عن كوكب نيبيرو؟ |
|
السؤال:
كثر الكلام على مرور كوكب نيبيرو وأن علماء الفلك يقولون سيحدث تأثيرات كبيرة على الارض ومن قائل سيغير ماديات الحياة ، ومن قائل سيعيدنا إلى ما قبل الحضارة ، ومن قائل سيغير الواقع السياسي وتسقط امريكا ، ومن قائل سيؤذن بقرب ظهور المهدي ، ومن قائل ستنتهي الحياة على كوكب الارض ، فالرجاء بيان الحكم الشرعي في هذا كله ؟
********************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
يجب على المسلم أن يتقين ثلاثة أمور عندما يسمع مثل هذه الأخبار :
الأول : تصور كيفية نهاية الحياة جزء من عقيدتنــــــــا :
****************************
الأمر الأول هو أن نهاية الحياة في الأرض لن تكون بحال من الأحوال إلا وفق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن نهاية التاريخ لن تحصل قبل ظهور علامات الساعة الصغرى والكبرى كلها ، ومن ذلك أن يتصارع أهل الحق وهم أهل الإسلام مع أهل الشر والباطل ، وهم كل الذين يعادون دين الحق دين الإسلام ، ويسعون لإطفاء نوره .
وأن ثمة محطتين بارزتين في هذا الصراع ستقع قبل نهاية الحياة :
**الأولي صراع أهل الإسلام مع أهل الصليب كما صح في الأحاديث التي ذكرت ملاحم آخر الزمان .
**والمحطة الثانية هي صراع أهل الإسلام في وقت نزول عيسى عليه السلام مع الدجال وأتباعه من اليهود ، ثم يخرج يأجوج ومأجوج ، ويموتون مؤتـة رجل واحد.
ثم يحكم أهل الإسلام الأرض ، ثم يموت كل من في قلبه مثقال ذرة من إيمان بريح باردة تقبض أرواح المؤمنين ، ثم لاتلبث الساعة بعد ذلك أن تقوم وشيكا على شرار الخلق متفرقين على كوكب الأرض ، لان الكون لا يخرب وعلى الأرض مؤمن ، فإن انعدم الإيمان خربت ، إذ الإيمان بالله سبب بقاء الحياة .
والحاصل أنه لا يجوز أن يعتقد المسلم أن نهاية الحياة ستكون بخلاف ما ذكر في النصوص الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
***الامر الثاني : الكواكب ليس له أثر في سعادة الناس او شقاءهم أوتوجيه حياتهم : الأمر الثاني هو أنه لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن الكواكب تهب النفع ، أو تدفع الضر ، أو يحصل بها الرزق أو هي التي تهب السعادة ، وتأتي بالشقاء ، وتوجه حياة البشر ، ونحو ذلك ، فهذه عقيدة شركية كان يعتقدها أهل الجاهلية وصح في الأحاديث أن من اعتقدها كفر ، وبهذا يعلم أن ما يزعمه كهان الأبراج كله كذب وكفر وشرك بالله تعالى ، كما يفعله الآلوسي الدجّال على بعض القنوات الفضائية .
فالكواكب ليست سوى أجرام مسخرة تسير بقدرة الله تعالى ، وتؤدي دورها في الكون ، وهذا لا يمنع أن يكون سيرها وفق نواميس أقام الله تعالى الكون عليها ، ويحصل بها تأثر فيما بينها ، ويترتب علي هذا التأثر ، حصول الكوارث والمصائب والزلازل ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه أنه بسبــب كون الكسوف يؤثر على الأرض قال صلى الله عليه وسلم ( آية يخوف الله بها عباده )أ.هـ بمعنى أنها تدل على قرب حدوث أمر مقدر من الله تعالى فيه تخويف وتذكير من الله تعالى ، تذكير بقدرته البالغة ، وتذكير بنهاية الحياة ، وتذكير للإنسان أن لا يطغى وأن يتذكر دائما أنه على أرض الله التي لو شاء لزلزها من تحت رجلـــيه ، فلا يستطيع صرفا ولانصــرا .
