حكم رؤية المرأة المعتدة للرجال؟ |
|
وعليكم السلام
لاداعي للحيرة
بالنسبة لرؤية الرجال لاشيء يختلف بالنسبة للمعتدة .
ما كان مباحا قبل الإحـداد هو مباح في فترة الإحــداد.
وما كان محرما فهو محرم
إنما الممنوع في فترة الإحــداد ثلاثة أمــور فقط :
الطيب ،
الزينة ،
والخروج ليلا إلا لضرورة ونهارا إلا لحاجــة
أما ما سوى ذلك فلا يتعلق بالإحــداد، ما كان مباحا من كلام المرأة مع الرجال بحشمة ومن غير خلوة ولاريبة فهو مباح دائما في الحداد وقبــله .
وما هو محرم فهو محرم ، سواء السائق أو الأقارب غير المحــارم أو غيرهم .
قال في المغني معددا ما تجتبنه المرأة في الحداد :
" الطيب ، ولا خلاف في تحريمه عند من أوجب الإحداد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(لا تمس طيبا إلا عند أدنى طهرها, إذا طهرت من حيضها بنبذة من قسط أو أظفار) متفق عليه وروت زينب بنت أم سلمة قالت: (دخلت على أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفى أبوها أبو سفيان, فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية, ثم مست بعارضها ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر, أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا) متفق عليه
ثم قال :
" اجتناب الزينة وذلك واجب في قول عامة أهل العلم منهم ابن عمر وابن عباس, وعطاء وجماعة أهل العلم يكرهون ذلك وينهون عنه وهو ثلاثة أقسام: أحدها الزينة في نفسها, فيحرم عليها أن تختضب وأن تحمر وجهها بالكلكون وأن تبيضه بأسفيداج العرائس, وأن تجعل عليه صبرا يصفره ( هذه كانت مثل الماكياج في هذا العصر ) وأن تنقش وجهها ويديها وأن تحفف وجهها, ومــا أشبهه مما يحسنها وأن تكتحل بالإثمد من غير ضرورة وذلك لما روت أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المتوفى عنها زوجها, لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق ولا الحلي, ولا تختضب ولا تكتحل) رواه النسائي وأبو داود وروت أم عطية, أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تحد المرأة فوق ثلاثة أيام إلا على زوج فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا, ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ولا تكتحل, ولا تمس طيبا إلا عند أدنى طهرها إذا طهرت من حيضها بنبذة من قسط أو أظفار) متفق عليه وعن أم سلمة, قالت: (جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها, أفتكحلها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا مرتين أو ثلاثا) متفق عليه
ثم قال :
"المبيت في غير منزلها وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها عمر, وعثمان رضي الله عنهما وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة, وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي, وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار, بالحجاز والشام والعراق, ومصر "
ثم قال : " ولنا ما روت فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري (أنها جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته أن زوجها خرج في طلب أعبد له, فقتلوه بطرف القدوم فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه, ولا نفقة قالت فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كيف قلت فرددت عليه القصة فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي, فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به) رواه مالك, في موطئه والأثرم وهو حديث صحيح, قضى به عثمان في جماعة الصحابة فلم ينكروه .
إذا ثبت هذا فإنه يجب الاعتداد في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة به سواء كان مملوكا لزوجها, أو بإجارة أو عارية لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- (قال لفريعة: امكثي في بيتك) ولم تكن في بيت يملكه زوجها وفي بعض ألفاظه: (اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك) وفي لفظ: (اعتدي حيث أتاك الخبر) فإن أتاها الخبر في غير مسكنها رجعت إلى مسكنها فاعتدت فيه وقال سعيد بن المسيب, والنخعي: لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها اتباعا للفظ الخبر الذي رويناه ولنا قوله عليه السلام: (امكثي في بيتك) واللفظ الآخر قضية في عين والمراد به هذا, فإن قضايا الأعيان لا عموم لها ثم لا يمكن حمله على العموم فإنه لا يلزمها الاعتداد في السوق والطريق والبرية إذا أتاها الخبر وهي فيها.
فإن خافت هدما أو غرقا أو عدوا أو نحو ذلك, أو حولها صاحب المنزل لكونه عارية رجع فيها أو بإجارة انقضت مدتها أو منعها السكنى تعديا, أو امتنع من إجارته أو طلب به أكثر من أجرة المثل أو لم تجد ما تكترى به, أو لم تجد إلا من مالها فلها أن تنتقل لأنها حال عذر ولا يلزمها بذلك أجر المسكن, وإنما الواجب عليها فعل السكنى لا تحصيل المسكن وإذا تعذرت السكنى, سقطت ولها أن تسكن حيث شاءت "
ثم ذكر أن للمعتدة أن تخرج فيي حوائجها نهارا : لما روى (جابر قال طلقت خالتي ثلاثا فخرجت تجذ نخلها, فلقيها رجل فنهاها فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال اخرجي, فجذي نخلك لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيرا) رواه النسائي, وأبو داود وروى مجاهد قال: (استشهد رجال يوم أحد فجاءت نساؤهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقلن يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نستوحش بالليل, أفنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم, فلتؤب كل واحدة إلى بيتها)
وقال : " وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلا إلا لضرورة لأن الليل مظنة الفساد, بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش وشراء ما يحتاج إليه وإن وجب عليها حق لا يمكن استيفاؤه إلا بها, كاليمين والحد وكانت ذات خدر بعث إليها الحاكم من يستوفى الحق منها في منزلها, وإن كانت برزة جاز إحضارها لاستيفائه فإذا فرغت رجعت إلى منزلها " أ.هـ.
والله أعلم