متى يكون الاكره معتبرا وهل نستطيع ان الحكام في هذا العصر مكرهون على الحكم بشرع الطاغوت وموالاة امريكا |
|
السؤال:
الشيخ حامد السلام عليكم ورحمة الله تعالى
اما بعد فلقد القى احد الشباب في روعي شبهة تتعلق بحكم من يحكم شرع الطاغوت في هذا العصر بانه في حالة الاكراه والخوف يجوز تحكيم غير شرع الله بدليل ان النجاشي رغم اسلامه لم يجعل القران مادة للتشريع والحكم في مملكته لاستحالة ان توافقه الحاشية على هذا الامر فالخوف من فقد الملك كان سببا لاعراضه عن تحكيم الشرع واستدل ايضا بان يوسف عليه السلام حكم مصر بشرع حكامها الاولين ولم يغير هذه الاحكام !!! فهل نستطيع ان الحكام في هذا العصر واقعون تحت الاكراه الامريكي فيتعذر عليهم الحكم بشرع الله خاصة وان الله قد امرنا بتنفيذ التكاليف الشرعية بقدر استطاعتنا " اتقوا الله ما استطعتم""
مع الرجاء التفصيل في مسالة الاكراه ومتى يكون الاكراه حقيقيا بحيث يعذر المكره على ارتكاب محرم او ترك واجب شرعي
*****************
جواب الشيخ:
وعليكم السلام ورحمة الله
هذه الشبهة سخيفة جدا ، لانه من قال إن النجاشي كان يحكم بغير الشرع ، ومعلوم أن النجاشي أظهر الاسلام والموافقة على ما جاء به الرسول وما قاله الصحابة في حضرته ، ولم يبال بحاشيته ، ولم يكن ينقاد لأحد منهم أصلا ،ولكنه كان يعمل بما علمه حكما أمره الله تعالى ، ومالم يبلغه فهو معذور فيه , ولم تكن شرائع الدين قد اكتملت ، ثم إنه قد مات قبل ان تكتمل ، فقد أدى ما وجب عليه من العمل بما يبلغه من الشرع حتى لقي ربه ، فالقول بأنه ترك الحكم بالشريعة وحكم بالطاغوت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لانه فضل الملك على ذلك ، أو لأنه أكره من قبل حاشيته على هذا الكفر فرضخ لهم أنه كذب وقول قبيح ساقط لايقوله عاقل ، سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم ، ألا يستحي هذا المفتري من هذا القول الشنيع ، ألم يتبين له ما دلت عليه نصوص القرآن والسنة القطعية ، أن النجاشي لو ترك الملك لئلا يحكم بالطاغوت ، لكن ممن اشترى الاخرة وباع الدنيا ، وكان محمودا بذلك عند الله وعند المؤمنين ممتثلا بما أمر الله به كل المؤمنين ، وأنه إن فضل الملك مع التحاكم إلى الطاغوت على التحاكم إلى حكم الله تعالى فهو ممن اشتروا الدنيا وباعوا الاخرة ، سبحان الله كيف يخفى هذا على مسلم ، فما بالهم لايعقلون .ـ
----------------
وأما يوسف عليه السلام فحاشاه أن يكون قد حكم بخلاف حكم الله تعالى وقد ذكر الله في قصته أنه قال : ( إن الحكم إلا لله أمر إلا تعبدوا إلا إياه ) ـ
وحاشاه أن يكون قد رضي أن يشارك الملك في التحاكم والحكم إلى الطاغوت ، بل لم يقبل منصبه إلا بشرط أن يحكم فيه وفق هدى الله تعالى ،وكذلك الرسل لاتسير إلا على هدى الله تعالى ، ولاتتبع إلا وحيه ، وكيف يقول هذا المفتري الجاهل أن يوسف حكم بغير ما أنزل الله تعالى واقتحم هذا الكفر المستبين ، لانه كان يخاف من الملك ، وهو النبي ، ابن النبي ، ابن النبي ، ابن النبي ، الكريم بن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، وإنما كان هو الذي طلب أن يولى خزائن الارض ، ولم يكرهه الملك على شيء ، وإنما فعل ذلك بأمر الله تعالى ووحيـــه ، ولذلك قال تعالى بعد ذلك ـ ( كذلك مكنا ليوسف في الأرض ) ـ ومعنى التمكين أنه يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد ، فلا مكره له على شيء ، ومعلوم أن الانبياء لايخالفون الشرع في حكم الإكراه ، بل يصبرون على الهدى وإن قتلوا عليه ، لانهم قدوة يقتدى بهم والله تعالى عصمهم عن مخالفة وحيه في هذا الباب ، لئلا يختلط الحق بالباطل ، فمنزلتهم ليست كغيرهم ، بل إن الرخصة في المخالفة في الاكراه إنما هي لهذه الامة ، ولهذا في الحديث ( كان من كان قبلكم يؤتى بالمنشار فيفرق بينه ما بين لحمه وعظمه لايرده ذلك عن دينه ) ولهذا قال في الحديث ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) ـ
والخلاصة أن لايستدل بما ذكر إلا جاهل ، ممن في قلبه زيع ، فهو يطلب الشبه التي يهوّن بها جريمة حكّام الشرك والجور الذين يبدلون الشرائع مع أنهم قادرون على ترك زعاماتهم التي نصبوا أنفسهم فيها آلهة مع الله تعالى ينازعونه حقه في الحكم والتحاكم إليه ، ويشترون آخرتهم بمتاع الدنيا القليل ، ولكنهم استحبوا الحياة الدنيا على الاخرة والله لايهدي القوم الكافرين كما قال تعالى ( ذلك بانهم استحبوا الحياة الدنيا على الاخرة وأن الله لايهدي القوم الكافرين ) ـ وكذلك كل من يقترف شركا أكبر مؤثرا متاع الدنيا على الاخرة فهو كافر ، وإن لم يستحل ما فعل خلافا للمرجئة الضالة ، هذا فضلا عن المرخص في حال الاكراه أن يقول كلمة الكفر تحت التهديد الواقع ، وقلبه مطمئن بالإيمان لا أن يعيش دهره حاكما بالطاغوت متحاكما عليه فيفسد العباد ويهلك البلاد ، ويسلط الكفار على بلاد المسلمين ، ويواليهم ، ويعينهم على مخططاتهم ويوطىء لهم أرض الاسلام ، ويعينهم على قتل المجاهدين ، فهذا لايلتمس له عذر الاكراه إلا من هو مطموس على بصيرته ، أو راغب فيما يعطيه السلطان من فتات متاع الدنيا ليسكته ويتخذه شيطانا يمهد له كفره بالافتراء على الشريعية عافنا الله وحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن آمين والله أعلم
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006