كيف يعرف الانسان نفسه من دينه إن كان يشعر بالايمان أحيانا والنفاق أحيانا؟

 

السؤال:


بسم الله الرحمن الرحيم ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ
جزاكم الله عنا خير ـ اما بعد نرجو منكم ان تجبونا كيف بعرف الانسان نفسه من دينه ادا كان يشعر بالاطمئنان للايمان احيانا ويشعر النفاق احيانا . والسلام عليكم ورحمت الله وبركاته

**********************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعــم القلوب ثلاثة أنواع :

قلب سليم.

وقلب مريض.

وقلب ميت .
-------------
الاول قلب المؤمن المسدد الذي يفعل الواجبات ويترك المحرمات ولايسمح للشيطان أن يستزله إلى المعاصي ، فإن وقع في زلة تاب واستغفر وشيكا.

وعلامة هذا القلب الخشوع في الصلاة ، والشعور بحلاوة الايمان ، وحب العمل الصالح ، وخفته على النفس ، والرضا بالتكاليف الشرعية والفرح بها ، وعلى قدر صحة القلب وسلامته يكون الشعور بهذه الامور ، يزيد وينقص بحسب ما في القلب من تقوى .
----------------------
الثاني قلب فيه إيمان وفيه مرض ، وفيه طاعة وفيه معصية ، وفيه خير وفيه شر، وهذا القلب فيه النفاق العملي مع الإيمان ، فيه شعب من هذا ، وشعب من هذا ، ولكنه معه أصل الإيمان ، وليس فيه النفاق الاعتقادي لانه هذا هو الذي يبطن الكفر .

وعلامة هذا القلب التثاقل عن الصلاة ، وعدم الشعور بحلاوة الايمان إلا أحيانا فقط ، واستثقال العمل الصالح لكنه يؤديه مع ذلك ، والشعور بمشقة التكاليف الشرعية عليه ، لكنه يريد فعلها لانه يعلم فائدتها، وهو يعظم الدين في الجملة ، ويحب الإسلام ، ويحب نصره ، ولكنه تغلبه شهواته بسبب مرض قلبه .
-------------------

ثم القلوب المريضة درجات منها مريض مرضا بسيطا ، ومنها مريض مرضا شديدا .

وبينهما درجات كثيرة ، يتفاوت الناس فيه تفاوتا كبيرا .
-------------
والقلب المريض قد يكون مريضا بالشبهات مثل اهل البدع والاهواء .
-----------
وقد يكون مريضا بالشهوات المحرمة ، مثل الزنا ، زنا النظر وزنا الفرج ، وأكل السحت ، وظلم الناس ، باللسان واليد .. إلخ ، فكلما إزداد العبد من الشهوات المحرمة زاد مرضه واشتد .

غير أنه يمكن أن يتعافي بأن يتوب و يأخذ حمية عن الشهوات فيتركها جملة وتفصيلا ، ويزداد من الطاعات والعمل الصالح حتى يعود قلبه صحيحا معافى معمورا بالتقوى فيلحق بالقسم الاول ، كما يتعافى الجسد بعد المرض.
-----------
والقلب الميت هو قلب الكافر ، فهذا أصلا لاحياة فيه ولهذا فهو لايريد اصلا أن يؤدي الاعمال الصالحة ، ولايرى معنى للايمان والعمل الصالح ، ويبغض التكاليف الشرعية إلا ما وافق هواه من هذه الامور فيفعلها لانها موافقة لهواه فقط .
----------------
وأكثر الناس من المسلمين ، لاتخلو قلوبهم من مرض مــأ ، لكنهم في الجملـة مسلمون يخافون الله في الجملة ويؤدون الفرائض بقدر استطاعتهم ، ويقوى عندهم الإيمان أحيانا ويضعف أحيانا ، وتغلبهم شهواتهم أحيانا ، ويغلبونها أحيانا ، فهم في صراع مع نفوسهم والشيطان ، تارة يغلبون وتارة يُغلبون .
----------
ومنهم من ينتصر قبل الموت ويصلح حاله ، فيختم له بالخير وفي الحديث ( الاعمال بالخواتيم ) .

ومنهم من يغلبه الشيطان فينقله إلى الكفر قبل الموت فيموت كافرا ولهذا حذر العلماء من الذنوب ، وبينوا أن الأحمق هو الذي يسوف التوبة ، لأنه لايدري فقد يحال بينه وبينها بموته ، أوبموت قلبه بسبب إدمان الكبائر.
----------
ومنهم من يبقى يخلط عملا صالحا وآخر سيئا حتى يموت ، فيكون تحت مشيئة الله إن شاء عذبه ثم أدخل الجنة بتوحيده ، وإن شاء غفر له ابتداء فأدخله الجنة .
---------
وعلى العبد أن يجاهد نفسه وهواه وشيطانه والدنيا ، يجاهد هذه الاربع حتى يخضعها للايمان والتقوى ، فتصبح تحت سلطان التقوى .

والمخذول من ترك هذه الاربع تغلبه حتى يعلو سلطانها عليه ، فيصبح اسيرا لهواه ونفسه وحب الدنيا ، سجينا لشيطانه ، ثم إنه إن طال أسره وسجنه ، فيوشك آسـره أن يخرج به إلى الكفر ، ويوشك سجّانه أن يجتال إيمانه ، ولهذا قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ) .
والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006