائل القوة المعينة على تكميل الجهاد ، أهون من إباحة ما تقدم من المحرمات التي هي من الكبائر في الاصل ، وإنما أبيحت إذا اقترنت بالجهاد في سبيل الله ، من أجل تحصيل مصلحة تكميل القوة الجهادية في الأمة المحمدية المجاهدة .
وهذا كله ظاهر فيما إذا قصد بهذه الفنون القتالية التقوي على الجهاد ، وإن لم يقصد ذلك فقد ذكرنا أن الأذى والضرر اليسير التابع ، لا يضر إن شاء الله تعالى ، لاسيما ودخول اللاعب في اللعبة يتضمن أصلا تنازله عن حقه فيما يصيبه ، لعلمه أن الإصابة لابد منها لتكميل القوة في هذه اللعبة ونحوها من الألعاب القتالية .
ويجوز لكم صلاة الجماعة في الصالة من أجل العذر المذكور في السؤال ، بل هو أولى من صلاتكم في المسجد لما يحصل بصلاتكم فيه من الرائحة التي تؤذي المصلين في المسجد .
هذا ومن التوفيق للخير أن ينوي المسلم بعمله المباح أن يكون وسيلة للطاعة ، فينوي بالرياضة أن يكون قويا ليكون مستعدا للجهاد إن تيسر له ، فيثاب على نيته وعمله ، كما في الحديث المتفق عليه ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى ) .
زادكم الله حرصا على الصلاة ، وعلى الالتزام بأمور دينكم ، وطاعة ربكم ، ووفقكم لخير الدنيا والآخرة آمين
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006