لماذا لايكون التزام خطبة الحاجة بدعة ، وما حدود الوجه ؟

 

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله

1- كنت سألت فضيلتك عن التزام خطبة الحاجة في كل خطبة أو درس و قلت فضيلتك بالجواز
لورود الدليل , و لكني لم أفهم , فأنا أعرف أن النبي صلي الله عليه و سلم بدأ بعض الخطب
بدونها , فلماذا اذن لا يعتبر التزامها في كل خطبة محدث و بدعة ؟

2- ما حدود الوجه في الوضوء يا شيخ ؟ أقصد طولا من أسفل , هل مقدمة الذقن , أي أول
مكان ينبت منه شعر اللحية و يشاهده من يقف في مواجهة الرجل , أم الجزء الأسفل من الذقن
فوق الرقبة الذي لا يري اذا طأطأ الرجل رأسه ؟

جزاكم الله خيرا

*******************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله

من يجرؤ أن يصف شيئا فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو ندب إليه ، أو دلت عليه الادلة الشرعية ، بقوله إنه بدعة ، لكن علمت أن العلماء يقولون الافضل أن ينوع في العبادات إذا نوع النبي صلىالله عليه وسلم ، وفرق بين قولهم الافضل والاولى ، وبين وصف الفعل بأنه بدعة ، وذلك مثل ادعية الاستفتاح الافضل ان ينوع المصلي ليذكرها كلها لان ذلك ما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن إن اقتصر على أحد أدعية الاستفتاح فلا يصح بحال أن يوصف ذلك بأنه بدعة
ـــــــــ
ومن الامثلة على ذلك ، أن أبا هريرة رضي لله عنه كان لايدع صلاة الضحى ولايدع صيام ثلاثة أيام من كل شهر ،ولايدع الوتر قبل أن ينام ، بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يدع صلاة الضحى وأحيانا يصوم الشهر حتى يقال لايفطر ويفطر حتى يقال لم يصم منه شيئا ، وأحيانا ينام قبل أن يوتر ، ومعلوم أن ثمة أمور لاتحصى كان كثير من السلف من الصحابة والتابعين يحافظون عليها لانها تلائم ظروف حياتهم أو حببت إليهم لمناسبتها لشخصية الواحد منهم ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها ، ولكن دل عليها قوله أو فعله فصارت سنة ـ
ـــــــــــ
وأدلك على شيء نحن نفعله ، نحن نصلي في رمضان أول عشرين ليلة قيام رمضان بعد العشاء ، وآخر عشر ليال نصلي آخر الليل ، وأحيانا نصلي في العشر الاواخـر بعد العشاء ونزيد آخر الليل ، ومازال المسلمون يفعلون هذا من قرون ، ويختمون في شهر فيقرءون كل ليلة نحوا من جزء ، ولم ينكر هذا أحد من العلماء لانه مدلول عليه بنصوص كثيرة ، ولايشترط أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم داوم على هذا الفعل بهذا الشكل ، بل يشترط أن يكون مدلولا عليه ، وأما البدعة فهي الامور التي لم يدل عليها دليل شرعي .
ـــــــــــ
لكن إن سألت ما هو الافضل ، فنعم الافضل أن نصلي قيام رمضان كما صلى الصحابة نصلي من بعد العشاء إلى قريب السحر ، في رمضان كله ، كذلك كانوا يسبعون القرآن أي يحزبونه سبعة أحزاب فقط ، وليس ثلاثين جزءا ، وإنما أخذت الثلاثين من حديث اقرأ القرآن في شهر وغيره ، وجاء ذلك متأخـــرا .

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :

