سؤال عن الدعوة إلى اشهار الاحزاب السياسية

 


السؤال:

هل يجوز دعوة الاحزاب العلمانية الى توقيع على ميثاق اشهار الاحزاب السياسية ولا يتضمن هذا الميثاق النص على الالتزام باحكام الشريعة الاسلاميةفي كل ماتطرحه ، وانما يكتفي بمرجعية الدستور وهل تتعارض فتواكم الاخيرة مع رايكم السابق في جواز تداول الاحزاب للسلطة اذا كانت كلها في اطار الشريعه الاسلامية ملتزمة بثوابتها
افتونا ماجورين

*********************


جواب الشيخ:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله لايجوز دعوة الاحزاب العلمانية إلى التوقيع على أي ميثاق لايتضمن صراحة وبشكل أساسي وواضح الالتزام باحكام الشريعة الاسلامية ، ولايجوز أن يكون الدستور الحالي مرجعا لهذا الميثاق ، لانه يتضمن الاذن بسن التشريعات من غير الشريعة الاسلامية ،وذلك في مادته الثانية وهي كمايلي ( والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع ) ومعلوم أن نص المادة يبيح التحاكم إلى غير الله تعالى ، وهو كفر قال تعالى ( ولايشرك في حكمه أحدا ) وقال ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، غير أن الحكم على الفاعل يختلف عن الحكم على الفعل ، وليس هذا موضع بسط هذه المسألة ، وعلى أية حال مرجعية الدستور لاتكفي ، بل هي البلاء الذي يجب السعي لتغيير ما فيه مما يخالف الشريعة، فكل القوانين المخالفة للشريعة تستمد من المادة الثانية ، ولهذا لاتتبنى الاحزاب العلمانية الدعوة إلى الشريعة تمسكا بالدستور كما زعموا .
والفتوى الاخيرة وردت جوابا على سؤال عن حكم الدعوة إلى تأسيس الاحزاب السياسية وفق نظام لايلتزم التحاكم إلى الشريعة، فهي إذن غير ملزمة بأحكام الشريعة الاسلامية بأصل النظام ، فكيف يجوز إطلاق مثل هذه الدعوة ، ومع ذلك فقد قيدت الفتوى بما يزيل اللبس .
وأما تداول السلطة في نظام اسلامي يلتزم التحاكم إلى الشريعة الاسلامية وفق نظام لاحزاب تلتزم بهذا الثابت ، فهذه مسألة نظرية غير واقعة الان ، وبينا فيها أنه لايوجد في الشريعة مايمنع الدولة الاسلامية المتحاكمة إلى الشريعة من الاخذ بهذا النظام مادام ذلك في إطار الحكم بالشريعة وثوابتها التي أولها وأهمهما إلتزام الحكم بماأنزل الله تعالى في كل مناحي الحياة ، ولاتعارض بين هذا الرأي ، والفتوى الاخيرة التي تنزلت على واقع معلوم ، قد سأل فيه السائل عن حكم دعوة أحزاب علمانية رافضة للشريعة أصلا إلى التعددية السياسية قبل الزامها بتغيير عقيدتها والاقرار بوجوب التحاكم إلى الشريعة في كل شيء .
والواجب على من يدعو الاحزاب التي واقع حالها أنها تدين بما يخالف الشرع ، يدعوها إلى الاتفاق معه على شيء ، أن يعلن بوضوح يزيل كل لبس ، وقبل كل شيء ، يعلن أنه يطالبها بالالتزام صراحة بأن الشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع الوحيد ، ( فان أمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم )
أما دعوةالاحزاب العلمانية إلى الاتفاق على ميثاق يكون الدستور الحالي هو المرجع والاصل فيه، فلايجوز وليست المسألة اجتهادية من هذه الناحية ،لكنها اجتهادية مع فرض كون النظام اسلاميا، يتحاكم إلى الشرع في كل شيء ، ثم وجد ولي الامر مصلحةعامة في استعمال نظام تداول الاحزاب لادارة مصالح الامة وفق الشريعة .
فإن لم ترض الاحزاب التي دعيت إلى الاتفاق على ميثاق فيما بينها ، إن لم ترض بميثاق يتجاوز الدستور ويلتزم التحاكم إلى الشريعة في كل صغير وكبير ، ويلزمها بذلك ، ويرفض التحاكم إلى غير الله تعالى ، فهي الاحزاب التي وصفها الله ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لستم منهم في شيء ) فلسنا منهم وليسوا منا قال الحق سبحانه ( فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولاتتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لاحجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير) وهذا كله في غاية الوضوح ، ولم أكن أظن أن الاسلاميين بحاجة إلى مثل هذا السؤال .
وينبغي أن يعلم أن ثمة فرقا كبيرا ، بين أن يبتلى المسلمون بضررين مفروضين بواقع ليس لهم فيه يد ، فيضطرون إلى ارتكاب أدناهما لدفع أشدهما ، كما لو كان نظام الاحزاب مفروضا أصلا ،فيضطرون لتنظيم حزب يدفعون به ضررا أكبر على الدين ، إن ترجحت مصلحة دخولهم العمل السياسي في صورة حزب على المفسدة من ترك ذلك ، بين هذه الصورة وأن يكونوا هم المطالبين بحصول الضرر الاكبر، ويسعون لتحقيقه، والفرق بين الصورتين في غاية الظهور ولايجوز الخلط بينهما ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل .


الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006