ما هو الضابط في الحكم على الشخص بانه من الخوارج ؟ |
|
السؤال:
السلام عليكم
فضيلة الشيخ ماهو الضابط في الحكم على شخص معين أنه من الخوارج ؟ و هل الخارجي هو من خرج على سلطان بغير وجه حق فقط ؟و هل من اتصف بصفه من الخوارج يطلع عليه أنه خارجي؟
ثم ماقولكم فيمن يقول بأنه الشيخ الألباني رحمه الله من أهل السنه لكنه اتصف أو أنه قال ببعض من أقوال المرجئه؟
*******************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
ثمة فرق بين الخوارج ، والبغاة على الامام الشرعي بغير تأويل ، والبغاة عليه بتأويل ، والخارجين على من لاإمامة له . فهذا أربعة أصناف :
الخوارج : ـــــــــ وهم فرقة عقدية ، لها اعتقادات ضالة ترجع إليها ، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :
( وإذا عرف أصل البدع فأصل قول الخوارج أنهم يكفرون بالذنب , ويعتقدون ذنبا ما ليس بذنب , ويرون اتباع الكتاب دون السنة التي تخالف ظاهر الكتاب - وإن كانت متواترة - ويكفرون من خالفهم ويستحلون منه لارتداده عندهم ما لا يستحلونه من الكافر الأصلي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم { يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان } ولهذا كفروا عثمان وعليا وشيعتهما ; وكفروا أهل صفين - الطائفتين - في نحو ذلك من المقالات الخبيثة ) انتهى . فمن اعتقد مايعتقدون كان خارجيا ، ومن كانت فيه شعبة من عقيدتهم ، يقال : وافقهم في بعض قولهم ، والناس مولعون هذه الايام بنسبة المخالفين إلى الفرق الضالة ، إمعانا في التنفير منهم ، اتباعا لاهواء التحزبات والتعصبات للجماعات والشيوخ ، فكل طائفة تريد أن تظهر فضلها على غيرها ، فيحملها ذلك إلى البغي والعدوان والظلم على الطائفة الاخرى بنسبتها إلى الفرق الضالة بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير .
ــــــ
القسم الثاني : ـــــــــــــ وهم البغاة بتأويل ، مثل ما حدث في صفين ، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وأما جمهور أهل العلم فيفرقون بين " الخوارج المارقين " وبين " أهل الجمل وصفين " وغير أهل الجمل وصفين . ممن يعد من البغاة المتأولين . وهذا هو المعروف عن الصحابة وعليه عامة أهل الحديث والفقهاء والمتكلمين وعليه نصوص أكثر الأئمة وأتباعهم : من أصحاب مالك وأحمد والشافعي وغيرهم . وذلك أنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق } وهذا الحديث يتضمن ذكر الطوائف الثلاثة ويبين أن المارقين نوع ثالث ليسوا من جنس أولئك ; فإن طائفة علي أولى بالحق من طائفة معاوية ) . انتهى
ومعلوم أنه قد صح الحديث ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية ) رواه البخاري من حديث أبي سعيد ، وتلك كانت فئةمعاوية رضي الله عنه وأرضاه ،ولكن قد مضى الاجماع على عدالة الصحابة رضي الله عنهم ، فإذن هو بغي بتأويل .