(( فَالصَّحَابَةُ إنَّمَا كَانُوا يحزبونه سُوَرًا تَامَّةً لا يحزبون السُّورَةَ الْوَاحِدَةَ كَمَا رَوَى { أَوْسُ بْنُ حُذَيْفَةَ قَالَ : قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ قَالَ : فَنَزَلَتْ الاحْلافُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي مَالِكٍ فِي قُبَّةٍ لَهُ قَالَ : وَكَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ يَأْتِينَا بَعْدَ الْعِشَاءِ يُحَدِّثُنَا قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يُرَاوِحَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ . ثُمَّ يَقُولُ : لا سَوَاءَ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ بِمَكَّةَ فَلَمَّا خَرَجْنَا إلَى الْمَدِينَةِ كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ نُدَالَ عَلَيْهِمْ وَيُدَالَوْنَ عَلَيْنَا فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةً أَبْطَأَ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَأْتِينَا فِيهِ فَقُلْنَا : لَقَدْ أَبْطَأْت عَنَّا اللَّيْلَةَ قَالَ : إنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبِي مِنْ الْقُرْآنِ فَكَرِهْت أَنْ أَجِيءَ حَتَّى أُتِمَّهُ . } { قَالَ أَوْسٌ : سَأَلْت أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تحزبون الْقُرْآنَ ؟ قَالُوا : ثَلاثٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَاحِدٌ } . رَوَاهُ أَبُو داود وَهَذَا لَفْظُهُ وَأَحْمَد وَابْنُ ماجه وَفِي رِوَايَةٍ لِلإمَامِ أَحْمَد قَالُوا : نحزبه ثَلاثَ سُوَرٍ وَخَمْسَ سُوَرٍ وَسَبْعَ سُوَرٍ وَتِسْعَ سُوَرٍ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ مِنْ ( ق حَتَّى يَخْتِمَ . وَرَوَاهُ الطبراني فِي مُعْجَمِهِ فَسَأَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَزِّبُ الْقُرْآنَ ؟ فَقَالُوا : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَزِّبُهُ ثَلاثًا وَخَمْسًا فَذَكَرَهُ . وَهَذَا الْحَدِيثُ يُوَافِقُ مَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي أَنَّ الْمَسْنُونَ كَانَ عِنْدَهُمْ قِرَاءَتَهُ فِي سَبْعٍ ؛ وَلِهَذَا جَعَلُوهُ سَبْعَةَ أَحْزَابٍ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ ثَلاثَةً وَلا خَمْسَةً وَفِيهِ أَنَّهُمْ حزبوه بِالسُّورِ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالتَّوَاتُرِ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ مَا جُزِّئَ الْقُرْآنُ بِالْحُرُوفِ تَجْزِئَةُ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِينَ وَسِتِّينَ . هَذِهِ الَّتِي تَكُونُ رُءُوسُ الاجْزَاءِ وَالاحْزَابِ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ وَأَثْنَاءِ الْقِصَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ وَمَا بَعْدَهُ )أ.هـ
والشاهد أن الصحابة كانوا يجعلون القرآن سبعة أحزاب فقط ، ويجعلونها تنتهي مع نهاية السور ، وليس كما هو الحال الآن ، ومع ذلك لايُعــد من قال رمضان كقيام المسلمين اليوم مبتدعا ، ولها نظائر كثيرا لايمكن حصرها، ولهذا ينبغي أن يحتاط المرء في إطلاق وصف البدعة ، ذلك أن البدعة ضلالة ، والضلالة ضد الهدى الذي أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم ، فهي أمر عظيم.

ـــــــــــــــــــــــ،
ومن الأمثلة أيضا الامام احمد رحمه الله إمام أهل السنة ، كان لايدع ثلاثمائة ركعة من النافلة في اليوم و الليلة فلما سجنه وضربه السلطان ، صلى مائة وخمسين ركعة في اليوم والليلة عملا بالنصوص التي حثت على الاكثار من الصلاة ، وهذا مشهور عن السلف ، أعني الاكثار من صلاة النافلة ، طلبا للنور الذي تثمره ، لحديث ( الصلاة نور ) ومن جرب هذا وجد أن كثرة الصلاة تسبب انبعاث نور وانشراح غير عادي في النفس ، ويُؤتى العبد بها فرقان وطمأنينة ، ولذلك صارت قرة عين ، كما في الحديث ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ـ
ــــــــــــ
والمقصود أن ما كان مدلولا عليه بالنصوص لايكون بدعة ، غير أن الكلام في الافضل والمفضول فقط ، وحينئذ فقد يكون المفضول من العمل بالنسبة لشخص بسبب ظروفه وأحواله أفضل ، وينعكس الامر مع غيره ، ومادام المسلم يعمل بما دل عليه الدليل فهو على خير، ولهذا صارت أبواب الجنة ثمانية ، ذلك أن الله تعالى نوع سبل الخير ، لان طبائع الناس وشخصياتهم تختلف ، فينجذب كل إلى ما يناسبه ، أما النبي صلى الله عليه فقد جمع الله تعالى له أبواب الخير ، ومن يطيق ما ما كان يطيقه صلى الله عليه وسلم ؟
ـــــــــــ
وحدود الوجه من منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية ومن الاذن إلى الاذن والبياض الذي بين العارض والاذن من الوجه ،وحينئذ فالجزء الاسفل من الذقن فوق الرقبة ليس من الوجه والله اعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006