ما رأيك بمن أنكــــر الاستشفاء بالقرآن ؟

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا حامد العلي

لدي سؤال بخصوص جواب ذكره الداعية الاسلامي المصري المعروف .... في قناة ...الفضائية .... حيث ان هذا الداعية قد ساله المذيع حول قضية التداوي بالقرآن الكريم وعن الذين يقرأون على المرضى .... فاجاب بان القرآن الكريم لا يشفي الا المؤمنين ولا تنفع قرآءته على غير المؤمنين وان الذي يحدث من قبل المعالجين بالقرآن ما هو الا بدعة لانهم يقرءون على اناس كثيرين منهم اناس مسلمين بالاسم ولكنهم لا يصلون ولا يصومون لذلك هم غير مؤمنين ولا تنفع معهم تلك القراءة والقرآن قال ان القرآن شفاء للمؤمنين وذكر الايات التالية حيث حدد القرآن الشفاء " للمؤمنين " :

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [ يونس الآية 57]

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً [ الإسراء الآية 82]

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ [ فصلت الآية 44]


في حين ان القرآن حدد ان العسل شفاء لكل " الناس " والدليل ان القرآن حدد ان العسل شفاء لكل الناس ولم يحدد " المؤمنين " مثل الشفاء بالقرآن :

ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [ النحل الآية 69]

الان هل ما قاله ........صحيح ام خطأ ؟

علما بان ......... ينكر تلبس الجني بالانسي .....

وان كان كلامه خطأ نرجوا منكم ان تزودونا برد علمي مؤصل على هذا الكلام وجزاكم الله خيرا ........

*************************

جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم يرد عليه هذا الحديث الذي رواه البخاري : ـ

‏عن ‏ ‏أبي سعيد ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
‏انطلق نفر من ‏ ‏أصحاب النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء ‏ ‏العرب ‏ ‏فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها ‏ ‏الرهط ‏ ‏إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء فقال بعضهم نعم والله إني ‏ ‏لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا ‏ ‏جعلا ‏ ‏فصالحوهم على قطيع من الغنم ‏ ‏فانطلق ‏ ‏يتفل عليه ويقرأ ‏ ‏الحمد لله ‏ ‏رب العالمين ‏ ‏فكأنما ‏ ‏نشط ‏ ‏من ‏ ‏عقال ‏ ‏فانطلق يمشي وما به قلبة قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فذكروا له فقال ‏ ‏وما يدريك أنها رقية ثم قال قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما فضحك رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم
============
وهذا الحديث صريح في أن الصحابي رقى كافرا وهو سيد ذلك الحي الذين أبوا استضافة الصحابة ، رقاه بفاتحة الكتاب وكان ملدوغا فنفعه الله بكلام الله تعالى ، وهذا لان نفس كلام الله تعالى له أثر في دفع ضرر السم ، والشفاء من الامراض ، لكن ذلك إنما يحصل بإذن الله لمن شاء الله أن يجعل القرآن سببا في شفاءه ـ
ـــــــــــــــ

‏قال ابن القيم : إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع , فما الظن بكلام رب العالمين ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها لتضمنها جميع معاني الكتاب , فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله ومجامعها , وإثبات المعاد وذكر التوحيد , والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة به والهداية منه , وذكر أفضل الدعاء وهو طلب الهداية إلى صراطه المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه , ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق والعمل به ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته وخال لعدم معرفته له , مع ما تضمنه من إثبات القدر والشرع والأسماء والصفات والمعاد والتوبة , وتزكية النفس وإصلاح القلب , والرد على جميع أهل البدع , وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من كل داء , انتهى ملخصا . ‏
================
أما الايات التي ذكرت أن القرآن لاينتفع به الظالمون والذين لايؤمنون ، فمعناها أنهم لاينتفعون بهدايته ، بل يزيدهم تكذيبهم بالقرآن ضلالا وخسرانا مبينا. ===================== لان القرآن العظيم له جانب أعظم وهو هدى وشفاء لمــا في الصدور من الضلالة والعماية عن الحق والهدى ، فهذا لاينتفع به من أعرض عنه وكذب به ، بل من قبله وأقبل عليه كما قال تعالى ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) وقال ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) . ======================= وله جانب آخر وهو قدرة شفاء ذاتية أودعها الله في كلماته يحصل بها إيذاء للشياطين ، وإبطال لسحرهم ، وشفاء من الامراض ، وهذا إنمــا يحصل بما فيه من شفاء لانه كلام الله تعالى ، ويدل على هذا أن الشياطين تندفع بل تحترق أحيانا بسماع القرآن ، وتخرج من المجنون مع أنه مجنون لايوصف بكفر ولا إيمان ، فيذهب ضرر الشياطين مع أنها كافرة بالقرآن ، وكذلك يندفع ضرر العين بقراءة القرآن مع أن العين قد لاتكون أصابت إنسانا بل أصابت متاعا أو زرعا، وكذلك سائر الشرور مثل الامراض والسموم ، تندفع بالقرآن لانه له هذه الخاصية الذاتية بإذن الله تعالى كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى . ============= وهذا لايمنع أن يكون تأثير شفاء القرآن آقوى مع إيمان من يستشفي به ، لان إيمانه وتعلقه بالله تعالى ، يضاف إلى شفاء القرآن فيكون أشد تاثيرا في الشفاء بإذن الله تعالى =========== ومعلوم أن إنكار تلبس الجني بالانسي بدعة ، ولم ينكر ذلك إلا العقلانيون العصريون مخالفين بذلك ما ورد في القرآن وصريح السنة والله أعلم . ================== وننوه إلى أن هذا الرد ليس تزكية لمراكز الرقية الشرعية ، فمنها ماهو قائم على ضوابط الشرعية ، ومنها ما ليس كذلك والله المستعان والله أعلم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006