ولهذا عادة ما تحدث الزلازل بعد الكسوفات ، وكذلك الأعصاير المدمرة ، نعوذ بالله من غضبه ، كما ذكر رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من القمر لان له تأثيرا وإلا لما استعاذ منه ، وإنما تأثيره من جنس تأثير المؤثرات الحسية التي خلقها الله وخلق تأثيراتها .
ومادام المسلم يعتقد أن ذلك يحصل كله بتقدير الله تعالى ، وأنها آيات يخوف الله بها عباده ، فلا ضير ، لكن يجب أن تكون معرفة علاقة سير الكواكب، والشمس ، بحركة سير الأرض ، وطبقات الأرض ، وحركة الرياح فيها ، مبينا على أسس علمية ، كما تكتشف علاقات قوانين الطبيعة مع بعضها ، والإسلام لــم يحرم بل أمر باكتشاف قوانين الكون التي خلقها الله تعالى لتسييره .
الأمر الثالث : لا يجوز إنزال أحاديث اشراط الساعة على حوادث الزمان بالتخمين والتخرص :
******************
الأمر الثالث هو أنه لا يجوز للمسلم أن ينزل الأحاديث التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما سيحدث فيما سيأتي من الزمان ، على كلام علماء الطبيعة والفلك ، الذين قد يكون كلامهم تخريصا أو تخمينا أو توقعات لاتلبث حتى يُعلم خطؤها ، فلا يصح أن يجزم أحد من الناس بقوله : إن زوال أمريكا ، أو خروج المهدي ، أو تغيير النظام العالمي ، أو موازين القوى في العالم ، سيحدث بمرور كوكب يحدث تأثيرات كارثيّة على الأرض ،في هذا العام ، أو غيره .
ومن جزم بهذا فهــو متخرص ، قائل بغير علم ، متهجم على الغيب بغير حق ، فأما إن كان الكلام في دائرة ذكر الإمكان ، وما يمكن أن يقع ، فما هو ممكن الوقوع كثير ، ولكن لا يعلم ما سيقع ، ومتى يقع إلا الله تعالى وحده .
هذا وقد أمرنا في شريعة اله ، أن نجاهد أعداءها بإيماننا بالله وتوكلنا عليها أولا ، ثم بما أوتينا من قوة ، وأن نسعى أن نتفوق علي أعداءنــا ، أو أن نساويهم ، ولا أقل من أن نقاربهم ، فيما يملكون من أسباب القوة المادية والمعنوية ، ولا نتكل على حصول الكوارث على أعداءنا .
وقد علمنا من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، أن نواجه الأعداء بتوكلنا على الله أولا ، ثم بما آتانا الله من إيمان عميق بعقيدتنا ، وعزيمة أكيدة على حقنا ، وصبر متواصل على طريقنا ، وإصرار بغير حدود على رسالتنا ، وجهاد دؤوب يستمر عبر الأجيال حتى نصل إلى أهدافنا ، وهدفنا الأعلى وهو قيادة البشرية إلى الهدى والنور ، لتستمع البشرية برسالة الرحمة التي بعث بها نبينا صلى الله عليه وسلم ، وذلك كما فعل صلى الله عليه وسلم في حياته ،ولنا فيه الأسوة الحسنة .
وبعد هذا نقول إن كل ما ذكره هذا المتكلم عن كوكب ( نيبيرو ) لا قيمة له حتى يثبت بأسس علمية صحيحة ، أن هذا الكوكب سيحصل بمروره قرب الأرض تأثيرات كارثة ، ثم إذا ثبت ذلك ، فالواجب علينا أن نتمسك بالثوابت الثلاثة التي ذكرتها آنفــا ، ثم اللجوء إلى الله تعالى ، والتوجه إليه بالدعاء أن يجنبنا البلاء ، وإذا وقع أن يرفعه عنا ، ويجعل عاقبته خيرا لنا ولاهل الإسلام
مع أن غالب الظن أن هذا الكلام على الكوكب المذكور ، كله تخرّص ، لاأساس له من الصحة ، أو هو مبالغ فيه ، والاهتمام به ، ليس من الحكمة في شيء .
والله اعلم .
الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006