ومثل الذين يخرجون على الامام الشرعي لشبه قامت لديهم ، ولهذا قال الفقهاء لايجوز أن يقاتلهم الامام إلا بعد أن يراسلهم فإن ذكروا شبهة اوضحها ، أو منكرا نقموه أزاله ، فإن أبوا الدخول في الطاعة قاتلهم ، كما قال الامام ابن قدامة في المغني ( الخارجون عن قبضة الامام أصناف ، أحدها : قوم امتنعوا وخرجوا عن طاعته وخرجوا عن قبضته بغير تأويل فهؤلاء قطاع طريق ساعون في الارض بالفساد يأتي حكمهم في باب مفرد ، ثم ذكر الخوارج وقال : الذين يكفرون بالذنب ويكفرون عثمان وعليا وطلحة والزبير وكثيرا من الصحابة ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم إلا من خرج معهم ، ثم ذكر اختلاف الفقهاء هل هم كفار ويقاتلون قتال الكفار لهم أحكامهم ، أم يقاتلون قتال البغاة ولهم أحكام قتال البغاة ، ثم ذكر نوعا آخر ، فقال : قوم من أهل الحق يخرجون عن قبضة الامام ويرومون خلعه لتأويل سائغ وفيهم منعة يحتاج في كفهم إلى جمع الجيوش فهؤلاء الذين نذكر في هذا الباب حكمهم ثم ذكر جملة أحكامهم وقال : ولايجوز قتالهم حتى يبعث إليهم من يسألهم ويكشف لهم الصواب ، إلا أن يخاف كلبهم ( يعني عدوانهم ) فلايمكن ذلك في حقهم ، فأما إن أمكن تعريفهم عرفهم ذلك ، وأزال ما يذكرونه من المظالم وأزال حججهم ، فإن لجّوا قاتلهم حينئذ لان الله تعالى بدأ بالامر بالاصلاح قبل القتال ) انتهى .
ثم ذكر اتفاق العلماء على انهم لايتبع لهم مدبر ، ولا يجهز على جريح ، ولايقتل لهم أسير ، ولايغنم لهم مال ، ولا تسبى لهم ذرية ، وأن من قتل منهم غسل وكفن وصلي عليه ، وذكر شيخ الاسلام أن عدالتهم لاتسقط إن كان بغيهم بتأويل .
والمقصود أن الفرق بين الخورج والبغاة على الامام الواجب الطاعة ، فرق كبير جدا ، وإن كان يخلط بينهما من يخلط لجهله أو طمعا في موافقة السلطان في هواه بالظلم والطغيان والخروج على أحكام الشرعية نسأل الله تعالى أن يعافينا من الاهواء .
ـــــــــ
أما القسم الرابع : ـــــــــــــــــــ فهم الذين يخرجون على من لا إمامة له لظهور الكفر البواح منه ، فهؤلاء قد يصيبون من جهة اجتهادهم في القدرة والوقت المناسب لازاحة من لا تحل إمامته على المسلمين ، فينصرون ، ويكون لهم بذلك أجر عظيم ، إذ كان إزالة الكفر البواح من أعظم الجهاد ، ومن إنكار المنكر ، وقمع الفساد في الارض ،.
وقد يخطئون فيحبس عنهم النصر وتدور الدائرة عليهم ، فإن أخطأوا فهم من جنس من يخطيء من المجاهدين ، إن علم الله منهم اتباع الهوى ، وطلب الملك ، والجنوح إلى الانتقام لأنفسهم ، فعليهم من الله تعالى ما يستحقه أمثالهم ممن يطلب الدنيابالدين من أهل الاهواء . وإن علم الله منهم أنهم أجتهدوا يبتغون وجه الله ، فالله تعالى يغفر لهم خطأهم، ويثيب على حسن قصدهم ، وما بذلوه في نصر الدين ، والله يعلم المفسد من المصلح . أما الشيخ العلامة الالباني رحمه الله فهو من علماء الامة ، فلايذكر إلا بالخير ، وقد أخذ عليه أنه كان يقول بان الكفر الاكبر لايكون إلا اعتقاديا ، وأن تارك كل عمل الجوارح اختيارا لايكفر ، وهما من فروع مذهب المرجئة ، وجل من لايخطيء ، وما من إمام إلا وله زلة ، ومن غلبت حسناته على سيئاته ، وهبت سيئاته لحسناته، ولايحكم على من عرف بالسنة في عامة اعتقاده بنسبته إلى غير أهلها ، لانه أخطا في بعض المسائل العلمية المعروفة عن أهل السنة ، لو فعلنا لذلك لما بقي لنا أحد والله أعلم .
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006